لاختيار رئيس اللجنة.. مجلس النواب يبدأ انتخابات اللجان النوعية    رئيس جامعة حلوان: حريصون على تعزيز الوعي لدى الطلاب وحمايتهم من الشائعات    الحوار الوطني يدعو المصريين للمشاركة بآرائهم بشأن قضية الدعم العيني    إحنا بخير    زراعة عين شمس تحصد المركز الأول في هاكاثون الابتكارات الخضراء    تحسين معدلات الأداء    منافذ حياة كريمة توفر اللحوم المخفضة في 4 مناطق جديدة بالجيزة لتخفيف الأعباء عن المواطنين    استقرار أسعار الحديد والأسمنت: فرصة جديدة لانتعاش سوق البناء في مصر    أسهم أوروبا تستهل تعاملاتها على ارتفاع بقيادة مكاسب قطاع الطاقة    جدول حركة الطيران اليوم.. اعرف التعديلات وأحدث مواعيد الرحلات    السلم الإقليمى على المحك    بالفيديو.. غارات إسرائيلية مكثفة على قطاع غزة    الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل وتهريب لكميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    الجيش الإسرائيلي يدعو السكان في 24 قرية أخرى بجنوب لبنان إلى إجلائها    مصدر ليلا كورة: الأهلي يطلب السعة الكاملة لاستاد القاهرة قبل مباراة العين    أرتيتا: الفوز على سان جيرمان يعزز من ثقة لاعبي أرسنال.. ووضعنا بصمتنا    شوبير يكشف حقيقة سفر كولر دون إذن الأهلي ويوضح تفاصيل الخلافات    مفاجأة.. الأهلي يدرس فسخ عقد نجم الفريق    تقفز من الطابق الرابع هرباً من تعدي زوجها عليها بأكتوبر    حي شرق يشن حملات لإزالة التعديات على الطريق بالإسكندرية    ''العدل'' تصدر قرارا بإنشاء 12 دائرة جنايات بالاستئناف    ضبط شركة إنتاج فني تدار دون ترخيص بالقاهرة    اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم إقليم أسيوط بمقبرته بجبل أسيوط الغربي    بالفيديو.. مدير مهرجان الإسماعيلية: حظينا بمشاركات عدد من الفرق من جميع ربوع مصر    الليلة.. أوبريت "على أرض مصر" في افتتاح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    أذكار الصباح والمساء مكتوبة باختصار    المستشفيات التعليمية تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى| صور    «الداخلية»: ضبط 16 متهمًا خلال حملات أمنية على حائزي المخدرات في 9 محافظات    «الداخلية»: غلق كلي لشارع عزيز أباظة في الزمالك لمدة 10 أيام (التحويلات المرورية)    الزمالك: نتمنى مواجهة ريال مدريد في لقاء سوبر أوروبي أفريقي    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    إلهام شاهين عن الهجمات الإيرانية على إسرائيل: «أكره الحروب وأنادي بالسلام»    «الأعلى للثقافة»: جائزة المبدع الصغير تهتم باكتشاف المواهب حتى 18 عاما    قوة ناعمة جديدة    أيمن يونس: عمر جابر كان يستحق التواجد في منتخب مصر    توفير الاحتياجات الدوائية    «المستشفيات والمعاهد التعليمية» تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى    استدعاء أهل فتاة تخلصت من حياتها حزنًا على وفاة والدها بالمرج    مع عبدالناصر والعالم أربع ساعات يوميًا لمدة ستة أشهر    تداول 58 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    رئيس هيئة سلامة الغذاء يبحث مع المسئولين العراقيين تعزيز التعاون المشترك    الأعلي للجامعات يعلن نتيجة اختبارات الدبلومات والمعاهد للقبول بكليات الزراعة    وزير الرى يلتقى سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون بين مصر وأمريكا    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مصر تمثل محورًا إقليميًا لتطوير خدمات الصحة    طريقة عمل كيكة البرتقال، باحترافية وبأقل التكاليف    «الإفتاء» توضح حكم الشرع في إهمال تعليم الأبناء    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    الأوقاف تختتم مبادرة «خلقٌ عظيمٌ» بمجلس حديثي في مسجد الإمام الحسين.. الخميس    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446 هجريا.. اليوم    إعلام إيراني: أول استخدام لصاروخ فتاح الفرط صوتي في الضربة على إسرائيل    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    محمود فايز عن دوره في "انترفيو": "متعرفش تحدد هو كويس ولا وحش واتضربت كتير"    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم أولوية الدولة والتربية أولوية المجتمع
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 08 - 2010

ظل التعليم فترة طويلة مسئولية وزارة يطلق عليها «المعارف العمومية»، تساندها بعض الجمعيات الخيرية التى آمنت بأهمية التعليم لشعب يريد النهوض.
