بدأت كشركة محلية وتحولت فى عقدين إلى مجموعة عالمية، بل وطرقت أنشطة جديدة مثل الطاقة المتجددة وصهر النحاس. أحمد السويدى، العضو المنتدب لمجموعة السويدى للكابلات الكهربائية . فى أحد عقارات مصر الجديدة القديمة، بدأت شركة السويدى للكابلات الكهربائية فى عام 1984، كشركة عائلية تصنع الكابلات الكهربائية على مستوى جمهورية مصر العربية فقط، وتعتمد فى إنتاجها على الخامات المحلية. ولم يكن التوسع عالميا رفاهية يمكن للشركة رفضها، فبرغم نجاحها فى النمو بنسبة 25 ٪ فى غضون 15عاما، فإن قيودا عديدة فرضت على الإنتاج فى السوق الداخلية فى بداية الألفية، دفعت الشركة إلى البحث عن بديل آخر للتوسع، ومن ثم كان ضرورة التوسع خارج مصر. وكانت هذه هى الانطلاقة التوسعية الأولى للشركة، التى بحثت فى بادئ الأمر عن «أسواق مشابهة للسوق المصرية ليكون لها فيها ميزة تنافسية عالية»، كما يروى السويدى، ولذلك اتجهت الشركة إلى السودان وليبيا والعراق وسوريا، وغيرها من الأسواق المشابهة للسوق المصرية. التوسع التدريجى أو كما يسميه السويدى «التسلسل البسيط» كان أسلوب الشركة، ليس فقط لدخول أسواق جديدة بل لطرق منتجات جديدة، فبدلا من الاقتصار على تصنيع الكابلات الكهربائية، «قررنا أن نركز على احتياجات العملاء من جميع أنواع المنتجات الكهربائية»، يقول السويدى، ولذلك بدأ يتسع نشاط الشركة ليشمل إنتاج الكابلات والأسلاك، وعدادات الكهرباء، والمقاولات، أو «سلسلة متكاملة من المنتجات الكهربائية»، كما يصفها السويدى. اتسع نشاط الشركة منذ ذلك التاريخ، ليكون لها اليوم مقر فى 23 دولة على مستوى العالم، وتصنع 23 منتجا متصلا بمجال الكهرباء. فأسماء الدول لم يعد يقتصر فقط على العربية منها، بل هناك أيضا دول أفريقية، وأسيوية وحتى أوروبية. فهناك مصانع للشركة فى زامبيا، وماليزيا والهند وسلوفانيا وأصبحت الشركة من أكبر خمس شركات على المستوى العالمى، والثانية على مستوى الشرق الأوسط حاليا. وتطلب التوسع، وفقا للسويدى، توسيع قاعدة ملكية الشركة حتى لا تقتصر فقط على العائلة فتم طرح حصة 25 % منها فى البورصة. الأزمة تقلص أرباح الشركة ولكن إلى حين، الأزمة العالمية ألقت بظلالها على شركة السويدى وصناعة الكابلات شأنها مثل جميع الشركات والصناعات الأخرى، فقد أظهرت نتائج أعمال شركة السويدى للكابلات تراجعا فى معدل النمو خلال عام 2008، عنه فى عام 2007. فقد حققت الشركة زيادة فى صافى ربح الشركة بنسبة 14.4%، مقابل معدل زيادة بلغ 27 ٪ خلال 2007 مقارنة ب2006. «هذا التراجع فى معدلات النمو طبيعى جدا نتيجة لانكماش الطلب فى الأسواق خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام نتيجة للأزمة العالمية التى ضربت الأسواق بأكملها»، كما يقول السويدى، مشيرا إلى أن هذا التراجع فى معدلات النمو لن يستمر لأسباب عديدة أهمها خطة الحكومة المصرية لتحفيز الاقتصاد، وذلك من خلال التوسع فى إنشاءات البنية الأساسية. «نشاط الشركة كله قائم على البنية الأساسية، ولذلك ستشهد الفترة القادمة مع بدء ضخ الحكومة لهذه الاستثمارات نشاطا ملحوظا قد يعوض من هذا التراجع»، كما يقول السويدى. والأهم من ذلك، وفقا له، أن مصر ليست البلد الوحيد الذى اعتمد سياسة التوسع فى البنية الأساسية لتحفيز الاستثمار، بل هذه سياسة اعتمدتها دول العالم بأكملها. وعلى الرغم من أن إجمالى صافى الربح للشركة قد ارتفع إلى 828.4 مليون فى نهاية 2008 مقارنة ب724.3 مليون جنيه فى عام 2007، فإن هذه النتائج جاءت أقل من توقعات