أصدرت منظمات حقوقية اليوم الثلاثاء، تقريرا يتناولون فيه تحليلا لسياسات الحكومة المصرية تجاه حرية الرأي والتعبير في الصحافة، الانترنت والإبداع. ورصد التقرير -الصادر عن مركز هشام مبارك للقانون بالاشتراك مع مؤسسة حرية الفكر والتعبير وبالتعاون مع رامي رؤوف مسئول الإعلام الإليكتروني بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية- السياسات الحكومية للتعامل مع البنية التشريعية للصحافة والانترنت والإبداع، استنادا إلى رصد الأحداث التي وقعت في عام 2009. حرية الصحافة والصحفيين والسيطرة علي طباعة الصحف وتناول التقرير سياسات الدولة تجاه حرية الصحافة والصحفيين والتي تمثلت في مصادرة الصحف الصادرة بترخيص أجنبي إلى جانب وقف إصدار الصحف لأسباب سياسية، مع فرض أنماط متعددة للرقابة على طباعة الصحف، كما تناول التقرير توجه الدولة لاستخدام آليات التقاضي للمصادرة والملاحقة القضائية للصحفيين والتوسع في فرض غرامات مالية. ورصد التقرير سيطرة الدولة على طباعة الصحف، حيث تمتلك المؤسسات الصحفية القومية أغلب المطابع التي تُطبع فيها الصحف، بما فيها الصحف الخاصة والحزبية واستشهدت المنظمات الحقوقية في سياق تقريرها على تلك السيطرة، برفض القائمون على مطابع مؤسسة الأهرام، طباعة أحد أعداد جريدة صوت الأمة الأسبوعية، بسبب اعتراضهم على مقال عبد الحليم قنديل رئيس تحرير الجريدة لأنه تضمن نقدا للحكومة المصرية. وتطرق التقرير إلي استمرار الملاحقات القضائية والأمنية ضد الصحفيين بسبب ما يكتبونه وآرائهم المناهضة للحكومة، حيث شهد عام 2009 توسعا كبيرا في استخدام التقاضي لتقييد حرية الصحافة، بما يمثل تأثيرا سلبيا للتعديلات التي أدخلت علي قانون العقوبات بإلغاء الحبس في عدد من الجرائم الصحفية وعلي رأسها جريمة السب والقذف. وتوسعت المحاكم المصرية في فرض غرامات كبيرة علي الصحفيين بسبب قضايا النشر وهو ما أصبح عبئا كبيرا علي الصحفيين وخاصة الشباب منهم، كما تم استخدام مواد في القانون تجيز الحبس في قضايا النشر وخاصة فيما يتعلق بنشر أخبار كاذبة وإهانة موظف عام أثناء تأدية عمله. استخدام الإنترنت وفيما يتعلق بحرية استخدام الانترنت في مصر أشار التقرير إلي أن الحكومة المصرية حريصة على التوسع في الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المعلومات لإدراكها أن هذا المجال سوف يجذب مصالح اقتصادية واسعة ولم تتوقع الحكومة أن الإنترنت سوف يتم توظيفه كأداة هامة وفعالة في الكشف عن الانتهاكات التي ترتكبها وأداة لنشر محتويات متعددة تتعلق بفساد الحكومة وأوضاع حقوق الإنسان وموضوعات كثيرة لا تغب الحكومة في تداولها. وتناول التقرير تطور سياسات الدولة تجاه الفضاء الالكتروني في عام 2009، من مجرد موقف اقتصادي إلي موقف تفاعلي يتضمن التوظيف والرقابة علي المحتوى الالكتروني، مع الإبقاء على الموقف الأصلي وتضمن أيضا، أهم المحطات التي جمعت الدولة والفضاء الالكتروني والمضايقات التي يتعرض لها مستخدمي الانترنت والمدونين في مصر. حرية الإبداع وأشار التقرير الحقوقي إلي حرية الإبداع في مصر خلال عام 2009، بداية من تحليل أشكال الرقابة المتعددة التي تفرضها الدولة، مروراً باستمرار استخدام ساحات المحاكم كآليات ضغط على حرية الفكر والإبداع واستمرار إخضاع الأعمال الإبداعية والفكرية لمعايير الأجهزة الإدارية والجهات الدينية، وتحليل توجه الدولة للتعامل مع حرية الإبداع استنادا لعدد من حالات التعدي على حرية الفكر والتعبير. واستمرت الأجهزة الإدارية في فرض سيطرتها علي الرقابة علي الإبداع، كما كشفت تقارير مؤسسة الفكر والتعبير عن أن استقلال "الإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية" بعيدا عن الأجهزة الأمنية والسيادية، أمرا لا وجود له وذلك ما ظهر جليا في العديد من الأفلام التي أجازتها الرقابة وما حدث من تدخلات في أحداث تلك الأفلام وهو ما يمثل علامة استفهام كبيرة في علاقة الرقابة بالأجهزة السيادية في الدولة. ووصف التقرير عام 2009 بفترة "الحذف والمنع وقطع الإرسال"، لما تضمنه من تواصل أعمال الرقابة علي "الإذاعة والتليفزيون والفضائيات" وألمح التقرير إلي أن الأزهر والكنيسة، مارسا دورا رقابيا علي المبدعين والمفكرين، حيث أنهم صادروا كتب ومنع عرض أفلام، بدعوي أنها مخالفة للدين الإسلامي والمسيحي. وأضاف التقرير "رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في عام 2009 نحو 55 حالة تعد علي حرية الفكر والإبداع، تنوعت ما بين الرقابة علي المسرح والسينما والتليفزيون والصحف والمطبوعات ونحو 18 محاكمة للمبدعين والمفكرين وقرابة 12 حكم". وتنوعت المحاكمات ما بين دعاوي لوقف أعمال سينمائية، بالإضافة إلي المطالبة بوقف بث قنوات فضائية وحجب مواقع إلكترونية والمطالبة بسحب جوائز الدولة التقديرية ومنع تداول الصحف في مصر". توصيات التقرير ووجه التقرير مجموعة من التوصيات للحكومة المصرية، من أهمها "الكف عن التدخل في حرية الصحافة وفرض رقابة على الصحف وإعادة النظر في المواد القانونية التي تجيز حبس الصحفيين بسبب ما ينشرونه من موضوعات صحفية، كما أن على الحكومة اعتبار الفضاء الالكتروني وسيطا لتداول المعلومات والتراجع عن ممارسات رقابة المحتوى الإلكتروني والمراسلات الشخصية واحترام حق مستخدمي الإنترنت في الخصوصية". واستكمالا للتوصيات أضاف التقرير "يجب على الحكومة إلغاء قرار وزير الإعلام والثقافة رقم 220 لسنة 1976 بشأن القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية، حيث يعد هذا القرار أخطر وثيقة يمكن من خلالها رفض منح ترخيص لأي مصنف".