إغلاق كيان تعليمي وهمي باسم «الأكاديمية البريطانية المصرية للتدريب» بالشرقية (تفاصيل)    قيادات جامعة القاهرة تتفقد اليوم الأول للكشف الطبي على الطلاب الجدد    محافظ أسيوط يؤكد أهمية حث المواطنين على التقدم بملفات التصالح في مخالفات البناء    «المشاط»: المجموعة الوزارية الاقتصادية تعمل لتعزيز مشاركة القطاع الخاص    وزير السياحة: الوصول إلى 30 مليون سائح سنويا بحلول 2028 هدف مبني على التغيرات والافتراضيات    ميلوني تشيد باختيار حليف يميني متشدد ضمن نواب رئيسة المفوضية الأوروبية المقبلة    الأمم المتحدة: الأوضاع في غزة مزرية ولابد من حل سياسي مستدام لوقف المعاناة    النمسا: رغم انحسار مياه الفيضانات لا يزال خطر انهيار السدود والانهيارات الأرضية قائما    ماذا قدم محمد صلاح أمام ميلان؟    حلمي طولان مديرا فنيا ل الإسماعيلي خلفا لإيهاب جلال    مصرع سائق بسوهاج في انقلاب سيارته على الطريق الزراعي    إصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بمدينة 6 أكتوبر    العثور على الغواصين الثلاثة المفقودين في مرسى علم    تخفيف عقوبة عامل إلى السجن عامًا بتهمة الزواج من زوجة والده بالمنيا    أتوبيس الفن الجميل يواصل جولاته للأطفال ويحتفي بالمولد النبوي    "صباح الخير يا مصر" يحتفى بذكرى ميلاد الشيخ محمود خليل الحصرى    القاهرة الدولي للمونودراما يطلق استمارة الاشتراك في ورشه الفنية    صحة سوهاج: اعتماد عدد من الأقسام للزمالة بمستشفيات طهطا وجهينة والحميات ومعهد الأورام    الرئيس السيسي يبحث هاتفيًا مع ملك الأردن مستجدات الأوضاع الإقليمية    محافظ أسوان يتفقد المدارس للإطمئنان على جاهزيتها قبل العام الدراسي الجديد    تحدت المستحيل.. طالبة من ذوي الهمم تكتب بقدميها تلتحق بقسم الآثار جامعة سوهاج (صور)    المصريان محمد حسن وطارق سامى يديران مباراة إسبانيا ونيوزيلندا بكأس العالم للصالات    وزير الشباب والرياضة يستقبل الممثل المقيم الجديد لمنظمة UNFPA ويبحث آفاق التعاون المستقبلي    النصر السعودي يقترب من التعاقد مع المدرب ستيفانو بيولي    «العربية للتصنيع» تعلن تلبية احتياجات نادي الزهور الرياضي بمنتجات متميزة وبأسعار تنافسية    وزير الزراعة يعلن فتح السوق الكوستاريكي أمام صادرات مصر من البصل الطازج    نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024    «إعاشة وأنشطة وهوايات».. رئيس «بنها» يطمئن على أعمال الصيانة بالمدن الجامعية    ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة مستمرة.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة (فيديو)    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى منشأة القناطر دون إصابات    «الري» تعلن موعد انطلاق أسبوع القاهرة السابع للمياه    مصر والأردن تحذران من خطورة استمرار حرب غزة واتساع نطاق الانتهاكات بالضفة الغربية    تصنيف مباراة ريال مدريد وشتوتجارت عالية الخطورة والقوات تحاصر البرنابيو    "بعد صراع مع المرض" رحيل الزميل أحمد قاعود رسام الكاريكاتير.. فيديو    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة 41252 شهيدا و95497 مصابا    أعضاء لجان تحكيم مسابقات الدورة الثانية ل مهرجان الغردقة لسينما الشباب (بالأسماء)    تقديرات سرية: نصف مليون روسي وأوكراني قتلوا أو جرحوا بالحرب    طريقة عمل أجنحة الدجاج المشوية.. سهلة واقتصادية    وزير الخارجية: نستضيف 10 ملايين ضيف.. وعلى الاتحاد الأوروبي تقديم أقصى مستويات الدعم لنا    وزير الخارجية: لا تفريط في قطرة مياه من حصة مصر    وزير الإسكان: تطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات بما يتماشى مع قيمتها التاريخية والأثرية    دعاء خسوف القمر.