مصر تتسلم 31 ألف طن قمح من روسيا لصالح القطاع الخاص عبر ميناء دمياط    وزيرة التضامن تلتقي أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ لبحث متطلبات دوائرهم    «التموين»: إنشاء 6 صوامع حقلية بتمويل من برنامج مبادلة الديون الإيطالية    بعد حذف التغريدة المثيرة للجدل.. البيت الأبيض يتهم ماسك والخدمة السرية تتحرك    «القاهرة الإخبارية»: حزب الله نفذ 3 عمليات ضد مواقع إسرائيلية    مصير عودة فيريرا للزمالك.. وموقف جوميز    سبب فشل انتقال محمد علي بن رمضان للأهلي.. مفاجآت جديدة    محافظ المنوفية: تحرير 293 محضرا تموينيا وضبط 5 أطنان لحوم مجهولة المصدر    هيئة الأرصاد الجوية تكشف توقعات حالة الطقس غدا.. أجواء حارة على القاهرة الكبرى    منى زكي بعد ترشيح فيلم «رحلة 404» للأوسكار: أتمنى أشرف بلدي    اعتماد عدد من الأقسام للزمالة بمستشفيات طهطا وجهينة والحميات بسوهاج    مصر والمجر توقعان مذكرة للتعاون بين محطتي «الضبعة» و«باكش 2»    وزير الزراعة يبحث مع السفير البريطاني التعاون في مجال البحث العلمي ودعم منظومة الأمن الغذائي المستدام    «شباب كفر الشيخ» تنظم ندوة حول الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة    مصدر من رابطة الأندية ل في الجول: استقرينا على شكل الدوري "الاستثنائي"    ريليفو: محادثات متقدمة بين النصر السعودي وبيولي لتدريب الفريق    كرة نسائية – مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول كواليس انضمام سالي منصور للشعلة بعد توقيعها مع الأحمر    وزير التعليم يفجر مفاجأة.. ترخيص لمزاولة مهنة التدريس قريبًا    وزير الري يلتقي نظيره العراقي على هامش "المنتدى العربى السادس للمياه" في أبو ظبى    حادث قطاري الزقازيق.. قرار جديد من النيابة بشأن عامل التحويلة    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهم في أحداث عنف المرج    قرار من القضاء بشأن متهمي خلية المرج الإرهابية    تخفيف عقوبة السجن لعام لعامل بتهمة الزوج من زوجة والده بالمنيا    مان سيتي ضد الإنتر.. جوارديولا يثني على لاعبيه ويؤكد: عقلية لا تصدق    رحيل الزميل فنان الكاريكاتير الشاب أحمد قاعود    تأييد تغريم شخص تعدى علي دفاع المطربة شرين عبد الوهاب    "صباح الخير يا مصر" يحتفى بذكرى ميلاد الشيخ محمود خليل الحصرى    الأمم المتحدة: إسرائيل أصدرت 55 أمر إخلاء لسكان غزة منذ بداية الحرب    انطلاقة قوية لمسلسل برغم القانون.. وإشادات بأداء إيمان العاصي في المشرحة    آفاق مسرحية تغلق باب التقدم للورش المجانية بعد 4 أيام من الإعلان عنها    بالصور- "دنشواي" بالمنوفية تكرم 300 من حفظة القرآن بالقرية    الأزهر يواصل سلسلة ندوات "زينة المرأة في ضوء الإسلام"    دبلوماسي: الضربات الأوكرانية بأسلحة غربية فى العمق الروسي وضع جديد تمامًا    طريقة عمل حلاوة الجبن السورية، لذيذة وسهلة التحضير    وزير الصحة يلتقي ممثلي شركتين لبحث استخدام التكنولوجيا بالقطاع الصحي    ‫ وزير الرى: الاستفادة من الخبرات الإيطالية فى مجالى المياه والمناخ    وزيرة التضامن الاجتماعي تفتتح أعمال تطوير مجمع خدمات متعددي الإعاقة بالطالبية    تشييع جنازة منفذ عملية جسر الملك حسين بعد تسليم جثمانه للأردن (فيديو)    النمسا: رغم انحسار مياه الفيضانات لا يزال خطر انهيار السدود والانهيارات الأرضية قائما    الجيزة ترفع القدرات الاستيعابية للمدارس