أسعار الذهب اليوم والسبائك وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 5 أكتوبر 2024    «تايم لاين».. حزب الله يشن 23 هجوما على قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال 24 ساعة    مجلس الوزراء الإسرائيلي يقرر الرد على الهجوم الإيراني    أوجسبورج يهزم مونشنجلادباخ بالبوندسليجا    مدرب إسبانيا: أحمق من لا يهتم بفقدان استضافة المونديال    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    تحذير هام من الأرصاد للسائقين أثناء القيادة على الطرق الزراعية و السريعة    اليوم.. محاكمة إمام عاشور في الاعتداء على فرد أمن بالشيخ زايد    بلومبيرج: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار لتجديد مخزون الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    رئيس شعبة الدواجن: مشكلة ارتفاع أسعار البيض ترجع إلى المغالاة في هامش الربح    عودة خدمات إنستاباي للعمل بعد إصلاح العطل الفني    فرص عمل وقرارات هامة في لقاء وزير العمل ونظيره القطري، تعرف عليها    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    "تم فرضهم عليه".. تصريحات صادمة من وكيل أحمد القندوسي بشأن أزمته مع الأهلي    جيش الاحتلال يوجه إنذارًا عاجلًا بإخلاء مبنى في شويفات الأمراء    عاجل - عمليات "حزب الله" ضد الجيش الإسرائيلي "تفاصيل جديدة"    حقيقة وفاة الإعلامي جورج قرداحي في الغارات الإسرائيلية على لبنان    وائل جسار يعلن علي الهواء اعتذاره عن حفله بدار الأوبرا المصرية    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    ترامب يطالب إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    عمرو سلامة يختار أفضل 3 متسابقين في الأسبوع الخامس من برنامج «كاستنج»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    ضربة قوية ل الأهلي قبل مواجهة الهلال في دوري روشن    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    مدير سيراميكا عن – مفاوضات الزمالك مع أحمد رمضان.. وتفضيل عرض بيراميدز على الأبيض ل أوجولا    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    إجراء تحليل مخدرات لسائق أتوبيس تسبب في إصابة 8 أشخاص بالسلام    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    دعاء قبل صلاة الفجر لقضاء الحوائج.. ردده الآن    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    اندلاع حريق داخل مصنع بالمرج    حبس تشكيل عصابي متخصص في سرقة أسلاك الكهرباء واللوحات المعدنيه بالأأقصر    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    هيغضب ويغير الموضوع.. 5 علامات تدل أن زوجك يكذب عليكي (تعرفي عليها)    لمدة 5 أيام.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 وحقيقة تبكيرها (تفاصيل)    عز يرتفع من جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 5 أكتوبر 2024    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    الجيش الأمريكي: نفذنا 15 غارة جوية على أهداف مرتبطة بجماعة الحوثي اليمنية    المصرية للاتصالات: جاهزون لإطلاق خدمات شرائح المحمول eSim    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    تفاصيل الحلقة الأولى من "أسوياء" مع مصطفى حسني على ON    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    تناولت مادة غير معلومة.. طلب التحريات حول إصابة سيدة باشتباه تسمم بالصف    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استعداد لبنان للفتنة القادمة
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 08 - 2010


لا مفاجأة فى لبنان.
كل الفرقاء فى الداخل والخارج يرددون أن لبنان مقبل على فتنة جديدة. إنهم يجمعون على تحديد طبيعة هذه الفتنة. ويقولون إنها فتنة مذهبية بين السنة والشيعة. وهم يجمعون ايضا على تحديد الشرارة التى سوف تشعل هذه الفتنة، ويقولون ان الشرارة هى فى البيان الاتهامى فى جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريرى.
وهم يجمعون كذلك على توقيت انفجار الفتنة. ويقولون انه الخريف القادم، موعد صدور البيان الاتهامى عن المحكمة الدولية فى لاهاى. ولأنهم يعرفون طبيعة الفتنة وأسبابها وموعدها فانهم يستعدون لاستقبالها. ولكن أحدا من هؤلاء الفرقاء لا يبدى استعدادا للعمل على قطع الطريق أمام الفتنة القادمة.. إنهم يطلبون من الضحية أن تقدم المزيد من التضحيات.
