لماذا يزور وزراء المجموعة الاقتصادية فى مصر دولا ليس من المعتاد تكرار زيارات وزير الخارجية المصرية لها سؤال طرحته «الشروق» على خبراء السياسة والاقتصاد وكانت إجابتهم أن فلسفة حكومة نظيف تقوم على فكرة أن الاقتصاد يتدخل عندما تعجز السياسة. فى شهر مارس الماضى كانت زيارة وزير التجارة والصناعة المصرى رشيد محمد رشيد لسوريا، وهى الدولة التى وصفت من قبل الكثير من المحللين بأنها إحدى الدول الرئيسية فى محور الممانعة، الذى لا يقبل التفاوض أو التطبيع مع إسرائيل، وتسببت السياسات السورية الداعمة لحركة حماس وحزب الله فى خلق توترات سياسية مع الحكومة المصرية التى تصنف على أنها ضمن محور الاعتدال، إلا أن زيارة وزير التجارة والصناعة المصرى لسوريا، اتسمت بطابع ودى للغاية مما دفع مسئول سورى لوصفها بالتاريخية. أما الدولة الثانية فى محور الممانعة «إيران»، فقد زارها وزير الاستثمار المصرى محمود محيى الدين فى مايو الماضى فى قمة مجموعة ال15. «عندما تثبت الحلول الدبلوماسية عدم فاعلية بين الدول عادة ما تلجأ الحكومات للمصالح الاقتصادية»، يقول مجدى صبحى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية مفسرا توجه الوزراء الاقتصاديين لبعض الدول التى تتسم العلاقات السياسية معها بالتوتر. ولكن «لابد من فهم ملابسات كل زيارة على حدة» كما يقول مصطفى كامل السيد، رئيس مركز شركاء التنمية وأستاذ العلوم السياسية، فزيارة وزير الاستثمار المصرى لإيران لم تكن لتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ولكن الاستعانة بوزير من المجموعة الاقتصادية كان الهدف منها «إرسال وزير لا يمكن فتح موضوع سياسى معه بطبيعة اختصاصه مما يرفع الحرج عن الجانب المصرى الذى لا يرغب التحدث فى السياسة مع إيران» برأى كامل. إلا أن كامل يرى أنه بصفة عامة «قيام العلاقات الاقتصادية بين بلدين أساس متين لتحسن العلاقات السياسية، لأنه يضع حدا أقصى للتوتر السياسى» وبالرغم من عدم استقرار الأوضاع الأمنية بعد فى العراق، فإن وزير التجارة والصناعة المصرى أعلن إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين مصر والأردن والعراق تهدف لدفع التبادل التجارى بين الدول الثلاث. ويرى كامل أنه فى الحالة العراقية، فمصر ترغب فى تعضيد علاقاتها معها عن طريق هذه الاتفاقية باعتبارها من الدول «ذات العلاقات الجيدة مع أمريكا» بحسب تعبيره، خاصة أن المسئولين السياسيين المصريين يتحرجون من زيارة العراق «لأسباب أمنية». وقبل تفاقم الخلاف بين مصر ودول حوض النيل، عقب توقيع خمس دول منها اتفاقية إطارية تتعلق بحرية تصرفها فى الموارد النيلية وترفضها مصر، قام أحمد نظيف رئيس الوزراء المصرى بزيارة إثيوبيا نهاية العام الماضى، وهى الزيارة التى اكتسبت طابعا اقتصاديا أكثر من أن يكون سياسيا لاصطحابه وفدا من رجال الأعمال فى هذه الزيارة. «هذه الزيارة كانت محاولة لتصحيح أخطاء السياسة، ولكن الحكومة المصرية كانت تحاول أن تدعم العلاقات فى وقت قصير وهى العملية التى من المفترض أن تبدأ منذ وقت أطول» بحسب صبحى معتبرا أن اللجوء لدعم العلاقات الاقتصادية فى وقت متأخر أدى للوصول لمرحلة توقيع إثيوبيا، وأربع دول حوض النيل، للاتفاقية من طرف واحد «للأسف لم نفكر فى دعم العلاقات الاقتصادية مع دول حوض النيل إلا فى وقت الأزمات». «بغض النظر عن السياسة، من مصلحتنا كمجتمع أعمال أن تزيد العلاقات الاقتصادية مع كل دول المنطقة، فمعدلات التبادل التجارى سواء على المستوى العربى أو الأفريقى (فضيحة)»، على حد قول حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين وواحد من رجال الأعمال المشاركين فى الزيارات الرسمية المصرية لسوريا وإثيوبيا. ويرى صبور أن مصر أهملت دعم علاقاتها مع دول كتلك التى شارك فى زياراتها، ولكن زيارة واحدة لا تكفى «نحتاج إلى عدة سنوات حتى نخلق علاقات اقتصادية قوية بتلك البلاد، فأنا بصفتى الشخصية كرئيس لمجموعة ترددت على السودان لخمس سنوات حتى أسست شركة مقاولات مشتركة هناك» كما يضيف صبور. إلا أن رئيس جمعية رجال الأعمال يؤمن بأن العلاقات الاقتصادية أداة لدعم السياسية «القطاع الخاص يمثل نسبة مهمة من الاقتصاد فى مصر ودول المنطقة، وعندما تسوء العلاقات السياسية يضغط رجال الأعمال فى البلدين لتحسينها دفاعا عن مصالحهم»، ولكنه يؤكد ضرورة أن تفتح الحكومات أولا الباب لرجال الأعمال للدخول فى تلك الأسواق «هناك ترحيب كبير برجال الأعمال المصريين فى إيران ولكننا لا نذهب هناك حتى لا نضايق الحكومة» كما جاء على لسانه.