لاستقبال العام الجديد (صور)    وزير الإسكان ومحافظ الجيزة يستعرضان مخطط تطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات    رئيس جامعة سوهاج: خطة استراتيجية لدعم الطلاب المبدعين من ذوي القدرات الخاصة    رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك في منتدى الاستثمار بين مصر والمملكة المتحدة    أمين الفتوى: إياك وكثرة الحلف أمام أولادك لهذا السبب    العثور على الغواصين الثلاثة المفقودين في مرسى علم    إغلاق كيان تعليمي وهمي باسم «الأكاديمية البريطانية المصرية للتدريب» بالشرقية (تفاصيل)    قيادات جامعة القاهرة تتفقد اليوم الأول للكشف الطبي على الطلاب الجدد    علماء يحذرون: جرثومة خارقة ربما تجتاح العالم    المشدد للصوص شرعوا في قتل سائق لسرقته بباب الشعرية    الرئيس السيسي يبحث هاتفيًا مع ملك الأردن مستجدات الأوضاع الإقليمية    وزير الخارجية: زيادة نسبة السياح المجريين لمصر لما كانت عليه قبل كورونا    دعاء خسوف القمر.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    محسن هنداوي: تركت كرة القدم بسبب الظلم وأعمل في تجارة الحديد    تداول 80 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة    وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء فهو يسرق الشعب والدولة    أستاذ صحة عامة: مبادرة «100 يوم صحة» قدمت ملايين الخدمات للمواطنين مجانا    أسعار السلع التموينية اليوم الثلاثاء 17-9-2024 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية النصيرات ومصير خطة بايدن
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 06 - 2024

«لقد حان وقت انتهاء هذه الحرب، ليبدأ اليوم التالى».
بهذه العبارة الحاسمة والبليغة، وطئ الرئيس الأمريكى، بايدن، لخطته، ثلاثية المراحل. إذ تشمل أولاها، عودة النازحين، إطلاق سراح فئة معينة من الرهائن مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين.أما ثانيتها، فتتيح إنهاءً دائما للحرب، تحرير جميع الرهائن الأحياء وانسحابا كاملا للجيش الإسرائيلى من القطاع. فيما تنشد ثالثتها، إعادة إعمار غزة، إطلاق سراح الرهائن الأحياء، والإفراج عن جثامين الأسرى.
بعدما تقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولى، يدعم التنفيذ الكامل، وغير المشروط، لخطته؛ لم يفوت، بايدن، الفرصة لمطالبة، نتنياهو، بمنح المفاوضين الإسرائيليين صلاحيات تخولهم إتمام صفقة. لاسيما وأن تهافت إسرائيل لبلوغ «الانتصار المطلق»، لن يعيد أسراها، بعد مرور تسعة أشهر من الضغط العسكرى، الذى أخفق فى استعادتهم، فيما أودى بحياة ثلثهم. وقد حاول بايدن إغراء نتنياهو للقبول بمبادرته، ملوحا بتعظيم فرص التطبيع مع السعودية، علاوة على تعزيز الالتزام الأمريكى باستدامة التفوق العسكرى النوعى الإسرائيلى.
حظيت خطة بايدن بترحيب دولى واسع النطاق مصحوب بدعوة حركة حماس وإسرائيل للموافقة عليها. وردا على تهديد الوزيرين اليمينيين المتطرفين، بن غفير، وسموتريتش، بالانسحاب من حكومة نتنياهو الائتلافية ،إذا قبل خطة بايدن التى اعتبرا تنفيذها انتصارا للإرهاب، هزيمة لإسرائيل، وخطرا على مواطنيها؛ تعهد زعيم المعارضة، يائير لبيد، بتوفير «شبكة أمان سياسية» لنتنياهو، بغية استبقاء أغلبية الكنيسيت حالة انسحاب حزبى، بن غفير، وسموتريتش، من الائتلاف الحاكم. بالتزامن، اندلعت تظاهرات إسرائيلية للمطالبة بتنفيذ المقترح الأمريكى.