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    السجن المشدد 5 سنوات للمتهم بالشروع في قتل عامل بالشرقية    المشدد 7 سنوات لربة منزل وشخصين في سرقة سائق بباب الشعرية    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بالنواورة ومبنى العيادات لمستشفى البدارى    منتخب الماسترز للخماسي الحديث يحرز ذهبية وفضيتان ببطولة العالم بالمجر    «تنمية المشروعات»: تنفيذ خطة تدريبية متكاملة لكل العاملين بالجهاز    وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء فهو يسرق الشعب والدولة    تداول 80 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة    محسن هنداوي: تركت كرة القدم بسبب الظلم وأعمل في تجارة الحديد    أستاذ صحة عامة: مبادرة «100 يوم صحة» قدمت ملايين الخدمات للمواطنين مجانا    خالد عبد الغفار يبحث تعزيز استخدام التكنولوجيا بالقطاع الصحي    محمد صبحي يواصل تقديم مسرحيته "فارس يكشف المستور" (صور)    أسعار السلع التموينية اليوم الثلاثاء 17-9-2024 في محافظة المنيا    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران ووكلاؤها.. تعقيدات الانتقام
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 08 - 2024

فى 13أبريل الماضى، وبعد ثلاثة عشر يومًا من الاستهداف الإسرائيلى لقنصليتها بدمشق، جاء رد إيران الانتقامى، بإقدامها، للمرة الأولى، على إمطار العمق الإسرائيلية، بوابل من المسيرات والصواريخ، التى أطلقت من قواعد داخل إيران، ومنصات تابعة لها فى سوريا والعراق.
ثمة تقديرات إسرائيلية بأن الرد الإيرانى المرتقب، على اغتيال اسماعيل هنية، فى طهران مطلع هذا الشهر، سيكون أقوى من انتقام أبريل الماضى. ويخشى الإسرائيليون هجومًا منسقًا، متزامنًا، مركبًا، ومتعدد الجبهات.
ينطلق من إيران، لبنان، اليمن، العراق وسوريا؛ وتستخدم فيه الطائرات بدون طيار، القذائف، الصواريخ. ويركز على المنشآت العسكرية والاستخباراتية بشمال ووسط إسرائيل، من حيفا إلى تل أبيب، بما يستتبع ضررا بالبنية التحتية، كمحطات الكهرباء، مستودعات الوقود وآبار الغاز. ونظرًا لقربها الجيوسياسى الشديد من الأراضى الإسرائيلية، تبقى جبهة جنوب لبنان هى الأخطر، خصوصًا مع امتلاك حزب الله، أعدادًا هائلة من الصواريخ، القذائف، والمسيرات، بعضها دقيق التوجيه. الأمر، الذى يشكل تحديًا استراتيجيًا لنظام الدفاع الجوى الإسرائيلى متعدد الطبقات. وإذا ما أفضى الرد غير المتناسب، من لدن إيران وحلفائها، إلى دمار هائل، وخسائر بشرية، فسوف ترد إسرائيل بقسوة فى عمق إيران، لبنان وباقى مصادر القصف.
رغم أن التقويم الاستخباراتى يؤكد أن إيران وحزب الله غير راغبين فى حرب إقليمية شاملة، يخشى الجميع أن يسفر تبادل الردود الانتقامية بين إيران ووكلائها من جانب، وإسرائيل وحلفائها من جانب آخر، بغية تكريس معادلات الردع المتبادل وتوازن القوى، عن تصعيد إقليمى يصعب لجمه.
فى المقابل، تشى عديد مؤشرات بإمكانية مجىء الرد المرتقب من إيران وحزب الله، استعراضيا. فمن جهتها، تتعرض إيران لضغوط دولية وإقليمية، للتخلى عن الرد، أو تقليص حدته. ورغم تمسكها بحقها فيه لردع إسرائيل، التى دأبت على استهداف تمركزاتها العسكرية بسوريا، وتنفيذ هجمات داخل العمق الإيرانى، أكدت طهران نيتها تجنب تصعيد التوترات، مشددة على أن الرد سيكون متناسبًا، حكيمًا، دقيقًا، نوعيًا، متوافقًا مع القانون الدولى، ولا يتمخض عن إشعال حرب إقليمية. أو يُعطى إسرائيل ذريعة للقيام بردّ أقوى، أو حثّ حلفائها على التنكيل بالإيرانيين.
