«السَّمار نصف الجمال آه.. بس برضو بنحب كريمات التفتيح». بحرص شديد، تشرح فاطمة لزميلتها الفرق بين عدد من أنواع كريمات البشرة، وترشح لها أحدها «غالى شوية بس تمنه فيه». فاطمة فى العشرين من عمرها. تدير المحل الوحيد فى بلدة الشلاتين، التى تقع على بعد 1200 كيلو متر إلى الجنوب الشرقى من القاهرة. المحل يبيع أدوات التجميل، ويقع فى «حجر الأساس»، المنطقة الأكثر عمرانا فى البلدة. أغلب الزبونات من فتيات المدارس والجامعات، وبعض ربات البيوت. يشترين منها أدوات الماكياج بأنواعها المختلفة، ومزيلات رائحة العرق. بالإضافة إلى زيوت شعر صناعية وتركيبات عطور نسائية من الماركات العالمية، تتولى مع شقيقتها مهمة تركيبها وتعبئتها. المحل يضم كريمات تلوين الوجه وأقلام رسم الرموش وتحديد الشفاه والمونيكير والباديكير، وكذلك أنواع مختلفة من الخواتم والإكسسوارات البسيطة والهدايا التى تناسب العشاق. تطرق فاطمة بخجل شديد ضاحكة وهى تمسك «الدبدوب» الأحمر. مكتوب على صدره «I LOVE YOU» وترفض أن تنطق الجملة. «أيوة انا عارفاها بس ما أجدرش أجولها.. يا حليلى». فى العمارة المقابلة لها تماما، كانت «فايزة كامل»، السيدة البشارية المعروفة ب«أم طه»، الكوافيرة الوحيدة فى الشلاتين، تنقل حاجاتها وحاجات أسرتها إلى شقة جديدة، عقد الإيجار كان ستة شهور فقط، «أصحاب الشقق بيرفضوا يأجروا شققهم وقت أطول». نشاط أم طه فى الشلاتين لا يقتصر على تصفيف الشعر، بل يشمل كذلك عمل كورسات التجميل المختلفة وتأجير فساتين الفرح وإعداد العرايس. «الست الشلاتينية نزيهة واهتمامها بنفسها زى الكيف عندها. بتشترى أدوات التجميل الصناعية وتعمل ماسكات بشرة وبودرة وجه مائية وسيشوار. وبرضو بتستعمل أعشاب طبيعية وزيت السمسم والخروع». تحكى أم طه أيضا عن حمامات البخار التى تجهزها فى بيتها. «يحفروا حفرة فى الأرض وتكون فى أوضة مقفولة. ويحطوا فيها خشب شجر الطلح ويولعوا فيه وبعدها يردموا عليه.. وتفضل الست تمشى فوق الدخان اللى طالع منه.. بيبقى جسمها برونزى ويلمع». أم طه عاشت فى مدينة القصير عشرين عاما. لكن ظروف نقل وظيفة زوجها، المدرس فى «مدرسة الصنايع» إلى الشلاتين اضطرتها للانتقال معه. تحاول أحيانا أن تغيظ زبائنها من سيدات الشلاتين، فتغنى أمامهن فلكلورا صعيديا. «زرع البنات البيض خضّر بلا مية.. زرع البنات السود وقّع دراعيا». تغنيها فيهجمن عليها بالمخدات الصغيرة، لكنها تبادر بالغناء: «حبيبى لونه لون الشوكولاتة.. أسمر سمارة دمه شرباتة»، وحينها يتركنها. تضحك هى ويضحكن معها. بجانبها كان يقف ابناها طه ومحمد. كانت تتمنى لو كان لها بنت تعينها فى عمل البيت. فالبنت «بتتولد بسبع بركات، والولد ببركة واحدة. بس لما الأب يقولوا له إنه جاب بنت بيقابل الموضوع بطناش ويتضايق فالبركة تقل».