من جانبها، أكدت حماس أنها تنظر، بإيجابية، إلى الخطة، التى اعتبرتها نتاجا للصمود الأسطورى للشعب الفلسطينى المجاهد ومقاومته الباسلة. وأكدت الحركة استعدادها للتعامل، بشكل إيجابى وبنّاء، مع أى مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم ، الانسحاب الإسرائيلى الكامل من قطاع غزة، إعادة الإعمار، عودة النازحين، وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى؛ إذا ما التزم الاحتلال بذلك.
أما نتنياهو، ورغم التأييد الدولى للخطة، فيراها منقوصة، مستبعدا أن تكون متضمنة وقفا لإطلاق النار. ومن ثم، ينحو باتجاه التعاطى الانتقائى والمجتزئ معها. حيث أبدى استعداده لمناقشة وقف الحرب، شريطة تسليم حماس سلاحها، خروج قادتها، تسليم ما بحوزتها من أسرى، وإيجاد سلطة بديلة لها. وألمح إلى إمكانية تنفيذ المرحلة الأولى، التى تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن لدى الحركة. مقترحا تنفيذها دون الاتفاق على شروط المراحل اللاحقة. وأكد أن مناقشة شروط وقف الحرب مرتبطة «بالتقدم» فى المفاوضات، بشروط إسرائيلية. وأبدى استعداده لوقف القتال مدة 42 يوما لإعادة الرهائن، وليس وقفا نهائيا للحرب، التى ينتوى استئنافها بعد إتمام صفقة التبادل. أما مجلس الحرب، فطالب بضمانات أمريكية تخوله استئناف الحرب فى غزة، حالة إخلال حماس بالاتفاق.
جاء نجاح قوات الاحتلال فى تحرير أربعة أسرى إسرائيليين من مخيم النصيرات، إثر عملية نوعية، بمشاركة أمريكية، أسفرت عن استشهاد 214 فلسطينيا، ليمنح نتنياهو مسوغات جديدة للتعنت. إذ زادته إصرارا على مواصلة العدوان، لاسيما وأنها رفعت من شعبيته، وزادت منسوب الثقة المهترئة فى الجيش. ويوقن نتنياهو أن هذه العملية ستعزز موقفه التفاوضى، وتوفر ظهير شعبى لتمسكه باستراتيجية الضغط العسكرى لاستعادة باقى الأسرى، دون الحاجة إلى تقديم تنازلات ضمن صفقة تبادل. ومن ثم، يأبى نتنياهو إلا مواصلة العدوان حتى تحقيق أهدافه المتمثلة فى: الإجهاز على قدرات حماس العسكرية والإدارية، إطلاق سراح جميع الأسرى، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل مستقبلا.
لا يخفى إعلان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، التزام واشنطن بضمان وفاء إسرائيل بالتزاماتها، افتقاد الخطة تفاصيل واضحة لجهة تحديد من سيدير غزة طيلة مراحلها الثلاث. إذ لم تحدد الخطة أدوار السلطة الفلسطينية وحماس. ولم تفصح عن كثير من الملفات، التى تراها إسرائيل مصيرية، مثل آليات استبعاد حماس من الحكم، وكيفية تشكيل حكومة فلسطينية موحدة لإدارة غزة. ولم تشمل خارطة الطريق الأمريكية، أية توضيحات بخصوص عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، آليات تشغيل معبر رفح ، تدابير السيطرة على الحدود، وضع محور فيلادلفيا ونتساريم، وحدود التمركز الإسرائيلى بكليهما. ولم تتطرق إلى تفاصيل إعادة إعمار غزة. فبينما أشارت إلى ضرورة إشراك الإسرائيليين ، الفلسطينيين، الدول العربية والمجتمع الدولى، ضمن تلك العملية المكلفة والممتدة؛ فاتها توضيح الكيفية، والجدول الزمنى.
