رغم مرور عام على خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة، لا تزال هدف الرسالة التي أراد إيصالها بتحسين صورة بلاده المشوهة بفعل جرائم الرئيس السابق جورج دبليو بوش مشوشة، ولكن مع تصاعد الأحداث الدامية في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأفغانستان وباكستان، واستمرار المساندة لإسرائيل علي حساب العرب، وأخيرا المجزرة الإسرائيلية بحق ناشطي أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، تضاءلت الرسالة إلي حد كبير. ورأى خبراء في العالم العربي أنه بعد عام من خطابه في القاهرة، تمكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من تحسين صورة بلاده، بيد أن رسالته إلى المسلمين تبقى مشوشة بسبب علاقات واشنطن الوثيقة مع إسرائيل التي برزت مجددا مع الهجوم الإسرائيلي على "أسطول الحرية". كلام منمق قال عماد جاد، المحلل في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، إن الخطاب الذي ألقاه أوباما في 4 يونيو 2009 "اعتبره البعض صادقا والبعض الآخر غير صادق"، مضيفا أن "رد الفعل الأمريكي المجامل لإسرائيل رغم الاستنكار الدولي الذي أثاره هجومها الدامي على أسطول الحرية لكسر الحصار على قطاع غزة يرجح كفة الذين يرون أنه (أوباما) لم يفعل سوى إلقاء الكلام المنمق". وجهدت الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة لتفادي أن يحمل بيان رئاسي صادر عن مجلس الأمن الدولي إسرائيل بشكل واضح مسئولية الهجوم على أسطول الحرية. وتظهر ردود الفعل الأمريكية المحسوبة تجاه إسرائيل بوضوح العلاقات المميزة القائمة بين البلدين، وهو من المآخذ الأساسية للعالم العربي على الولاياتالمتحدة. ورأى إنطوان بصبوص، من مرصد البلدان العربية في باريس، أن هذه القضية تنذر بإعادة إحياء الشعور الشائع بأن "أمريكا هي العراب الدولي لإسرائيل". تعديل مشيرا إلى أنها تخلت عن الإشارة إلى "الحرب على الإرهاب" التي كان يعتمدها الرئيس السابق جورج بوش الذي كثيرا ما نظر إليها على أنها حجة لاعتماد سياسة مناهضة للإسلام، كما دعمت واشنطن، رغم استياء إسرائيل، اتفاق مؤتمر متابعة معاهدة عدم الانتشار النووي الذي أشار بأصبع الاتهام إلى إسرائيل في الملف النووي. وأضاف بصبوص أنه منذ عام ترى الدول العربية المعتدلة أن "هناك تبدلا في المواقف" في العديد من النقاط في السياسة الأمريكية حتى وإن "أقرت بأنها لم تحمل إلى معجزة". وكان أوباما، الحريص على قطع الصلات مع سياسة بوش، دعا من القاهرة إلى "انطلاقة جديدة" في العلاقات بين بلاده والعالم الإسلامي "تقوم على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل". تهدئة ورأى بول سالم، من مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، أن "باراك حسين أوباما تمكن انطلاقا من اسمه وخطابه، بشكل كبير، من تهدئة الهواجس"، مشيرا إلى أن غياب النجاح الملحوظ في الملف الفلسطيني الإسرائيلي يظهر حدود عملية العلاقات العامة هذه، حتى وإن أقر العرب أن مهمة أوباما ليست سهلة بوجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وقال بول سالم: "إن عدم القدرة أو عدم الرغبة في ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل، يشكل خيبة أمل حقيقية في العالم العربي". واعتبر سمير عوض، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت الفلسطينية، أن "هناك تغييرا في التصريحات والإعلانات الأمريكية منذ خطاب أوباما، لكن هذا الفارق لم يترجم إلى تغييرات أساسية على الأرض".