«تخيل لعبة فكرتها مبنية على أحداث حروب صلاح الدين الأيوبى أو حرب أكتوبر، ولعبة أخرى تدور فكرتها حول الدورى المصرى لكرة قدم بأكمله، من الدرجة الثالثة وحتى الأولى»، كانت هذه واحدة من الأفكار التى طرحها مصطفى حافظ، مؤسس شركة «تايملاين إنتراكتيف»، خلال حديثه عن نشاط شركته وطموحها. وتايملاين هى الشركة المصرية الوحيدة التى تتخصص فى تصميم ألعاب كمبيوتر لنظام إكس بوكس Xbox الذى تنتجه شركة ميكروسوفت، وبلاى ستيشن Playstation لشركة سونى. وبالرغم من أن الشركة لديها أفكار كثيرة طموحة لألعاب موجهة للمستهلك المصرى، إلا أن «هذه الأفكار لن ترى النور قريبا»، كما يرى حافظ، مبررا ذلك بأن السوق المصرية لا يعترف بحقوق الملكية الفكرية لصانعى الألعاب. فتكلفة إنتاج لعبة الكمبيوتر تتراوح ما بين 20 مليون إلى 100 مليون دولار أمريكى، ويستغرق العمل فيها من سنتين إلى 6 سنوات، «وفى النهاية، وبمنتهى البساطة قد يتمكن شخص ما من الدخول على الإنترنت وسرقة هذه اللعبة، دون أدنى إحساس بالذنب»، وهذا يمنع أى شركة من أن تغامر فى صناعة ألعاب للمستهلك المصرى، على حد قول حافظ. وحتى تتغير ثقافة المستهلك المصرى ليقبل على شراء ألعاب الكمبيوتر، «فالشركة تركز نشاطها حاليا على صناعة ألعاب على مستوى عال ومتطور، مستهدفة السوقين الأمريكى والأوروبى»، بحسب تعبير حافظ. تعليم ذاتى حافظ الذى تخرج فى جامعة عين شمس فى 2005، قد صمم أول لعبة كمبيوتر فى حياته وهو فى السادسة عشرة من عمره، وهو الآن المدير التقنى للشركة المصرية الوحيدة التى تتخصص فى تصميم ألعاب كمبيوتر لنظام إكس بوكس وبلاى ستيشن. «بدأت أقرا كتب عن تصميم الألعاب، ومع دخول الإنترنت حاولت أقرا أكتر وأعلم نفسى لغات البرمجة المختلفة»، وفى سن الرابعة عشر، نجح مصطفى فى تصميم «محرك» ألعاب، أى كود يمكن استخدامه فى تصميم ألعاب مختلفة، «محرك اللعبة هو أحد أهم عناصرها على الإطلاق، وبمصطلحات غير تقنية، فالمحرك للعبة أشبه بالموتور للسيارة»، قال حافظ. ووضع مصطفى «المحرك» الذى ابتكره على موقع خاص به على الإنترنت، واجتذبت جودة هذا المحرك مجموعة من هواة التصميم حول العالم، وطلبوا منه أن يتعاون معهم فى تصميم لعبة كمبيوتر، لعل النجاح يصادفهم ويستطيعون تحويل هوايتهم لمهنة مربحة. «كنا مجرد فريق من الهواة من مختلف أنحاء العالم، ولم يكن هناك أى ضمان لنجاح اللعبة»، واستغرق تصميم اللعبة أكثر من سنتين من العمل المتواصل، «وقتها كنت فى ثانوية عامة، وكان أهلى يمنعونى من استخدم الكمبيوتر، فكنت أعمل على تصميم اللعبة والتواصل مع زملائى المصممين من حول العالم خلسة»، يروى مصطفى. وفى الصف الثالث الثانوى، نجح الفريق فى الانتهاء من اللعبة التى حملت اسم «نهاية الرحلة»، «كانت لعبة بدائية، تختار فيها شخصية محارب وتستخدم أسلحتك فى القضاء على وحوش مختلفة». ويقول حافظ إن بيزنس ألعاب الكمبيوتر أشبه فى أسلوبه بصناعة النشر، فهناك المصممون الذى ينتجون اللعبة، وهناك الناشرون الذين يشترون هذه الألعاب ويتولون تسويقها وتوزيعها على نطاق واسع. وقد اجتذبت لعبة فريق الهواة ناشرا اشترى حقوق توزيع اللعبة، وتولى بيعها فى الولاياتالمتحدة ودول أوروبية مختلفة. «مكسبى