أكدت التجارب اللبنانية على أمرين أساسيين. الأمر الأول هو أن يفتح اللبنانيون منابرهم لاستقبال مشاريع الفتن السياسية والطائفية والمذهبية القادمة من الخارج، أو الموحى بها من الخارج، أو التى تستجيب إلى مصالح الخارج. ومن هنا كان شعار «حرب الآخرين» الذى تبناه الفرقاء اللبنانيون كلهم لتبرئة الذات من دم هذا الصدّيق..
والأمر الثانى هو ان يتوجه اللبنانيون بصدورهم إلى الخارج لاستنهاض همم المساعى الحميدة لوقف هذه الفتن وليس لمنعها.. وللمساعدة على تمويل إعادة بناء ما هدمته من عمار وبناء. هكذا فعلوا فى الطائف فى عام 1989، وهكذا فعلوا فى الدوحة فى عام 2008. وهكذا حاولوا أن يفعلوا قبل الطائف والدوحة فى لوزان وجنيف.
وإذا كان توقيت استيراد الفتنة، أو استقدامها، مرتبطا عادة بصراعات الأطراف المصدرة، فإن توقيت استيراد التسوية أو استقدامها يتوقف إلى حد بعيد على تسوية هذه الصراعات أو تعليقها. فاتفاق الطائف مثلا، وان جاء استجابة لمساعى بذلتها اللجنة العربية التى شكلتها القمة العربية فى الدار البيضاء، وثمرة للجهود التى بذلتها المملكة العربية السعودية تحديدا، فإنها ما كانت لتثمر عن ولادة اتفاق الطائف لو لم تضع الحرب الباردة أوزارها.. ولو لم يسقط جدار برلين، ومعه الاتحاد السوفييتى، وبالتالى لو لم تتوقف الحاجة إلى مسرح مفتوح للصراعات الاقليمية بارتباطاتها الدولية.. وكان ذلك المسرح المفتوح هو لبنان.
ولا يزال لبنان مسرحا مفتوحا لنوع جديد من الحرب التى تدور الآن حول الملف النووى الإيرانى من جهة أولى، وحول الصراع حول هوية العراق ومستقبله السياسى، وحول مصير السودان بعد الاستفتاء المقبل حول تقرير مصير علاقة الشمال بالجنوب، وحول تجدد الصراع التركى الكردى من جهة ثانية، وحول الأفق المسدود الذى تواجهه القضية الفلسطينية، والعلاقات الفلسطينية الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية.
عندما انفجرت الفتنة فى لبنان فى عام 1975 (واستمرت حتى عام 1989 عام انتهاء الحرب الباردة) كانت كل أطراف الصراعات الاقليمية موجودة فى لبنان ومتأهبة لأداء دورها فيها. كانت هناك الفصائل الفلسطينية المسلحة. وكانت هناك فصائل الحرس الثورى الإيرانى. وكانت هناك القوات السورية. وكانت هناك الفصائل الحزبية المسلحة التى يمولها النظام العراقى السابق. ثم كان هناك الاحتلال الاسرائيلى لجنوب لبنان وبقاعه الغربى. ولقد شهد لبنان فى تلك الفترة الطويلة جدا صراعات دموية بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية.
وبين القوات الفلسطينية والقوات السورية. وبين القوات الفلسطينية والقوات الإسرائيلية. وبين القوات الممولة من ايران وتلك الممولة من العراق. وكانت إسرائيل على خط هذه الصراعات تحريضا وتمويلا.. إلا انه كان هناك عقلاء يعملون على محاولة إطفاء الفتنة، ويسعون لوضع صيغ للتسوية. إلا انه لم يكن يسمح لأى صيغة بأن ترى النور إلى أن انتهت الحرب الباردة فتوقفت بقدرة قادر كل تلك الصراعات، ووجد اللبنانيون الطريق مفتوحا إلى الطائف، فكانت التسوية التاريخية.