تعكف السلطات الإسرائيلية على دراسة الخطط الكفيلة بإيجاد بديل لحماس فى حكم وإدارة غزة عقب الحرب الحالية. كما تتباحث دوائر إسرائيلية بشأن «إطار عمل» يتضمن «مناطق عازلة» داخل القطاع، تكون خالية تماما من مقاتلى حماس. فضلا عن إشراك أطراف أخرى لإرساء حكم بديل .وفى هذا السياق، أكد وزير الدفاع ، جالانت، أن «اليوم التالى» فى غزة، سيتضمن إدارة كيانات فلسطينية للقطاع، برفقة جهات دولية فاعلة. فمن خلال مواصلتها حربها فى غزة، وإيجاد بديل لحماس، تستطيع إسرائيل تقويض الحركة عسكريا وسياسيا، علاوة على استعادة أسراها.
ينبعث إصرار إسرائيل على إيجاد بديل لحماس، من شعورها بأن استمرار الحركة فى إدارة القطاع، سيكون بمثابة إعلان هزيمة لإسرائيل فى الحرب، التى تخوضها منذ ثمانية أشهر. خصوصا بعدما أكدت دوائر أمريكية وإسرائيلية أن الحركة، التى فقدت جل إمكاناتها، ونحو نصف قواتها المقاتلة، لا يمكن أن تتوارى نهائيا. ولعل هذا ما يفسر تأكيد بايدن فى خطاب إعلان خطته أن مبادرته تهيئ مستقبلا أفضل لغزة، مع استبعاد حماس من حكمها. ولم يوضح الرجل، الذى ارتضى بإضعاف حماس فى ظل استعصاء استئصالها، الآليات الكفيلة ببلوغ ذلك المقصد.
تأبى حماس إلا التمسك بدورها فى غزة، وترى أن الشعب الفلسطينى لن يقبل أى وجود عسكرى أو أمنى، غير فلسطينى فى القطاع. هذا فى الوقت، الذى تبدو السلطة الفلسطينية أضعف من أن تضطلع بهذا الدور، بعدما تضع حرب إسرائيل الخامسة ضد غزة والضفة أوزارها.
وتصر حماس على نهاية مضمونة للهجوم على غزة، انسحاب جميع قوات الاحتلال، حرية حركة الفلسطينيين والحصول على مساعدات كافية لإعادة الإعمار. وبينما قد تؤدى عملية تحرير الأسرى الإسرائيليين الأربعة إلى إضعاف الموقف التفاوضى لحماس؛ يرفض المسئولون الإسرائيليون منحها تلك المغانم، التى يعتبرونها ارتدادا إلى حالة ما قبل السابع من أكتوبر الماضى، عندما كانت حماس تهيمن على إدارة قطاع غزة.
استنادا إلى تحليل استراتيجيى لا يتجاهل خبرات الماضى، يستبعد خبراء عسكريون إسرائيليون نجاح بلادهم فى إيجاد بديل لحكم فلسطينى فى غزة. ففى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، أخفقت محاولات إسرائيلية لفرض نموذج حكم بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية فى القطاع عبر التمكين لكيانات عشائرية أو قادة محليين. والان ثمة غياب لافت لقادة أو فاعلين محليين بمقدورهم طرح أنفسهم بديلا لحماس فى إدارة القطاع. وتفتقد «القوى البديلة»،التى تحاول اسرائيل استبدالها بحماس، الجهوزية، فيما تعانى تهديد الأخيرة لمن يقبل الحلول محلها. وسينظر الغزيون لأولئك البدلاء المحتملين باعتبارهم عملاء للاحتلال. لذا، رفض وجهاء عشائر غزة، فى مارس الماضى، عرضا إسرائيليا للتعاون؛ مؤكدين رفضهم أن يكونوا بديلا للسلطة، أو لحماس. ورغم الأضرار الجسيمة، التى منيت بها الحركة خلال تسعة أشهر، لا تستبعد تقارير استمرار نفوذها داخل القطاع، ونجاحها فى إعادة بناء قدراتها.
تبدو خطة بايدن، التى تصطدم اليوم بتعنت إسرائيلى وحمساوى متفاقم، على وقع عملية تحرير أربعة أسرى إسرائيليين؛ محض دعاية انتخابية، تتوسل تحسين موقفه التنافسى الحرج. وذلك عبر هندسة خارطة طريق، تعوزها الآليات الواضحة والتفاصيل الوافية، لالتماس هدوء مستحيل، فى شرق أوسط ملتهب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.