تراجعت أرصدة البنوك المصرية المستثمرة فى الخارج خلال شهر مايو الماضى بما قيمته 40 مليار جنيه مقارنة بأبريل، حسب آخر تقارير البنك المركزى، ليبلغ إجمالى قيمة تلك الأرصدة نحو 58.321 مليار جنيه بمعدل تراجع بلغ 40.7% مقابل ارتفاعها بنسبة 12.3% فى الشهر الذى يسبقه. هانى جنينة المحلل الاقتصادى ببنك الاستثمار «فاروس» أرجع الانخفاض الكبير فى أرصدة البنوك فى الخارج، إلى التراجع فى حجم استثمارات البنوك فى أذون الخزانة العالمية والأسواق الدولية، وهى الاستثمارات الأساسية التى توظف فيها البنوك أموالها، أملا فى تحقيق عائد مناسب، مع توزيع المخاطرة بين أكثر من استثمار. «سوق الاستثمار غير المباشر فى الخارج تعرضت لخسائر كبيرة، فى الشهرين الماضيين، وهو ما انعكس على الأموال المستثمرة فى تلك الأسواق وقد ظهر عندنا فى السوق المحلية، فقد تراجع الاستثمار فى أذون الخزانة المحلية بنحو 10 مليارات جنيه فى شهر مايو»، تبعا لجنينة. ويعطى جنينة تفسيرا آخر لتراجع أرصدة البنوك فى الخارج فى شهر مايو، التى تظهر فى بند منفصل فى ميزانيات البنوك، وهى أزمة الاقتصاد اليونانى، «التراجع قد يكون ناجما عن خسائر تكبدتها بنوك مصرية، كانت تستثمر فى بنوك عالمية تأثرت بأزمة الاقتصاد اليونانى»، على حد قوله. وكان نائب محافظ البنك المركزى هشام رامز، قد أشار فى وقت سابق إلى خروج نحو 17 مليار دولار من السوق المصرية منذ بداية الأزمة حتى بداية أبريل الماضى نتيجة الأزمة المالية العالمية، وما حدث من ارتباك فى السوق العالمية والأوروبية من جراء تلك الأزمة. واعتبر جنينة استثمار البنوك جزءا من محافظها فى الخارج محمودا لأنه يضمن تنوع الاستثمار ووسيلة لتوظيف موارد النقد الأجنبى لدى البنوك فى استثمارات بالعملة الاجنبية مما يضمن قدرة البنوك على سداد ما عليها من التزامات بنفس العملات. «هذا المنطق الاستثمارى لم تتبنه دبى مثلا وكان جزءا من مشكلة ديونها، فقد وظفت كل مواردها فى الاستثمار العقارى»، تبعا لجنينة. من جانبها، قالت بسنت فهمى مستشارة بنك البركة فى مصر، إن تراجع أرصدة البنوك فى الخارج، بهذا النحو، يعود إلى تراجع تصنيف الجدارة الائتمانية لعدد من الأسواق التى كانت مصر تقبل على الاستثمار فيها من قبل مما أضعف جاذبيتها لمصر. محمد النادى مساعد مدير إدارة الاستثمار بالمصرف العربى الدولى، أشار إلى أن سببا آخر يعتبره أساسيا فى تراجع أرصدة البنوك فى الخارج، وهو التذبذب الذى حدث فى سوق الصرف فى الشهور الأخيرة، فقد تراجعت قيمة الاستثمارات المقومة باليورو مثلا، بشكل كبير، كما حدث تراجع للجنيه أمام الدولار، فقد ارتفع نحو 20 قرشا فى الفترة الأخيرة. كان سعر اليورو قد شهد أدنى مستوى له فى منتصف مايو الماضى منذ 18 شهرا، أمام الدولار وتراجع مقابل الجنيه بنحو 3.9% فى ذلك التوقيت. ويشير النادى إلى أن استثمار البنوك المصرية، عوائده من النقد الأجنبى، فى الخارج، لا مفر منه، حيث إن الفائدة على استثمارات النقد الأجنبى فى الداخل ضعيفة للغاية.