بينما تحتاج إيران إلى مشاركة وكلائها، أو ما أسمته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، «حلقة النار»، لتغليظ الرد المحتمل، بحيث يأتى بالأصالة والوكالة فى آن، ليمطر إسرائيل بآلاف المقذوفات، على نحو متزامن، بما يربك منظوماتها الدفاعية، ويقلص قدرتها على الاعتراض الناجع لتلك المقذوفات. لا يبدو أن توافقا بهذا الخصوص، قد جرى بين طهران وأولئك الوكلاء، حتى مثول هذا المقال للنشر.
أما حزب الله، الذى ظلت تحركاته ضد إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضى، حبيسة ما يعرف بجبهة إسناد غزة، وضمن قواعد الاشتباك، التى تم إرساؤها منذ حرب عام 2006، فتبدو حاجته اليوم لفعل انتقامى ردعى، مثار جدل. فلقد طوى الخطاب الثانى لأمينه العام، يوم السادس من الشهر الجارى، إيحاءات بالتردد. إذ اعتبر، تأخر الرد جزءً من الانتقام. وبدلا من تجديد التأكيد على إزالة إسرائيل، اكتفى بتوسل حرمانها من تحقيق الانتصار. وبعد التغنى بمعركة حاسمة يخوضها محور المقاومة، وفق استراتيجية وحدة الساحات، ألمح إلى رد هادئ، ربما يتأتى منفردا أو بمشاركة المحور. ما يعنى غياب التوافق داخل الأخير، أو تجنب توريط سوريا وإيران. وبينما يتلاشى الحزب مقامرة بحرب شاملة مع إسرائيل، تضن طهران بترسانته العسكرية، ما دام نظامها وبرنامجها النووى بمنأى عن التهديد المباشر.
تتحسب إسرائيل للرد المحتمل عبر طرائق شتى، أبرزها التأهب الاستراتيجى: فعلاوة على مليون ملجأ تتسع لإيواء ستة ملايين إسرائيلى من بين تسعة ملايين، تعكف على تجهيز المزيد من الملاجئ الجماعية وصناديق الطعام. ويستعرض، نتنياهو، جهوزيته لصد الهجوم المتوقع، بإسناد أمريكى لمنظوماته الدفاعية، التى يعتبرها الأفضل عالميًا، كالقبة الحديدية، مقلاع داود، السهم، والشعاع الحديدى الليزرى. وتبحث دوائر إسرائيلية إمكانية شن هجوم استباقى ضد حزب الله وإيران، بغية شل قدرتهما على الرد، استعادة الردع المسلوب، والانتقام لعملية"طوفان الأقصى". وجماهيريا، أظهر استطلاع للرأى، أجرته إذاعة "103إف إم"، تأييد 48 % من الإسرائيليين، قيام جيشهم بشن هكذا هجوم.
تحذير إيران وحلفائها من رد عنيف. حيث أكدت حكومة، نتنياهو، أن ردها على هجوم لحزب الله، يطال مدنيين إسرائيليين، ولو بطريق الخطأ، سيكون "غير متكافئ"، أو"غير متناسب". وحذرت من أن ردها على أى هجوم من جانب حزب الله أو إيران، تتوقع أن يكون أقوى من انتقام أبريل الماضى، كونه سيشمل أهدافا مختلفة ويطال منشآت حيوية، سيرتهن بمستوى الأضرار المترتبة عليه، وليس بنطاقه أو حجمه.
استثمار القلق العالمى: إلى جانب رهانها على تعثر التوافق بين طهران ووكلائها، واستعصاء الإجماع داخل أروقة الحكم الإيرانية، بشأن طبيعة الرد المرتقب، تعول إسرائيل على نجاعة الضغوط الدولية على طهران وأذرعها، لحملهم على التراجع عن الرد، تقليص حدته، أو تجنب استهدافه المدنيين الإسرائيليين.
