ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن نظام الرئيس مبارك يواجه حاليا ورطة في حصار قطاع غزة، في نفس الوقت الذي تنخفض فيه شرعيته وسط شكوك حول صحة مبارك ومستقبل القيادة المصرية، الذي سوف يترتب عليه الكثير من حسابات المصريين وإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وقالت المجلة -على لسان إسندر عمراني الصحفي المقيم بالقاهرة- إن الاعتداء الإسرائيلي على قافلة أسطول الحرية ألقى الضوء على دور مصر الشريك الصامت لتل أبيب في حصار القطاع، ما يعد تطورا مزعجا لمصر، التي تنكر أداءها أي دور في الحصار، على الرغم من إغلاقها معبر رفع الحدودي منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على القطاع. كما أشارت إلى أنه على الرغم من أن مصر قررت فتح المعبر لتجنب غضب الجماهير، فإنها منعت وصول قافلة مساعدات أعدتها نقابة الصيادلة في الإسكندرية من الوصول إليه، مؤكدا أن من الممكن أن يتسبب الغضب حول المعبر في زعزعة استقرار مصر، ما قد يضاعف من تكلفة مشاركة النظام في الحصار. وأضافت فورين بوليسي أن مصر فقدت ذرائعها السياسية والأخلاقية على المستويين المحلي والإقليمي للاستمرار في موقفها من المعبر بعد الغضب العارم على ما يراه الكثيرون تعاونا مصريا مع إسرائيل لمعاقبة سكان القطاع على تصرفات حماس. واعتبرت المجلة أن قلق النظام من فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، يعد سببا لسلوكه ذلك النهج، وخصوصا بعدما تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من الحصول على 20% من مقاعد البرلمان، حيث رغب النظام في إفشال تجربة حماس، كما لفتت إلى قول مصطفى الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، إن مصر لن تقبل بإقامة إمارة إسلامية على حدودها الشرقية. وأكدت المجلة أنه على الرغم من دعم القاهرة لحركة فتح سرا وعلانية منذ فوز حماس، حيث خصصت وجودا مخابراتيا كبيرا في القطاع، فإنها فشلت في احتواء حركة حماس، مضيفة أن ذلك يعتبر فشلا شخصيا لعمر سليمان رئيس المخابرات المصرية الذي قضى 5 سنوات يزور خلالها القطاع وتتوافر لديه خطة لقلب صعود حماس. كما لفتت إلى أن مطالبة الولاياتالمتحدة وإسرائيل بتشديد الحصار على تهريب الأسلحة إلى القطاع، دفعت مصر إلى الشروع في بناء جدار فولاذي يفصلها عنه، بجانب أن إدارة أوباما تعمل على تحسين علاقتها بالنظام، حيث تنازلت عن الضغوط التي كانت تمارس سابقا من أجل مساندة حقوق الإنسان والديمقراطية. واعتبرت المجلة أن أكثر أسباب الحصار أهمية هو تهديد أمن النظام، وخصوصا بعد أن دعا زعيم جماعة حزب الله في لبنان حسن نصر الله -خلال الاعتداء الإسرائيلي على القطاع- الجيش المصري والمواطنين إلى إجبار النظام على فتح المعبر، وأيضا بعد الكشف عن خلية الجماعة التي تنقل الأسلحة إلى القطاع. وختاما، اعتبرت المجلة أن إغلاق معبر رفح لا يمكن الدفاع عنه أكثر من ذلك، مع تظاهر المئات في القاهرة وفي أرجاء مصر مع هتاف المتظاهرين بشعارات مناهضة لمبارك ويربطون بين النظام وإسرائيل صراحة خلال الأيام القليلة الماضية.