عرض تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي." فيلما وثائقيا تناول قضية المسلمين الذين يتحولون من الإسلام إلى المسيحية وما يواجهونه، وكيفية عمل القنوات الفضائية التي تعمل على تنصير المسلمين، حيث يندرج تحول المسلم عن دينه واعتناق دين آخر علنا في خانة "المحرمات" داخل المجتمعات العربية. والتقى معد الفيلم عمر عبد الرازق في مصر مريم -اسم مستعار- التي تحولت إلى المسيحية وتزوجت من شاب مسيحي بالمولد زواجا كنسيا وهما الآن ينتظران مولودا، يعرفان أنه لن يلقى اعترافا شرعيا ولن تكون له أوراق رسمية، لأنه نتاج زواج غير قانوني. وتطالب مريم كغيرها من المتنصرين بأن تسمح الحكومة المصرية للمتحولين إلى المسيحية بتغيير أوراقهم بما يتلاءم مع ديانتهم الجديدة حتى يحيوا حياة طبيعية، بعد فرارها من منزل عائلتها ومخاوفها من مواجهة الموت لو عرفوا أين تعيش. وتكرر الأمر مع ماهر الجوهري وابنته دينا (14 عاما) وكان ماهر ثاني شخص في مصر يتقدم بطلب أمام القضاء يطالب بإثبات تحوله من الإسلام إلى المسيحية في عام 2008، ولكي يتقدم بهذه الدعوى كان عليه أن يقدم للمحكمة شهادة تثبت "تعميده" في الكنيسة المصرية. وأضاف عبد الرازق أن ملف "التنصر" لا ينفصل في مصر عن حالة المد الديني التي تعرفها والتي امتدت إلى معظم العالم العربي، إذ لم يعد الانتماء الديني مجرد عقيدة تربط المرء بربه، لكنه صار أسلوب حياة ومأكل ومشرب وملبس، مما أسفر عن مزيد من الاحتقان الطائفي. وأشار إلى قضية "وفاء قسطنطين" زوجة قس في الكنيسة القبطية والتي فرت من بيتها مع زميل لها في العمل عام 2004 وقالت الكنيسة إنها أجبرت على التحول إلى الإسلام، وهي القضية التي دفعت بقضية التنصر إلى السطح، وخصوصا بعد أن اضطرت الدولة إلى إعادة وفاء إلى الكنسية تحت ضغط المظاهرات. ونقل المعد عن الأب متياس نصر كاهن كنيسة السيدة العذراء في عزبة النخل، وهي واحدة من أفقر الضواحي الهامشية في القاهرة القول، إن الأقباط شعروا بأنهم أصيبوا في أحد رموزهم -في زوجة الكاهن- وبعد ذلك شعر كثيرون أن طريق التحول الديني يمكن أن يكون ذا اتجاهين، أن يتنصر مسلمون كما يسلم مسيحيون. كما لفت إلى ظهور فريق جديد من آباء الكنيسة المصرية لا يمانع في تعميد المسلمين الذين اعتنقوا المسيحية أو إعطائهم شهادات تفيد بتعميدهم، وهو ما فعله الأب متياس مع عدد من المتنصرين، مؤكدا أن القانون المصري لا يجرم التبشير أو التنصير وأن المسألة تتعلق بالدولة التي عليها تغيير قوانينها وإعطاء كل ذي حق حقه، فإذا حدث ذلك فسيطفو على السطح آلاف المتنصرين، وعشرات المنصرين. "تبشير هجومي" وأضاف عبد الرازق معد الفيلم أنه في مقابل تلك المعاناة هناك من يرفع صوته بقضية التنصير متجاوزا الحدود التقليدية للتبشير، حيث تعرض التقرير إلى متنصرين تركوا بلادهم وتحولوا هم أنفسهم إلى منصرين، يعيشون في الولاياتالمتحدة ويبثون قنوات تستهدف نقد الإسلام وتحويل العرب المسلمين إلى المسيحية. ونقل عن مؤسس قناة الحقيقة التبشيرية أحمد أباظه قوله، إنه لن يعود إلى مصر إلا عندما يتعمد "آخر مسلم مصري في نهر النيل"، وحكى أباظه أنه ابن العائلة الأباظية وأن والده مليونير من أقطاب العائلة عذبه وسجنه عندما أصر على اعتناق المسيحية. وقال عبد الرازق معد التقرير إنه حينما حاول الاتصال بمحمود أباظه عميد العائلة الأباظية وزعيم حزب الوفد قال له: "لا نعرفه ولم نسمع عنه" وفند لي الكثير من المعلومات التي قدمها لي أحمد أباظة، وحينما عاد المعد إليه ليطلعه عليها قال إن العائلة بنفوذها أعدمت كل المعلومات الخاصة به من "السيستم" المصري. وأشار إلى أن الأبرز بين القنوات التي تتبع التبشير الهجومي هي قناة "الحياة" التي تحيط عملها والعاملين فيها بسرية صارمة، والتي رفضت طلب "بي بي سي" مشاركتهم على مدى شهور وأصرت على الرفض. وكانت "الحياة" وحتى قبل قليل من بث وثائقي "متنصرون" هي المنبر الرئيسي لكاهن متقاعد من الكنيسة المصرية هو الأب زكريا بطرس، وعلى مدى 7 سنوات ومئات الحلقات كانت المهمة الرئيسية للقمص بطرس هي نقد الإسلام، حيث يعتبره محبوه "عالما في الإسلاميات"، وأكد عبد الرازق أن أغلب برامجه حملت في طياتها الكثير من الهجوم المباشر على المسلمين والإسلام، حتى أنه قال في أحد برامجه في يناير الماضي: "إن المسلمين جميعهم نتاج لثقافة الإسلام الإرهابية"، غير أن القناة أوقفت مؤخرا عرض برامجه. ولفت إلى أن القمص بطرس تجنب في حديث عبر غرفته في موقع "بالتوك" الأسبوع الماضي، الإشارة لعلاقة برنامج "منتصرون" بقرار الوقف، وقال "ولن نسمح لأي قوة أن تحوِّل عمل الرب إلى تجارة أو بيزنس، ومعركتي معركة مبادئ، ومهما حدث من اختلافات في وجهات النظر، فستظل قناة الحياة بخدَّامها وخدماتها موضوع احترامنا وتقديرنا".