ساعتها كان قليل، نحو 10 آلاف جنيه»، إلا أن هذا المبلغ الذى ربحه طالب الثانوية العامة كان كفيلا بتشجيعه لتحقيق حلمه فى العمل فى مجال تصميم الألعاب بشكل محترف، كما أنه «أقنع والدى بأن الشىء الذى أقوم به مش مجرد لعب عيال». بداية الطريق التحق حافظ بكلية الحاسب الآلى جامعة عين شمس، وفى سنوات الدراسة، استكمل العمل مع مجموعة الهواة فى مشروع أكبر، وهو تصميم «محرك» ألعاب حديث بإمكانيات ضخمة. كان العمل فى هذا المشروع من خلال شركة أسستها المجموعة تحت اسم «ارتفيشال ستوديوز»، مقرها القانونى بيت أحد الرواد فى المجموعة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، «لم يكن هناك مقر حقيقى للشركة، كنا نعمل جميعا مع بعض من خلال الإنترنت». وقد استغرق بناء المحرك الجديد 4 سنوات، ونجحت الشركة الوليدة فى بيع المحرك لأكثر من شركة ألعاب، وتكفلت الأرباح بإمداد أعضاء الفريق براتب شهرى ثابت، وقرر الفريق أن يستخدم المحرك الجديد الذين ابتكروه فى صناعة لعبة جديدة، وحققت اللعبة التى حملت اسم «جنون الوحوش» نجاحا أكبر بكثير من سابقتها. وفى ذات الوقت، حصلت الشركة على عقد ضخم من شركة آسيا Asia المتخصصة فى صناعة كروت الشاشة، وهو الجزء المسئول عن نقل الصورة من جهاز الكمبيوتر إلى الشاشة. كانت الشركة قد ابتكرت نوعا جديدا من كروت الشاشات يحسن من مستوى الجرافيكس بشكل كبير، «واختاروا شركتنا لكى تبتكر لهم لعبة توضح إمكانيات الكارت الجديد». ومع النجاحات المتواصلة للشركة ذات الجنسية الأمريكية وتزايد أعداد الموظفين بها، انفصل حافظ ليؤسس شركته الخاصة «تايملاين انتراكتيف» عام 2007. مليون دولار أمريكى «الميزة الأساسية فى شركتنا هى قدرتها على تصميم ألعاب بمستوى عال جدا، وبسعر رخيص»، نظرا بالطبع لأن العمالة المصرية أرخص من مثيلتها الأجنبية ولا تقل عنها فى الكفاءة. فى عام 2007، اجتذبت الشركة اهتمام صندوق تنمية التكنولوجيا، المتخصص فى الاستثمار فى شركات التكنولوجيا وتقنية المعلومات فى الشرق الأوسط، وتدير أعماله فى مصر المجموعة المالية هيرمس. وبعد تقييم الشركة، استثمرت هيرمس مليون دولار أمريكى كأسهم لها فى الشركة، لتكفل لها دعما ماليا يضمن لها التعامل بثقة مع أكبر ناشرى الألعاب فى العالم. وتبعا لحافظ، تصميم ألعاب الكمبيوتر يضم عددا كبيرا من العمليات الإبداعية، تبدأ بوضع فكرة اللعبة، ووضع قواعد لها، والبرمجة، ورسم الجرافيكس، ثم تحويله إلى أشكال ثلاثية الأبعاد وتحريكه، وغيرها من العمليات المعقدة. وبداية نشاط الشركة كان فى حدود تصميم اللعبة وبرمجتها فقط، والاستعانة بشركات أجنبية لتتولى أعمال الجرافيكس والتحريك، أما الآن، فإن الشركة توظف 30 فنانا ومهندسا مصريا يستطيعون إنتاج لعبة كمبيوتر كاملة من الألف إلى الياء. تضطر الشركة رغم ذلك إلى اللجوء لشركات أجنبية لصناعة الموسيقى والمؤثرات الصوتية، نظرا لعدم وجود شركات مصرية ذات خبرة فى خلق مؤثرات ألعاب الكمبيوتر. وكانت باكورة إنتاج الشركة هى لعبة «مصنع الخلايا» Cell Factor، التى يقول حافظ إنها قد حققت نجاحا أقل من المتوقع، حيث أثرت الأزمة الاقتصادية العالمية على ميزانيات الدعاية التى كان الناشر قد خصصها للعبة.