تعتبر الشركات البرازيلية فى وضع جيد يجعلها قادرة على البدء فى استثمارات جديدة. وفى ظل صعود الطبقة الوسطى البرازيلية وقوة أسواق السلع والتجارة مع الصين، فقد تعزز وضع الاقتصاد البرازيلى. قال لى الرئيس التنفيذى لإحدى الشركات المدرجة على قائمة فورتشن 500 التى تضم أهم 500 شركة فى العالم عندما التقيت به على الغداء قبل شهور قليلة: «انظر مليًّا إلى البرازيليين والهنود». ولم يكن يقصد كأس العالم، بل كان يجيب عن السؤال التالى: من أين ستأتى الموجة التالية من الاستثمارات الخارجية فى الأصول الأمريكية؟ قبل سنوات قليلة، كان صانعو الصفقات فى حالة انزعاج كما كان الكثير من المحللين فى حالة خوف بشأن احتمالات قيام صناديق الثروة السيادية فى منطقة الخليج والصين بتغيير إستراتيجياتها، من شراء السندات الحكومية الأمريكية إلى شراء الشركات الأمريكية. وحيث إن العديد من الصفقات التى عُقدت وقت الفقاعة قد انهارت، فقد أصبحت صناديق الثروة السيادية أقل حماسًا للاستثمار فى السوق الأمريكية. لكن هناك دلائل تشير فى الوقت الراهن إلى أن البرازيليين قد يعوضون بعضًا من هذا الركود. ففى الأسبوع الماضى، وافقت شركة مارفريج، المتخصصة فى تجارة الجملة فى اللحوم، على الاستحواذ على كيستون فودز مقابل 1.25 مليار دولار. ونتيجة لهذه الصفقة، سوف تصبح مارفريج البرازيلية موردًا رئيسيًّا لسلاسل الوجبات السريعة الأمريكية مثل صب واى وماكدونالدز. ووفقًا لما ذكرته وكالة أنباء طومسون رويترز، فقد أُبرمت ثمانى صفقات منذ أكتوبر الماضى شملت شراء الشركات البرازيلية لشركات أمريكية أو أصول شركات أمريكية. ومن المرجح أن تعقد المزيد من الصفقات. تعتبر الشركات البرازيلية فى وضع جيد يجعلها قادرة على البدء فى استثمارات جديدة. وفى ظل صعود الطبقة الوسطى البرازيلية وقوة أسواق السلع والتجارة مع الصين، فقد تعزز وضع الاقتصاد البرازيلى خلال الأزمة الاقتصادية والركود. ذلك أن البنوك البرازيلية التى تحاسب مديريها حسابًا عسيرًا حال حدوث خسائر، لم تنخرط فى أنشطة المضاربة، ومن ثم لم تشهد انهيارًا. وللشركات البرازيلية الكبرى ميزانيات عمومية تتمتع بالصحة. كما ارتفعت قيمة العملة البرازيلية فى مقابل الدولار. ومثلما هو الحال مع لاعبى كرة القدم البرازيليين الذين يظهرون مهاراتهم فى كل بطولة يشاركون فيها فى أى مكان فى العالم، يشعر المديرون البرازيليون بالراحة عند الاستثمار فى السوق الخارجية. وفى مسح أجرته كى بى إم جى حول المديرين فى 17 بلدًا وأُعلنت نتائجه فى مارس تَبَيَن أن «الشركات البرازيلية هى الأكثر تفاؤلاً فى العالم إزاء الوضع الاقتصادى العالمى فى العام المقبل». وقد تركزت معظم الاستحواذات فى الصناعات الكبيرة التقليدية، أى ذلك النوع من الصناعات التى أصبحت لها صبغة قومية فى الولاياتالمتحدة بفعل تطور خطوط السكك الحديدة فى تسعينيات القرن التاسع عشر. وتشمل هذه الصناعات البيرة وتجارة الجملة فى اللحوم والنفط والكيماويات. وقادت إن بيف شركة البيرة البلجيكية البرازيلية هذا التوجه عام 2008، حينما استحوذت على انهويزر بوش. واشترت جى بى إس الشركة البرازيلية العملاقة التى تعمل فى تجارة الجملة فى اللحوم بيلجريمز برايد بمبلغ 800 مليون دولار فى الخريف الماضى. وفى يناير من العام الحالى، استحوذت الشركة على سويفت فى مقابل 1.4 مليار دولار. وقد أصبحت الشركة تتمتع بوجود قوى للغاية فى الولاياتالمتحدة. وفى الشهر نفسه، اشترت شركة النفط البرازيلية الضخمة بتروباص جزءًا من حصة ديفون إنرجى فى حقل كاسكاد فى خليج المكسيك. وفى فبراير الماضى، استحوذت شركة الصمغ البرازيلية براسكيم على نشاط صناعة البولى بروبلين فى سنوكو كيميكالز فى مقابل 350 مليون دولار. وفى أبريل، حصل بنكو دو برازيل المملوك فى معظمه للحكومة البرازيلية وله فروع فى ميامى ونيويورك وواشنطن العاصمة، على تصريح من بنك الاحتياط الفيدرالى بإنشاء بنك لعمليات التجزئة المصرفية فى الولاياتالمتحدة. وقال نائب رئيس إدارة الشئون الدولية فى البنك ألان توليدو لداو جونز: «سوف ننشئ 15 فرعًا جديدًا فى الولاياتالمتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، كما أننا نبحث القيام ببعض الاستحواذات على بنوك محلية صغيرة من أجل بناء العملية الخاصة بنا». يُعتبر هذا النوع من الاستثمار أكثر جاذبية بالنسبة لكُتاب الافتتاحيات وذوى النزعة الوطنية الأمريكيين، من التدفقات النقدية التى تأتى من دول البريك (البرازيل وروسيا والهند والصين). ويثير احتمال شراء الشركات الصينية لشركات التكنولوجيا والنفط الأمريكية مخاوف الصقور فى الحكومة الأمريكية. فقد أعربت وزارة الخزانة عن قلقها إزاء فكرة شراء شركة روسية لخدمة الرسائل الفورية فى برنامج آى سى كيو من أيه أو إل. ويشعر بعض محللى السياسة الأمريكيين بالقلق إزاء العلاقات الودية للغاية بين رئيس البرازيل لولا دا سيلفا وبين كل من رئيسى إيران وفنزويلا. لكن أحدًا لا يقلق من تملُك التكتلات البرازيلية التى تُدار بطريقة كفء للعلامات التجارية الأمريكية الشهيرة. ويعتبر ذلك أمرًا جيدًا، حيث تحتاج أمريكا للشركات البرازيلية وللشركات من جميع أنحاء العالم كى تلقى نظرة جديدة على السوق الأمريكية. وبالرغم من كل مشكلات الولاياتالمتحدة، فإن هذا البلد يظل أكبر مستقبل للاستثمار الخارجى المباشر فى العالم. وقد لعبت استثمارات الشركات الأجنبية دورًا مهما فى التعافى الاقتصادى الذى حدث العام الماضى. وفى ظل نزوع المستثمرين إلى الحد من الاستدانة وإلى مراكمة السيولة النقدية، يصبح الاستثمار الخارجى المباشر ذا أهمية حيوية من أجل تمويل النمو والتوسع. ويجب على مصرفيى وول ستريت البدء فى تعلم بعض العبارات البرتغالية.