الخبراء، فعلى سبيل المثال، توقع بنك الاستثمار بلتون أن يصل صافى الربح إلى 860 مليون جنيه، غير أن تقرير البنك توقع نجاح السويدى فى تجاوز الأزمة الحالية دون صعوبات ضخمة كتلك التى تواجه الشركات المنافسة فى منطقة الخليج. أرباح الشركات العاملة فى الخليج كانت تعتمد فى الأساس على التطور العمرانى الكبير الذى حققته هذه الدول فى الفترة السابقة، ولذلك فهى تواجه ظروفا صعبة الآن نتيجة للضربة القوية التى تعرضت لها العقارات فى هذه المنطقة. ولكن الأمر يختلف بالنسبة للسويدى للكابلات لأن «الشركة لها فروع فى مناطق متعددة أخرى. ولا تعتمد فقط على النمو العمرانى لدول الخليج، ولذلك فإن المخاطر والمجازفة موزعين، ونحن لدينا أوامر طلبات تغطى عام 2009 بأكمله»، كما جاء على لسان السويدى قائلا: إن الشركة تتوقع على الأقل أن تحافظ على نفس معدل النمو فى الأرباح خلال العام المقبل. ويرى السويدى أن وجود المقر الرئيسى للشركة فى مصر يفيد صادراتها نتيجة لوجود عدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة مع كثير من الدول، مما يفتح للشركة مصدرا كبيرا لتحقيق إيرادات وأرباح نتيجة للتصدير دون أى قيود جمركية. وكانت نتائج أعمال الشركة قد أشارت إلى ارتفاع مبيعات الشركة الخارجية ب69 ٪ لتصل إلى 2.1 مليون، لتمثل 19٪ من إجمالى إيرادات الشركة. لا خطط للاستحواذ وقت الأزمة، من أنسب الأوقات التى تقوم فيها الشركات بالاستحواذات والاندماجات، كما يقول السويدى، فأسعار الأسهم تنخفض والشركات تبحث عن التحالف لمواجهة تداعيات الأزمة، إلا «أننا لا نسعى فى الوقت الراهن إلى إجراء أى نوع من هذا التحالف، نحن لسنا فى حاجة إلى تزايد طاقتنا الإنتاجية، فإن طاقتنا عالية بالفعل، هدفنا الرئيسى كيف نوزعها. فليس من المهم كم نملك من الطاقة، بل المهم كيف نوزع هذه الطاقة»، كما يقول السويدى، مشيرا إلى أن الشركة تسعى الآن إلى غزو أسواق بديلة فى أمريكا اللاتينية والشرق الأقصى وروسيا لتوزيع منتجاتها. وكانت شركة السويدى للكابلات قد قامت فى عام 2007 بالمشاركة مع شركة السويدى الكترو ميترز المصرية بالاستحواذ على 98٪ من شركة اسكوا اميكو «السلوفانية» بقيمة إجمالية 225 مليون جنيه. وتعد هذه الشركة الثالثة على مستوى أوروبا التى تعمل فى مجال صناعة العدادات الكهربائية سواء الميكانيكية أو الرقمية، والسابعة على مستوى العالم، قد أسهمت هذه العملية فى إحدث طفرة تكنولوجيا للشركة السويدى فى مجال صناعة المعدات الكهربائية من خلال نقل التكنولوجيا الخاصة بالشركة إلى مصنع السويدى. وتمتلك شركة اسكوا اميكو ثلاثة مصانع على أعلى مستوى تقنى فى سلوفينيا والهند وماليزيا بالإضافة إلى فروع فى أكثر من دولة أوروبية وتقوم بتوزيع منتجاتها فى أكثر من 100 دولة. «هذا هو الهدف الذى نسعى إلى تحقيقه من الاستحواذ، تكنولوجيا وأسواق للتوزيع»، كما يلخص السويدى. الرياح تولد الطاقة لمصانع السويدى بحلول عام 2020، سوف تعتمد مصر على مصادر متجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية فى توفير 20٪ من إجمالى احتياجاتها من الطاقة تبعا للخطة التى تبنتها الحكومة المصرية، وأعلنت عنها مؤخرا، لمواجهة أزمة الطاقة التى تهدد مختلف دول العالم، والمتمثلة فى اقتراب المصادر التقليدية للطاقة مثل البترول والغاز الطبيعى من النضوب. «البترول اليوم رخيص، ولكن قد لا يستمر هذا الوضع، ولذلك فإن الاعتماد على الطاقة المتجددة فى الفترة القادمة ضرورة ملحة»، كما جاء على لسانه مشيرا إلى أن «الاستثمار