وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات هاكاثون «بالمصرى تك»    النقل: ظاهرة سلبية خطيرة تتسبب في أضرار للركاب وسائقي القطارات    وزير الخارجية يستقبل المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط    الأردن يستضيف اجتماع اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن غزة غدا    مراسل «القاهرة الإخبارية»: أوكرانيا تخطط لضرب 30 مطارا عسكريا في روسيا    «كاف» يوافق على تسليم درع الدوري للأهلي عقب مباراة جورماهيا    اختيار 5 عروض.. إعلان نتيجة لجنة مشاهدة الدورة الخامسة لمهرجان المسرح العربي    مسلسلات رمضان 2025.. لوسي تنضم لأبطال «فهد البطل» ل أحمد العوضي    «صحة القليوبية»: إضافة 34 سرير عناية مركزة ب«حميات بنها» ومستشفى القناطر الخيرية    وزيرة التنمية المحلية تترأس لجنة اختيار المتقدمين لبعض الوظائف القيادية    النصر السعودى يعلن إقالة المدرب البرتغالى لويس كاسترو رسميا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في أوروبا إلى 19 قتيلًا    البرتغال: قوات الإطفاء تكافح أكثر من 100 حريق غابات    رئيس جامعة سوهاج يستقبل طالبة مبدعة من الطلاب الجدد ذوي القدرات الخاصة    محافظ المنيا يفتتح ملتقى توظيف الشباب لتوفير 4 آلاف فرصة عمل    إياد العسقلاني يعلن إصابته بقطع في الرباط الصليبي    «هوس التنقيب عن الآثار» مصرع شاب انهالت عليه حفرة بالقليوبية    فقدت ابنتيها وحفيدتها في حادث قطاري الزقازيق.. انتصار السيسي تُعزي "أم الصابرين" هاتفيًا    سحب 1673 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الإعدام شنقًا لربة منزل أنهت حياة زوجة أخيها بمدينة 15 مايو    وزيرة التضامن تلتقي أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ    وزير التعليم يكشف سبب هجوم أصحاب الدروس الخصوصية والسناتر بعد هيكلة الثانوية العامة    المئات يشيعون جنازة فنان الكاريكاتير أحمد قاعود بمسقط رأسه.. صور    «ثقافة الغربية» تحتفل بالمولد النبوي الشريف.. عروض وورش    إعلان نتيجة لجنة مشاهدة مهرجان المسرح العربي في دورته ال 5    وزير السياحة والآثار: افتتاح المتحف الكبير قريبا بشكل تجريبي للزوار    فضل دعاء الصبر على البلاء وأهميته في حياة المسلم    تدريب مشترك بين قوات الصاعقة المصرية والقوات الخاصة الصربية (صور)    طريقة عمل البصارة، أكلة سريعة التحضير واقتصادية    ميناء دمياط يستقبل 12 سفينة خلال 24 ساعة    «التموين»: إنشاء 6 صوامع حقلية بتمويل من برنامج مبادلة الديون الإيطالية    سبب فشل انتقال محمد علي بن رمضان للأهلي.. مفاجآت جديدة    قرار جديد بشأن سائقي قطاري الزقازيق    وزير الزراعة يبحث مع السفير البريطاني التعاون في مجال البحث العلمي ودعم منظومة الأمن الغذائي المستدام    وزير الري يلتقي نظيره العراقي على هامش "المنتدى العربى السادس للمياه" في أبو ظبى    الإصلاح والنهضة يشيد بالمبادرة الرئاسية «بداية جديدة»    ريليفو: محادثات متقدمة بين النصر السعودي وبيولي لتدريب الفريق    "صباح الخير يا مصر" يحتفى بذكرى ميلاد الشيخ محمود خليل الحصرى    الأمم المتحدة: إسرائيل أصدرت 55 أمر إخلاء لسكان غزة منذ بداية الحرب    قرار من القضاء بشأن متهمي خلية المرج الإرهابية    بالصور- "دنشواي" بالمنوفية تكرم 300 من حفظة القرآن بالقرية    مصدر من رابطة الأندية ل في الجول: استقرينا على شكل الدوري "الاستثنائي"    بالتعاون مع حياة كريمة.. إطلاق الأسبوع الثاني من برنامج "VALUE" لتطوير مهارات طلاب الجامعات    جثة في الفناء.. العثور على طفل ميتًا داخل مدرسة بالفيوم    