رفضت جلالة رانيا العبدالله ملكة الأردن طلبات عديدة لترجمة كتابها ذائع الصيت «سلمى وليلى»، إلى اللغة العبرية. الكتاب الصادر حديثا عن دار الشروق مترجم عن النص الإنجليزى الأصلى The Sandwich Swap، (مقايضة الساندويتش)، وقصته تدعو إلى التسامح والتعدد الثقافى. ألفته الملكة بالاشتراك مع الكاتبة «كيلى ديبوتشيو»، والرسامة «ترشيا توسا»، وهو معد للأطفال فى سن تتراوح ما بين 4 إلى 8 سنوات. وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» رفضت الملكة رانيا عروض دور النشر العبرية للكتاب، الذى تصدر قائمة الصحيفة لأفضل الكتب فى أمريكا على مدى أسبوعين، فيما ذكر مصدر فى القصر الملكى الأردنى أن الموضوع قيد البحث، حسبما ذكرت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية. معروف أن الجدل يتجدد دائما، ويبقى السؤال حول الترجمة والتطبيع مع إسرائيل قائما. وبعيدا عن الوقوع فى فخ وضجة الدفاع أو الاتهام حول التطبيع الثقافى مع إسرائيل، ما يهمنا هنا البحث عن نقطة لم يقترب منها أحد، وهى حقوق المؤلفين والناشرين المصريين والعرب الذين يرفضون ترجمة أعمالهم الأدبية إلى العبرية، مثلما فعلت الملكة رانيا، ورغم ذلك يفاجئون بنشرها ضمن إصدارات دور النشر الإسرائيلية مما يعنى إهدارا لحقوق الملكية الفكرية والوقوع فى عمليات «القرصنة»، التى تعانى منها كثيرا حركة النشر فى العالم العربى. والسؤال الذى يطرح نفسه من هو المنوط بالمطالبة بحقوق المؤلفين المصريين والعرب هل هو اتحاد الناشرين أم اتحاد الكتاب؟ ومن له حق المطالبة بالتعويضات عن الترجمة هل الحكومات، التى تتعامل مع إسرائيل أم المنظمات الدولية المعنية بحقوق الملكية الفكرية؟. تأتى هذه الأسئلة فى وقت تطالب فيها وبوضوح بعض الصحف الإسرائيلية ترجمة المنتج العربى دون الالتفاف إلى موافقة القائمين عليه. وهنا يثار ما يتردد حول دور الوكيل الأدبى الأجنبى وحقه فى إعطاء حق الترجمة لأية دار نشر دون الرجوع للمؤلف، لكن بعض خبراء حقوق الملكية الفكرية أكدوا أن هذا الكلام غير صحيح ويقال كمبرر لترجمة الأعمال للعبرية، مضيفين أن الوكيل الأدبى لا يملك الحق فى إعطاء حق الترجمة إلى أى دار دون الرجوع إلى المؤلف، فهو لا يملك حق التعاقد دون الرجوع للمؤلف نفسه. قصة الكتاب تدور قصة «سلمى وليلى»، التى تطالب دور النشر الإسرائيلية ترجمتها حول صديقتين فى المدرسة تتشاركان فى هوايات واهتمامات مختلفة، لكن «ليلى» تفضل فطيرة زبدة الفول السودانى والمربى، الشائع والمرغوب لدى أطفال أمريكا، بينما تفضل «سلمى» فطيرة الحمص العربى، لذلك تجدان الفرق فى غدائهما غريبا وغير مستحب. وتطرح القصة سؤالا: هل يمكن أن يؤثر الأكل على صداقتهما؟.. الإجابة كانت بنعم، إذ فجأة بدأت معركة الطعام. لكن بعد هذه المعركة فهمت سلمى وليلى معنى التسامح وقبول الآخر من خلال الساندويتشات، فالتفاصيل الصغيرة قد تفرّق بين الناس، لكن الصداقة، حسب القصة أقوى من أى اختلاف. وتبلغ القصة ذروتها بتبادل الساندويتشات بين تلاميذ مدرسة سلمى وليلى، فى إشارة مهمة إلى معرفة الآخر وفهمه وتفهمه والتعايش معه. وعن هذا الكتاب قالت الملكة رانيا: «عندما كنت فى الحضانة، اعتادت أمى إرسالى كل صباح ومعى شطيرة حمص فى صندوق غذائى. وفى أحد الأيام، رأيت صديقتى وهى تفتح صندوق غذائها وتقضم شطيرة زبدة الفول السودانى بالمربى، وفكرت: يا له من شىء مقزز! لم أر فى حياتى طعاما بمثل هذه الغرابة. عرضت على أن أجربه، ولأننى لم أرغب فى إيذاء مشاعرها، استجمعت شجاعتى وتذوقته. ولقد كانت الشطيرة لذيذة جدا. وتعلمت يومها درسا نتج عنه هذه القصة». وأضافت الملكة أنه من السهل جدا أن نتوصل إلى استنتاجات سريعة عندما نتعرض لشىء جديد أو غريب. ولكننا لو أعطينا أنفسنا الفرصة لنتعرف على بعضنا بعضا، وتخلينا أنفسنا مكان الشخص الآخر، واستمعنا إلى وجهة النظر المختلفة، سنتعلم أشياء رائعة عن الآخر وعن أنفسنا أيضا.