فى الطاقة هو الحل الوحيد للنمو خلال الفترة القادمة»، يقول السويدى. وكانت شركة «السويدى للكابلات» قد استحوذت فى العام الماضى على 30 ٪ من وحدة توليد الطاقة من الرياح فى توريس أولفيجا الإسبانية الرائدة فى هذا المجال، فى صفقة بلغت قيمتها 40 مليون يورو. وتقضى الاتفاقية بحق السويدى فى زيادة حصته إلى 100٪ من الوحدة بحلول عام 2011. كما تعاقدت شركة السويدى مع الشركة الألمانية «سياج» للتعاون معها فى إنتاج أبراج توربينات توليد الطاقة بالرياح، وقد أتاحت لها هذه الخطوات تكوين مجموعتها الجديدة الخاصة بتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق الرياح، والتى تحمل اسم مجموعة «سويدى للطاقة» التى بدأت نشاطها خلال العام الأخير باستخدام الخبرات فى الشركتين الألمانية والإسبانية فى توليد الطاقة فى مصر. «طاقة الرياح حاليا الأدنى تكلفة بين أنواع الطاقة المتجددة، وقد تحسنت جدواها الاقتصادية كثيرا فى السنوات القليلة الماضية، حتى باتت الخيار الأقل كلفة بين جميع تكنولوجيات الطاقة لكثير من البلدان المتقدمة»، يوضح السويدى. وتحظى مصر بموارد جيدة من طاقة الرياح إذ تتراوح سرعة الرياح فيها ما بين 8 11مترا فى الثانية، وتستخدم طاقة الرياح فى مصر أساسا فى توليد الكهرباء. «سرعة الرياح فى مصر أعلى مرتين ونصف المرة عنها فى أوروبا وذلك مما يقلل من تكلفتها، وذلك يساعدنا على الاستمرار فى تمويل المشروع على الرغم من الأزمة التمويلية الموجودة فى العالم»، يقول السويدى. وفيما يتعلق بالمرحلة القادمة، تخطط مجموعة السويدى لأن تصبح الموزع الوحيد لتوربينات توليد الطاقة بالرياح، التى تحمل العلامة التجارية للشركة الإسبانية، فى منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، على أن تحتفظ الشركة الإسبانية بحقها فى أن تكون الموزع الوحيد فى الأسواق الأوروبية، بينما تتنافس الشركتان منافسة حرة فى المناطق الأخرى. وقد اعتبرت بلتون هذا التنوع فى النشاط عاملا محفزا للأرباح لأنه من المتوقع أن يسهم ب8% من أرباح الشركة فى 2010، على أن يرتفع ليسهم ب22 ٪ فى عام 2011. «وهذا يساعدنا على تخفيض هامش الربح الخاص بنا فى صناعة الكابلات، وحتى قبول تخفيض عوائدها، مما يعزز من موقفنا التنافسى فى الأسواق»، كما يوضح السويدى. مصر لم يحدث بها تطور خلال الثلاث سنوات الأخيرة نتيجة لنقص الطاقة وأوروبا وأمريكا بها مشكلة طاقة، ماذا نريد أكثر من ذلك لنبدأ الاستثمار فى الطاقة؟» يتساءل السويدى. وقت الأزمة ليس الأنسب لاتخاذ القرار شركة السويدى للكابلات كانت قد أعلنت فى عام 2007 أنها تأمل فى بناء مصنع لصهر النحاس وتنقيته على ساحل البحر الأحمر بالتعاون مع جلينكور انترناشيونال لتجارة المواد الخام بتكلفة استثمارية تصل إلى 850 مليون دولار إلا أن المشروع قد تم تأجيله، قبل بداية الأزمة، بسبب التغييرات فى أسعار الخامات وانشغال الشركة القائمة فى دراسة الجدوى، وارتفاع قيمة المشروع بسبب ارتفاع أسعار الإنشاءات. وعلى الرغم من أهمية المشروع لشركة السويدى، فإن استئناف تنفيذ المشروع غير مطروح فى الوقت الحالى، لأنه كما يقول السويدى، إن «وقت الأزمة ليس الأنسب لاتخاذ القرار، شأنه مثل وقت الازدهار». ويرى السويدى أنه من الأفضل أن يرسم السيناريو الأسوأ للأزمة، «فلم يستطيع أحد أن يجزم متى ستنتهى الأزمة»، و«لذلك من الأفضل أن نفترض طول استمرارها بدلا من الافتراض بأنها ستنتهى غدا، لأن ذلك يدفع الشركات إلى مزيد من التماسك والاجتهاد من أجل مواجهتها».