يظهر من تقارير مركز التقدم الأمريكى عن قوة العمل فى الولاياتالمتحدة، أنه على مدى 40 عاما من الحياة الوظيفية يحصل الرجل على دخل يزيد عن المرأة بنحو 431 ألف دولار فى المتوسط. يظهر أيضا أنه وللمرة الأولى فى التاريخ الأمريكى، لم يعد الرجال هم المهيمنون بالضرورة على قوة العمل. فقد شكلت النساء بالفعل الأغلبية فى جدول رواتب الموظفين خلال الشهور الخمسة المنتهية فى مارس، حسب أحد قياسات المكتب الفيدرالى لإحصاءات العمل. ويرجع السبب فى ذلك غالبا إلى أن نحو ثلاثة أرباع الأمريكيين الذين فقدوا وظائفهم أثناء الكساد الكبير كانوا من الرجال. والآن، يعود الرجال ليشكلوا أغلبية ضئيلة فى جدول رواتب الوظائف لأنهم يعملون عادة فى الأعمال الصيفية، كالبناء. وتشهد أمريكا الآن حالة من التأرجح، مع هيمنة الرجال على سوق العمل فى الصيف والنساء فى الشتاء. ومع تحقيق النساء مكاسب واسعة النطاق، يدور تساؤل أكبر. هل النساء أكثر ملاءمة من الرجال لوظائف اليوم؟ وقد أثارت صحيفة أتلانتيك هذه المسألة بطريقة مستفزة فى عدد هذا الشهر مع موضوع غلاف بقلم هانّا روزين يحمل عنوانا صريحا: «نهاية الرجال». وتسأل السيدة روزين: «ماذا لو كان الاقتصاد الحديث،» اقتصاد عصر ما بعد الصناعة، أكثر اتساقا مع النساء عن الرجال؟. وتضيف: «إن الاقتصاد ما بعد الصناعى لا يبالى بحجم الرجل وقوته. مع العلم بأن المميزات الأكثر أهمية مثل الذكاء الاجتماعى، والتواصل الحر، والقدرة على الجلوس مكانك والتركيز ليست مميزات غالبة فى الرجال، على الأقل. بل إن العكس قد يكون هو الصحيح». إنه سؤال معقول، إذ تتعالى أصوات أخرى تتساءل عما إذا كنا نشهد فجر عصر أنوثة جديد. تلاحظ السيدة روزين، أن الأمريكيين الذين يلجأون إلى التقنية العالية فى علم الأحياء (بيو تكنولوجى) لمحاولة اختيار جنس الطفل، عادة ما يختارون البنات أكثر مما يختارون الأولاد. وتشغل النساء الآن 51% من المناصب المهنية والإدارية فى أمريكا، بعد أن كانت النسبة 26% فى ثمانينيات القرن الماضى. ومن الصحيح أيضا أن الرجال كما يشكلون النسبة المهيمنة على نخبة السلطة الأمريكية، يشكلون أيضا الأغلبية فى الدرجات الدنيا من قاع السلم. كما أن 90% من نزلاء السجون فى أمريكا من الرجال، وتشير معظم التقديرات إلى أن النسبة الأكبر من المشردين هى من الرجال. وإذا كان الأداء الدراسى ينبئ بالنجاح المهنى، فسوف يتحسن أداء النساء أكثر خلال عقود قليلة من الآن، لأن البنات يتفوقن الآن فى المدارس بصورة لم نشهدها من قبل. وتقول جمعية الشرف الوطنية، التى تضم أوائل طلبة المدارس الثانوية الأمريكية، إن 64% من أعضائها من البنات. ويستشهد مركز سياسة التعليم ببيانات تظهر أن الأولاد متخلفون عن البنات فى مجال القراءة على مستوى كل الولاياتالأمريكية. ولتعتبرونى متشككا. ففى اعتقادى أننا نتجه إلى مزيد من التوازن بين الجنسين، وليس نحو اختلال جوهرى جديد فى الاتجاه المعاكس. فلا تحبس أنفاسك انتظارا ل«نهاية الرجال». ومن بين أسباب ذلك، أن مكاسب النساء وإن كانت من النوع الذى يمكنهن تحقيقه، إلا أن تحقيق النجاح أسهل من الحفاظ على استمراره. أضف إلى هذا أن التفاوتات فى الأداء التعليمى حقيقية لكنها متواضعة. ففى الرياضيات، يكاد يتساوى مستوى الأولاد مع مستوى البنات. ومن حيث المهارات اللفظية، فإن 79% من بنات المدارس الابتدائية يتقن القراءة، مقابل 72% من الأولاد، حسب إحصاءات مركز سياسة التعليم. وفى أعلى القمة، يحقق الأولاد برغم ذلك نتائج أفضل: 62 فى المائة من الأطفال الذين حصلوا على 2400 درجة فى اختبارات التأهيل للمدارس من الأولاد. ويرى بعض خبراء التعليم، مثل ريتشارد ويتماير، مؤلف كتاب «لماذا يفشل الأولاد؟»، أن نجاح البنات يعود فى جانب منه إلى الطريقة التى تتبعها المدارس فى تعليم الأطفال. فالتبديل والتغيير فى المقررات وتقديم المزيد من الكتب المملوءة بالإثارة للأولاد قد يؤدى إلى تحسن مستوى القراءة عندهم وإذا استمر الأولاد على تخلفهم، فلابد من أن يكون هناك أكثر من خطوة باتجاه المزيد من المبادرات المحببة للأولاد. وأعتقد أننا نبالغ فى مدى انغماس الجنسين فى الصراع. وكما قال هنرى كيسنجر ذات مرة، «لن ينتصر أحد أبدا فى المعركة بين الجنسين. فالعلاقات بين الخصمين كثيفة ومتعددة». نحن الرجال، نريد لزوجاتنا وبناتنا الحصول على فرصهن فى ساحة العمل، وليس التحرش الجنسى؛ والنساء يردن رؤية أزواجهن وأبنائهن على مكتب المدير التنفيذى، وليس فى السجن. كلنا تقريبا نشجع العدل، وليس جنسنا وحده. والحقيقة أننا نحن الرجال استفدنا من حصول النساء على قدر أكبر من المساواة. والأرجح أن الرجال الذين فقدوا وظائفهم فى الركود مازالت زوجاتهم يعملن ويمكنهن مواصلة سداد الديون العقارية. وقد تفوقت النساء بصفة خاصة فى القطاع الاجتماعى، يبتكرن البرامج الجديدة لحل مشكلات العاطلين والمشردين وغالبيتهم من الرجال. دعك إذن من الحرب بين الجنسين والمباريات التى ليس بها غالب ولا مغلوب. فمن المحتمل أننا نحن الرجال سنجد طريقة للاحتفاظ بمكانتنا، بمساعدة النساء. وسوف نحقق استفادة مع حصول الذكيات والموهوبات على فرصة مؤخرًا لنشر مهاراتهن نيابة عن الإنسانية ككل بمن فيها نحن، حملة كروموزومات الذكورة.