استقطع باراك أوباما بعض الوقت من جدوله المحموم خلال قمة العشرين فى لندن لإجراء اجتماع ثنائى قصير مع العاهل السعودى الملك عبدالله. كان اللقاء الذى لم تهتم به وسائل الإعلام كثيرا باستثناء غضب المحافظين فى الولاياتالمتحدة مما وصفوه بأنه «رضوخ من الرئيس الأمريكى» عندما انحنى باراك انحنائه طفيفة عندما التقى الملك عبدالله. إلا أن هذا الإغفال ناسب الطرفين، خاصة أن البيت الابيض لم يكشف عن أجندة اللقاء الذى يمكن أن يكون قد تناول بحث الاقتصاد العالمى، والإرهاب، وعملية السلام المتعثرة فى الشرق الأوسط، ولكن أحد القضايا المهمة والحساسة التى من المؤكد أن الرئيس الأمريكى ناقشها مع الملك عبدالله هى مسألة خليفته المنتظر الذى لا زال مجهولا بالنسبة للكثيرين. الملك عبدالله البالغ من العمر 86 عاما نادرا ما يسافر للخارج، ولكنه عندما يفعل يحرص على أن يترك شخصا فى السعودية لإدارة الأمور فى أكبر دولة مصدرة للبترول فى العالم. لذلك قبل ساعات من سفره لحضور القمة العربية التى جرت فى الدوحة، وقمة العشرين فى لندن، أعلن تعيين أخيه غير الشقيق الامير نايف وهو ليس صغيرا على الإطلاق فهو يبلغ من العمر 75 عاما فى منصب النائب الثانى لرئيس الوزراء. كلا اللقبين والظروف المحيطة تحتاج إلى فك لشفرتها: فى النظام السعودى، الملك، يشار إليه دائما باسم «خادم الحرمين الشريفين» وهو رئيس الوزراء، أما ولى العهد فهو النائب الأول لرئيس الوزراء. ومن ثم فإن النائب الثانى لرئيس الوزراء يكون الأكثر ترجيحا ليكون ولى العهد المقبل. ولى العهد الحالى هو الأمير سلطان بن عبدالعزيز ويبلغ من العمر 85 عاما ويعيش منذ نوفمبر الماضى خارج السعودية حيث يعانى من مرض السرطان، ويتعافى من عملية جراحية أجراها فى نيويورك. وهذا يعنى تقنيا أن أنباء تعيين نايف فى الوظيفة الجديدة كان أشبه بالقنبلة لأنه يوحى بأنه المقبل فى ترتيب ولاية العرش. مع مراعاة الفارق فى السن بين عبدالله وسلطان، فيمكن لنايف أن يجلس على العرش عاجلا وليس آجلا. إلا أن الخبراء اختلفوا بهذا الشأن مشيرين إلى أن قضية خلافة نايف ليست مؤكدة. رسميا، هذا الاختيار يتم فى إطار عملية سرية قاصرة على هيئة تدعى «مجلس الولاية»، الذى أنشئ عام 2006 ويتألف من أبرز أعضاء العائلة المالكة (جميع أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز، أو ابن سعود، مؤسس السعودية)، للتصويت على تعيين أولياء العهد. يقول جريجورى جوس من جامعة فيرمونت: هذه تدعى «الورقة الرابحة فى عملية الخلافة»، فى إشارة إلى أن غالبية التكهنات لا محل لها من الإعراب لأن القرار فى يد هذا المجلس. إلا أن غيره من المراقبين السعوديين يتوقعون أن نايف سيتسلم المسئولية فى نهاية المطاف. أما مى اليمانى المحللة الخاصة بالشئون السعودية فى مركز لندن للأبحاث فتقول: «المسألة ما زالت مفتوحة، ولكن، على الأرجح، نايف سيصبح ملكا». وأضافت «إنه قوى جدا لدرجة لا يمكن تجاهلها». ويرجع قدر كبير من شهرة نايف لعمله لأكثر من 30 عاما وزير الداخلية. وكان هو الذى نظم الهجوم الذى وضع حدا للمصادمات التى جرت حول الحرم المكى فى عام 1979، وقاد المعركة ضد تنظيم القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر (بعد أن وجه فى بداية الأمر اتهامات للموساد الإسرائيلى نافيا أى تورط سعودى فى الأمر). لقد استخدم نايف القوة الغاشمة مقترنة فى الوقت نفسه ببرنامج متطور للتأهيل لاقناع التائبين «الخارجين عن تنظيم القاعدة» أو الجهاديين بالاندماج مرة أخرى فى المجتمع. فالواقع أن نايف يسيطر مع ابنه الأمير محمد نائب وزير الداخلية على الأمور فى السعودية بقوة كلاسيكية تمنحة سلطة مطلقة. وهو أيضا ينتمى للتيار المحافظ حيث أعلن قبل أيام من تعيينه أنه ليست هناك حاجة لأى انتخابات أو لعضوات مجلس الشورى. نايف معروف عنه أنه نادر ما يسافر للخارج وهو واحد من عدد قليل من الأمراء السعوديين الذين لم يتوجهوا إلى واشنطن على الإطلاق. الاصلاحيون الذين أشادوا بالتغيرات الحذرة التى أجراها الملك عبدالله، بما فيها مؤخرا تعيين المملكة أول وزيرة يشعرون بالكثير من القلق تجاه فكرة تولى نايف زمام الأمور فى السعودية. كل هذه الظروف مجتمعة تسلط الضوء على الأسباب التى جعلت من الخلافة مسألة شديدة الحساسية فى هذا البلد الذى يضفى أهمية كبيرة على الاستقرار، والتى تم تداول التاج فيه بشكل أفقى من أخ لأخيه لأكثر من نصف قرن. محرر شئون الشرق الأوسط فى صحيفة الجارديان البريطانية خدمة خاصة من الجارديان