غير أن المعادلات التى فتحت الأبواب أمام تلك التسوية لم تعد قائمة الآن. هناك معادلات جديدة تحاول أن تفرض ذاتها على المنطقة. وأول من يشعر بذلك هم اللبنانيون. ولذلك يتوقعون الفتنة، بل وينتظرونها، كمن يتوقع وينتظر وصول الإعصار. فلا هو يستطيع أن يحول مساره.. ولا هو قادر على رده.
لرئيس الجمهورية اللبنانية الاسبق إلياس الهراوى قول مأثور يقول فيه: «المنطقة تحبل بالأزمة وتولدها فى لبنان». ففى المنطقة عواصف قوية تشير قراءة أحوال الطقس السياسى إلى انها قد تتجمع لتصبح إعصارا عندما تصل إلى لبنان.
هناك العاصفة الفلسطينية بكل أبعادها. وهناك العاصفة العراقية بكل تداعياتها، وهناك العاصفة الإيرانية بكل تفجراتها النووية والمذهبية؛ وفى لبنان عناصر لاقطة وجاذبة لكل هذه العواصف. وهى مستعدة لردف كل منها بالمزيد من قوة الاندفاع الأمر الذى يشكل من تلاقيها فوق لبنان عين الاعصار ومركز قوته التدميرية؟
ولقد أثبتت التجارب العديدة السابقة انه عندما يصل الاعصار إلى لبنان فانه لا يفرق بين منطقة وأخرى. ولا بين طائفة وأخرى. وانه عندما يقتلع البيوت فإنه لا يتوقف أمام هوية أصحابها، فيتساوى بين اشداقه الحليف والخصم.. وتأكل ناره الأخضر واليابس.. من برتقال سواحل الجنوب.. حتى تفاح أعالى جبال كسروان والمتن.
أن ينتظر الفرقاء اللبنانيون وصول الإعصار، لا يعنى أنهم يرحبون به. إنهم يعرفون قدرته التدميرية. ويعرفون أن هذه القوة عمياء لا تميز بين أحد منهم. ولذلك فإنهم يعدون سلفا سيناريوهات الاتهامات المتبادلة، للتنصل من المسئولية، ولإلقائها على الآخر. لم يسبق لأى فريق لبنانى ممن تورط بشكل أو بآخر بالفتن الداخلية أن مارس نقدا ذاتيا.. أو اعترف بخطأ، أو تقدم باعتذار للمواطنين أو راجع حساباته ومواقفه علنا. التسوية اللبنانية تعنى أن يخرج الجميع منتصرين بعد أن تستنفد اللعبة السياسية أهدافها، فيتوقف الدعم الخارجى الكريم والكريم جدا ليواجه لبنان من جديد مرحلة اعادة بناء ما تدمر.. بتقتير.. وبتقتير جدا. وهذا معنى الشعار الذى كاد يصبح جزءا من النشيد الوطنى: «لا غالب ولا مغلوب».
فالتسوية السياسية بعد اتفاق الطائف أدت إلى تحول زعماء الميليشيات إلى رجال دولة. وإلى انتقال المتقاتلين من الخنادق إلى ثكنات رجال الأمن.
لم يعرف لبنان محاسبة ولا عقابا ولا أى نوع من أنوع المراجعة ولا حتى العتاب. بقى الرجال هم هم، وتغيرت ألقابهم. وبقى المتقاتلون هم هم، وتغيرت ملابسهم. حدث ذلك مرارا. فى عام 1958، ثم فى عام 1976، ثم فى عام 1989. وهو مفتوح ليحدث مرة جديدة اذا ما خلع الإعصار القادم الأبواب والنوافذ.. وإذا ما اقتلع حتى الأسس التى يقوم عليها البيت اللبنانى. كل شىء يمكن أن يتغير. أما الثابت الوحيد فهو أولئك القادرون على أن يصنعوا من دمار الفتنة صرحا وطنيا شامخا.. يكون جاهزا لاستقبال الفتنة التالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.