يلقى الملخص التالى، نظرة جديدة على الصلة بين المدارس، بما فيها المعاهد الدينية التى تعرف باسم «المدارس»، وتصاعد روح التشدد فى أنحاء باكستان. من المتوقع أن تقلل زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم من مخاطر الصراع، خاصة فى بلدان مثل باكستان التى ينخفض فيها مستوى الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية إلى أدنى المستويات. كما تلعب نوعية التعليم ومدى ملاءمته ومحتواه دورا فى التخفيف من حدة العنف. من هنا، يجب أن يكون إصلاح التعليم على رأس أولويات كل أصحاب المصلحة المهتمين بتحقيق السلام والاستقرار فى باكستان. ولا ينبغى ترك الجدل الدائر فى البلاد حول إصلاح التعليم لواضعى سياسة التعليم وخبرائه وحدهم، بل يجب أن يكون محور الحوارات الوطنية المتصلة بكيفية تعزيز الأمن وفى صدارتها. فالثمن الذى تدفعه باكستان بسبب تجاهلها لتحديات التعليم باهظ فى بلد نصف سكانه تحت سن السابعة عشر. ويثور جدل كبير بشأن جذور التشدد فى باكستان، والعوامل المتعددة التى تساهم فيه. وتعتبر الحالة المزرية لقطاع التعليم الوطنى من بين عوامل الخطر التى استحوذت على الاهتمام فى داخل باكستان وخارجها. وبرغم التحسن الحالى، لايزال مستوى الالتحاق بالمدارس ومعرفة القراءة والكتابة ضعيفا على نحو بالغ، وكذلك الميزانية المخصصة للتعليم. ويعانى قطاع التعليم الباكستانى، من التدهور خلال العقود الأخيرة، شأن كثير من المرافق العامة فى البلاد. واتضح الآن أكثر من أى وقت مضى، كيف ساهمت قلة الأعداد التى تتمتع بتعليم جيد فى انتشار التشدد فى باكستان، نظرا لتداعيات العنف المتواصل على الأمن القومى والعالمى. ولم تكتف الحكومة الباكستانية، خلال النصف الثانى من عام 2009 بتصعيد أنشطتها الموجهة ضد المتمردين بل وأعلنت كذلك عن سياسة تعليمية وطنية جديدة تتطلع إلى إحداث إصلاحات مهمة وبعيدة المدى، من بينها الالتزام بزيادة الاستثمارات المخصصة للتعليم من 2 إلى 7% من إجمالى الناتج المحلى. وتعهدت البلاد المانحة مجددا بتقديم مئات الملايين من الدولارات من أموال الدعم الدولى للتعليم. وهذا التشديد الجديد على أهمية التعليم يعد فرصة حقيقية لتحسين الأمن فى باكستان وربما على المستوى الدولى فى المدى المتوسط. وعلى واضعى السياسة، داخل باكستان وخارجها، الاهتمام بمسألة ما إذا كان يمكن للاستثمار فى مجال التعليم أن يشجع على تحقيق السلام والاستقرار وكيفية تحقيق ذلك، آخذين فى الاعتبار ما نعرفه الآن عن حالة قطاع التعليم وجذور التشدد. ويلقى هذا التقرير نظرة جديدة على الصلة بين المدارس، بما فيها المعاهد الدينية التى تعرف باسم «المدارس»، وتصاعد روح التشدد فى أنحاء البلاد. وقد يبدو الأداء السيئ للمدارس فى باكستان مجالا واضحا للبحث بوصفه أحد عناصر الخطر. لكن التركيز حتى الآن، لايزال مقصورا على المدارس دون غيرها تقريبا وعلى دورها فى تصاعد العنف. وخارج باكستان، يعتبر الاهتمام باحتمال قيام قطاع التعليم ككل بالإضافة إلى دور قلة من المدارس المتشددة بتأجيج العنف وكيفية ذلك، محدود نسبيا. ويستند التحليل إلى أحدث الأبحاث عن قطاع التعليم فى باكستان، فضلا عن عوامل الخطر فى الصراع وتجنيد المقاتلين ودعمهم. ولا تحتل المدارس مكانة بارزة على الساحة التعليمية كما كان يعتقد فيما مضى، ونظرا لقلة أعدادها وتضارب البيانات الخاصة بتجنيد المتشددين لا يمكن اعتبارها المصدر الرئيسى للتشدد فى أنحاء البلاد. ويسلط التقرير الضوء على الأدلة الدولية القوية على أن انخفاض معدلات الالتحاق بالدراسة، فى المرحلتين الابتدائية والثانوية على السواء، من عوامل خطر العنف. وبينما تعوزنا البيانات التجريبية عن التعليم ونزعة التشدد فى البلاد، يشير هذا البحث إلى إمكانية تخفيف مخاطر استمرار هذا التشدد فى باكستان من خلال الاستثمار فى التعليم وزيادة فرص التعلم. ويتفق الباحثون المتخصصون فى الصراع على أن التعليم من بين المجالات القليلة التى يمكن لسياسة التنمية الحد من العنف عن طريقها. ويتناول التقرير تسع نتائج أساسية: الطلب على التعليم فى باكستان يتجاوز قدرة الحكومة على تلبيته. على عكس الاعتقاد الشائع، لم تظهر «المدارس» الدينية لسد الفجوة فى فرص التعليم العام، وهى ليست السبب الرئيسى لزيادة التشدد أخيرا. بعيدا عن «المدارس» الدينية، فإن الفجوة فى فرص التعليم بحد ذاتها تزيد من خطر الصراع فى بلاد منخفضة الدخل كباكستان، وتسلط الضوء على أهمية زيادة فرص التعليم. يشير التحليل الدقيق للآليات التى يفاقم التعليم عبرها من خطر الصراع إلى أنه بالإضافة إلى أهمية توفير الأماكن فى فصول الدراسة، فإن نوعية ومحتوى التعليم لهما أهميتهما فى تعزيز الاستقرار. يخلق سوء إدارة قطاع التعليم تناقضات ضخمة فى نظام التعليم العام، ويؤجج من شكاوى المواطنين من الحكومة. يتساوى التعليم السيئ مع الافتقار إلى المهارات، بما فيها مهارات المواطنة الصالحة، التى يمكن أن تساعد فى الحد من التطرف. تساهم المقررات الدراسية والتعليم فى المدارس الحكومية فى ترسيخ وجهات نظر غير متسامحة بين الطلاب. لا تقدم المدارس جهدا يذكر لإعداد الطلاب لسوق العمل، كما أنها تصيب الشباب المجدين بالإحباط وتزيد من أعداد المقاتلين المحتمل تجنيدهم. هناك تفاوت كبير فى توفير فرص التعليم، يزيد من تذمر أولئك الذين لا يستوعبهم النظام التعليمى. ويستكشف التقرير بطريقة منهجية هذه النتائج الأساسية، ويقدم مجموعة إيجابية من البراهين المتاحة عن التعليم وصلته بالنزوع نحو التشدد، ويسلط الضوء على الآليات التى يبدو أن التعليم يسهم من خلالها فى العديد من أشكال هذا التشدد فى باكستان. كما أنه يمثل دعوة للتحرك، تؤكد أن إصلاح التعليم وسيلة لتعزيز الأمن والاستقرار فى البلاد. ويحدد أيضا المجالات ذات الأولوية التى يمكن أن تكون مرشدا للتدخلات السياسية فى قطاع التعليم، وتسعى إلى تشجيع الحوار داخل باكستان حول أفضل السبل لاستغلال قوة التعليم من أجل تحقيق الاستقرار والسلام.