وكانت مراحل التعليم تبدأ من الأولية (أو ما يناظرها فيما بعد من رياض الأطفال) وصولا إلى إتمام الدراسة الثانوية لينتقل من يشاء من خريجيها إلى التعليم العالى الذى بدأ فى شكل معاهد عليا، منها ما كان يعنى بإعداد العاملين فى الحقل التربوى اللازم لتزويد المنظومة التعليمية بمعلمين ومعلمات، مفسحة بذلك مساحة للمرأة تخدم فيها مجتمعا كان يضيق الخناق عليها فى التخصصات الأخرى، حتى الصحة التى ظلت مشاركتها فيها من قبيل المهن الحرة التى تنتقل من جيل إلى آخر.
وكان للجهد المدنى الفضل فى إنشاء أول جامعة مصرية سرعان ما بسطت الدولة عليها سلطانها ولم تبخل عليها بما يلزمها من موارد، فى مقدمتها الموارد البشرية. وحين كان للتعليم الرسمى (الميرى) شأنه كان يتلقف المتعثرين فيه، علميا أو ماديا، مدارس خاصة ترضى بأجور بسيطة لتفتح مجالا لبعض التلاميذ وبعض المعلمين.
ويحلو للبعض أن يضيف إلى تلك المنظومة «الكتاتيب» بقدرتها على النفاذ إلى الأزقة والكفور والنجوع، لتقود الصغار إلى عالم الحروف والأرقام، وتلقنهم أصول دينهم وإجادة تلاوة آيات من الكتاب الحكيم.
وكانت لشخصية سيدنا وعصاه التى لا تضل طريقها لكل من يخطئ ذكرى لا تمحوها الأيام، لأنها كانت توفر قدرا من التربية يستعين به الآباء فى ترويض الصغار ليصبحوا كيانات يسهل اندماجها معا فى مجتمع كانت له نواميسه الثقافية المتوارثة أبا عن جد.
ومع التغير الذى أصاب الدولة، تغير اسم الوزارة من «المعارف» إلى «التربية والتعليم»، لكى تمتد المنظومة التعليمية إلى مساحة تربوية تتفق مع أمرين: الأول امتداد التعليم بجميع مراحله إلى جميع فئات المجتمع وهو ما كان يتطلب تنظيم تناغم مجموعات تتباعد المسافات الاجتماعية بين أفرادها، والثانى تعويض النقص فى إعداد الآباء أنفسهم لاستيعاب مفاهيم التقدم والتحديث، وإعداد الجيل الناشئ لمهام التنمية التى كانت هى الثمرة المنشودة من تخليص المجتمع من آفات التخلف التى غرسها الاستعمار، خاصة فى ظل الثنائية التى حرص على ترسيخها تحت مظلة الامتيازات الأجنبية لتتيح للأجانب فرصا للعمل اللائق والدخل المرتفع، كانت حراما على أصحاب الحق من المواطنين. ومع تصاعد المد الوحدوى العربى، كان لابد من مراجعة شاملة للمواد التعليمية لتهيئ الشباب لمفهوم المواطنة العربية.
ولسنا بصدد تقييم مدى النجاح فى ابتداع آليات تناسب تلك الأهداف العريضة، ولكننا نود إبراز عدد من التغييرات التى أدخلت على المنظومة التعليمية، انحرفت بها عن تلك الأهداف، ووجهتها لأهداف بديلة تسربت إلى مراكز اتخاذ القرار محدثة انقلابات غير معلنة على كل ما تبنته ثورة يوليو من أهداف رغم استتارها وراء راياتها على سبيل التضليل.