فمن جانبها، تخشى واشنطن الارتدادات الدولية والإقليمية لتصعيد المواجهات فى المنطقة. فعلاوة على رغبة إدارة، بايدن، تجنب حرب إقليمية، تؤثر سلبا على الموقف الانتخابى المضطرب للديمقراطيين؛ يتخوف الأمريكيون على مصالحهم وتمركزاتهم العسكرية فى بيئة ملتهبة جيوسياسيا. خصوصا بعدما تعرضت قاعدة "عين الأسد" بالعراق، والتى تتمركزبها قوات التحالف الدولى بقيادة أمريكية، لهجوم، فى الخامس من الشهر الجارى، كان الثالث من نوعه خلال شهر، شنته مليشيات عراقية مدعومة من إيران، وأسفر عن إصابة سبعة جنود أمريكيين. وفى سياق سعيها لاحتواء التوترات ومنع التصعيد، تمضى واشنطن فى مسارات متوازية، أهمها: تكثيف الدعم لإسرائيل: فعلاوة على تزويدها بثلاثة مليارات ونصف المليار دولار، كمنحة تسليح عاجلة، نشرالامريكيون بالمنطقة مزيدًا من السفن الحربية، المحملة بصواريخ باليستية، طائرات مقاتلة متطورة، لدعم إسرائيل. وبينما لم تنقطع المشاورات بين المسؤولين العسكريين الإسرائيليين والأمريكيين، زار قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال، مايكل كوريلا، إسرائيل مرتين خلال الايام القليلة المنقضية، للتنسيق بشأن التعاطى مع الهجوم المرتقب لمحور إيران.
منع الضربة الاستباقية الإسرائيلية: بينما يصر، نتنياهو، على مواصلة جرائمه فى غزة، بموازاة استهداف قيادات المقاومة، تطالب أوساط إسرائيلية بتوجيه ضربة استباقية ضد إيران وحزب الله. لكن واشنطن تنهاهم عن هكذا فعل، تجنبا لاندلاع حرب إقليمية. ويفصح امتثال حكومة، نتنياهو، للتوجيه الأمريكى، عن ثقتها وداعميها، فى تواضع مستوى الرد المحتمل من قبل إيران ووكلائها.
ترويض إيران: فلطالما عبر، بايدن، عن أمله فى عدول إيران عن الرد، أو تقليص حدته. وعبر قنوات رسمية مباشرة وسيطة، بعث برسائل ترغيب وترهيب لطهران. فلترهيبها، حذرها من أن التصعيد ليس فى مصلحتها، كونه سيستتبع ردا إسرائيليا موجعا، كما سيخلف عواقب وخيمة على اقتصادها المهترئ، ونظامها المرتبك. ولترغيبها، لوح، بايدن، لنظيره الإيرانى، بزشكيان، بأن مساعيه لتحسين علاقات بلاده مع الغرب، قد تؤتى أكلها، إذا أظهرت ضبطًا للنفس، خلال الأزمة الراهنة.
إدراك اتفاق للتهدئة فى غزة: دعا وزير الخارجية الأمريكى، أطراف النزاع فى الشرق الأوسط إلى «كسر حلقة العنف»، بإقرار وقف لإطلاق النار فى غزة، يمهد لمزيد من الهدوء المستدام فى الإقليم. وتوخيًا منه لإنجاح مساعى تقويض الرد الإيرانى، أبدى، نتنياهو، استجابة لمطلب أمريكا، مصر وقطر، بإرسال وفد للمشاركة فى مفاوضات التهدئة، التى ستستأنف، منتصف الشهر الجارى. لكن إيران، وبعدما، أكد رئيسها، بزشكيان، لنظيره الفرنسى، ماكرون، هاتفيا، أن منع التصعيد الإقليمى، يبدأ من توقف واشنطن وحلفائها عن دعم إسرائيل، وإجبارها على وقف عدوانها على غزة؛ تأبى إلا الفصل ما بين تأييدها جهودالتهدئة فى غزة، وإصرارها على انتقام، لا يقوض تلك الجهود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.