أعاد استئناف صدور صحيفتين ليبيتين مقربتين من سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، بالإضافة لحملة الإفراجات المتتالية بحق عناصر الجماعات الإسلامية، ودوره في التواصل مع أطراف المعارضة الليبية، النقاش حول دور سيف الإسلام الإصلاحي، وتتباين نظرة المراقبين لما يتداول بشأن خطوات لإصلاح النظام الليبي وتأهيله بعد عقود من العزلة الدولية صنعتها سياسات والده. دعم التوجهات وقال مصطفى فيتوري رئيس قسم إدارة الأعمال في أكاديمية الدراسات العليا بطرابلس في تقرير لصحيفة دويتشه فيله الألمانية بعنوان "إصلاحي أم توزيع أدوار؟!"، إن دور سيف الإسلام أساسي في دعم التوجهات الإصلاحية التي يتطلع إليها جيل الشباب ومنظمات المجتمع المدني في البلاد، مشيرا إلى أن هذا الدور يصطدم بنفوذ "الجيل القديم وخصوصا فئات من البيروقراطية ومراكز النفوذ التقليدية". ولاحظ الأكاديمي الليبي مصطفى فيتوري، أن عودة الصحيفتين للصدور لا ينبغي أن يُحمَل أكثر مما يحتمل مشيرا بأنهما لم تتوقفا بل ظلتا تصدران إلكترونيا، لكنه اعتبر أن "عودة الصحيفتين يمكن اعتباره مؤشرا على توسيع مشاركة الرأي العام في مناقشة القضايا التي تهم البلد" خصوصا أن قراءة الصحف الورقية تحظى بانتشار أكبر من الصحف الإلكترونية لدى الليبيين، مشيرا إلي أن هناك وجود لمؤشرات أخرى على تغييرات سياسية مرتقبة في غضون الأشهر القليلة المقبلة. إصلاح السياسات وبرأي فيتوري، فإن الدور الذي يلعبه سيف الإسلام يمكن تفسيره بما حدث منذ عامين عندما أعلن سيف الإسلام انسحابه من الحياة السياسية العامة، لكن "الارتباط الوثيق بين سيف الإسلام ومنظمات جماهيرية وخصوصا الشبابية جعله يتراجع تحت ضغطها ومطالبتها له بمواصلة دوره الإصلاحي والتأهيلي لمؤسسات الدولة الليبية". وأضاف فيتوري أن "سيف الإسلام لا يمكنه التراجع عن دوره"، مشيرا بالخصوص إلى دوره على رأس مؤسسة القذافي الخيرية واهتمامه الكبير بدور هيئات المجتمع المدني وملفات إصلاح الاقتصاد الليبي. تسويق فاشل للتوريث وفي المقابل يري حسن الأمين رئيس تحرير موقع "ليبيا المستقبل" الإلكتروني المعارض، يعيش في المنفى بلندن، أن سيف الإسلام ليس لديه مشروعا إصلاحيا وأن كل ما هنالك "مشروع الأب والابن والمنظومة الحاكمة من لجان ثورية، ومحاولة تسويق مشروع توريث الحكم". وقلل الأمين، من أهمية عودة الصحيفتين، معتبرا أن "سيف الإسلام ليس لديه مشروع إصلاحي وأن دوره جزء من خطة ذكية من نظام القذافي لامتصاص غضب الشعب ومحاولة تسويق توريث الحكم". تغييرات وأقر الأمين بوجود "بعض التغييرات في الإعلام وجرأة أكثر في تناول بعض القضايا وخصوصا مسألة مكافحة الفساد"، مشيرا إلى الصحيفتين اللتين عاودتا الصدور وبعض المؤسسات الإعلامية التابعة لمؤسسة "إعلام ليبيا الغد" الصحافية التي توصف بأنها تعبر عن توجهات إصلاحية يقودها سيف الإسلام. وأوضح أن الإعلام في ليبيا بجناحيه سواء الإعلام الرسمي أو مؤسسات "إعلام ليبيا الغد"، "لا يتجاوز خطوطا حمراء مرسومة". وأضاف في هذا السياق أن هنالك قضايا أساسية مطروحة في البلاد ولا يتم تناولها مثل مستقبل ليبيا السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان وأحداث خطيرة تقع في البلد مثل مذبحة سجن أبو سليم التي تطرقت إليها منظمات حقوقية وإنسانية دولية. إنجازات هشة وأوضح الأمين أنه لا يرى في الواقع آثارا ملموسة لما يُطلق عليه منذ عشر سنوات بدور إصلاحي يقوم به سيف الإسلام، مضيفا "إنجازات سيف الإسلام لا تتعدى الإفراج عن بعض السجناء، ولم يتجاوز هذه الخطوة مثلا عبر إلغاء القوانين الاستثنائية التي لا تزال سارية لحد الآن، والتي كانت سببا في دخولهم للسجن". وكانت الأنباء سلطت الأضواء على دور سيف الإسلام بشكل أكبر خلال السنوات القليلة الماضية ولاسيما بعد إنهاء أزمة ليبيا مع الغرب سواء عبر طي ملف لوكربي أو بتخليها عن برامج الأسلحة المحظورة وصولا إلى قضية الإفراج عن الممرضات البلغاريات التي لعب فيها سيف الإسلام دورا أساسيا. ويرى مراقبون بأن سيف الإسلام (36 عاما) ربما هو في طريقه للعب دور تأهيلي لنظام حكم والده وإعادة إدماجه على المستوى الدولي عبر إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية وإعلامية، بيد أن التراجعات الملحوظة على تلك الخطوات الإصلاحية المحتشمة أصلا تثير قراءات مختلفة لدى المراقبين. وهنالك رأي يقول بأن سيف الإسلام الذي لا يتولى أي منصب رسمي في الدولة يخوض بالفعل محاولات لإصلاح نظام حكم والده ولكنه يصطدم في الواقع بمراكز نفوذ تقليدية هي عبارة عن مركب من أجهزة بيروقراطية وأمنية وجماعات مصالح، في حين يري آخرون أن لعبة لتبادل الأدوار وتحقيق مصلحة نظام والده.