فبدون استناد إلى أى تبرير بيداجوجى دقيق بدأ العبث بسنوات التعليم فى فترة عمرية تعرضت لقلق حول أوضاعها ومصائرها. وشنت حرب طاحنة حول مفاهيم استقرت على المستوى العالمى الذى يرعاه اليونسكو والألكسو بشأن مجانية التعليم. وفقد المعلم مكانته الاجتماعية، لتصبح مهنة التعليم مهنة منفرة، بينما غزاها كل من هب ودب فى مستنقع الدروس الخصوصية.
واستحدثت صنوف من التعليم باسم الإسلام تارة وباسم اللغات الأخرى لتدور حرب خفية بين فئات انحرفت بالتعليم إلى مسرحٍ لإعادة تشكيل المجتمع من باب خلفى. وتعرض التعليم العالى إلى ضربات قاصمة بدوره ليتحول أساتذته إلى «أستاذ شنطة» تحمل أوراقا يستعين بها فى جنى قروش معدودات بالمشاركة فى مؤتمرات وندوات تحولت إلى مكلمات بلا مضمون، بل الأدهى أنها كثيرا ما كان مضمونها يندرج تحت عنوان السرقة الفكرية.
وعندما دعا السادات إلى التوسع فى فتح جامعات إقليمية، دفعتنى ندرة العناصر الصالحة للتدريس إلى رجاء أستاذنا عبدالمنعم الشافعى، النموذج فى غزارة العلم وسمو الأخلاق، بإعفائى من لجنة الفحص العلمى لمؤهلات المتقدمين لوظيفة تدريس علم الإحصاء فى جامعات يكونون مسئولين عن إنشاء أقسام جديدة لها، لضآلة الكثير مما قدموه. وتتوالى الكوارث فى جامعاتنا الخارجة عن التصنيف الدولى، معبرة عن كون الاشتغال بالتعليم دون التأهل له هو تجسيد لفقدان حسن التربية فى المعلم والمتعلم معا، بل وتكريس لسوء التربية وهو مفتاح الفساد.
إن مفهوم إكساب التعليم أولوية لا يعنى مجرد حصوله على نسبة أعلى من موازنة هزيلة، وليس مجرد نظرة إليه كعملية لها مدخلات ويترتب عليها مخرجات تقاس بمدى صلاحية الخريجين لسوق عمل كليلة وقليلة.
الأولوية لا تعنى الاستئثار، بل تدعو إلى استحضار التعليم فى مناقشة مختلف إستراتيجيات العمل وبرامجه، بدءا بالإستراتيجية العامة للتنمية (شريطة أن توجد أولا) وعند معالجة مختلف شئون الحياة. وتحمّل الدولة المسئولية لا يعنى انفرادها بشئونها، بل لا بد من رسم خريطة تشارك فيها كافة تشكيلات المجتمع، سواء الأسرة أو وحدات المجتمع المدنى وقطاع الأعمال.
غير أن فاعلية هذه المنظومة رهن بتوفر البيئة القادرة على استيعاب نواتجها وتوفير متطلباتها ومساندة خطاها. وهنا يأتى دور السلوكيات التى تحكمها تربية قويمة. وإذا كان المجتمع قد مر فى العقود الأخيرة بخطى تطور انتقلت به من حيث كانت المدرسة هى أداة التخلص من حالة الجمود فى وضع التخلف، بل والنهوض بالأسرة ذاتها من منظومة متوارثة ضبطت إيقاع التخلف، لتكون جهاز تطوير يقبل مفهوم التطور ويهيئ المناخ اللازم للإبداع والعطاء اللذين يوفر التعليم السليم القاعدة للانطلاق نحوهما.
ويتطلب هذا تفاعلا مجتمعيا يواصل تصويب المنظومة الثقافية التى تضع الضوابط لعملية تربوية مجتمعية، هى الأساس فيما ننشده من سيادة ديمقراطية شعارها احترام النفس وتقدير الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.