أمين الفتوى: إياك وكثرة الحلف أمام أولادك لهذا السبب    ‫ وزير الرى: الاستفادة من الخبرات الإيطالية فى مجالى المياه والمناخ    العثور على الغواصين الثلاثة المفقودين في مرسى علم    عمرو بدر: "حرية الصحافة تساوي لقمة العيش، وحجب المواقع يعني تشريد العشرات"    علماء يحذرون: جرثومة خارقة ربما تجتاح العالم    مصر والأردن تحذران من خطورة استمرار حرب غزة واتساع نطاق الانتهاكات بالضفة الغربية    وزير الخارجية: زيادة نسبة السياح المجريين لمصر لما كانت عليه قبل كورونا    دعاء خسوف القمر.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    المشدد 7 سنوات لربة منزل وشخصين في سرقة سائق بباب الشعرية    محسن هنداوي: تركت كرة القدم بسبب الظلم وأعمل في تجارة الحديد    وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء فهو يسرق الشعب والدولة    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة    أستاذ صحة عامة: مبادرة «100 يوم صحة» قدمت ملايين الخدمات للمواطنين مجانا    أسعار السلع التموينية اليوم الثلاثاء 17-9-2024 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



7 أكتوبر ضُربت العقيدة العسكرية الإسرائيلية
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 04 - 2024

لا يعرف أحد على وجه اليقين حسابات حركة حماس التى دفعت بها إلى قيامها بهجمات 7 أكتوبر والتى نتج عنها مقتل ما يقرب من 1200 إسرائيلى وإسرائيلية، وأخذ ما يزيد على 250 آخرين كأسرى ورهائن، لكن المؤكد أن إسرائيل ما بعد 7 أكتوبر لن تصبح إسرائيل كما كانت قبل 7 أكتوبر، حيث أفشلت هذه الهجمات الحمساوية أسسا تبنتها إسرائيل، وقامت عليها العقيدة العسكرية الإسرائيلية، على الأقل منذ انتصارها الكاسح على جيوش عدة دول عربية فى حرب 1967.
بداية، منحت نتائج حرب 67 إسرائيل شعورا بالأمن لم تعرفه منذ تأسيسها عام 1948، ومنحت الأراضى الفلسطينية والسورية والمصرية والأردنية التى احتلتها القوات الإسرائيلية مناطق عازلة، تبعد حدودها وخطوط التقسيم التى حددتها الأمم المتحدة عن المخاطر المباشرة من تهديدات الجيوش المجاورة. ومن ثم، أصبحت إسرائيل تتغنى بأن أراضيها مؤمنة، وأنها تستطيع توفير أمن لليهود لم يعرفوه فى أى من المجتمعات والدول التى عاشوا فيها على مدى القرون السابقة.
لكن لم تنزعج إسرائيل بشدة أمام هزيمتها الكبيرة فى الأيام الأولى لحرب أكتوبر 1973 على يد الجيشين المصرى والسورى، وذلك لأنها خسرت أراضى محتلة غير إسرائيلية. ومنحت تطورات ما بعد حرب أكتوبر إسرائيل المزيد من الشعور بالأمن خاصة بعد توقيعها معاهدتى سلام مع مصر والأردن، وانهيار الدولة وضعف الجيش فى كل من سوريا ولبنان.
• • •
خلال السنوات الأخيرة، تبلورت عقيدة إسرائيل العسكرية لتشكل ثلاثة محاور أساسية اعتبرتها كافية لضمان تفوقها الكاسح على جيرانها العرب، وبما لا يشكل أى تهديد مستقبلى لها ولحدودها ولسيطرتها على ما تحتله من أراض.
المحور الأول يقوم على الردع بمفهومه الكامل والذى يفشل أى تفكير عربى فى إمكانية التفكير فى شن هجمات عسكرية على إسرائيل، ناهينا عن هزيمتها أو إلحاق خسائر ضخمة بها. وتصورت إسرائيل أن تسليحها بأحدث ما تمتلكه الترسانة الأمريكية والأوروبية، إضافة إلى رادعها النووى، كفيل بتحقيق هذا الهدف.
المحور الثانى يتمثل فى تمتعها بآليات متقدمة وحديثة للإنذار المبكر بحيث تعلم فى وقت مبكر بنية أو استعداد، أو حتى تفكير، أحد أعدائها للتحرك عسكريا ضدها. وفى هذا الإطار تباهت تل أبيب باستخدامها أحدث التكنولوجيات المتاحة للتجسس ولتأمين شبكاتها المتطورة والمنتشرة حولها للإنذار المبكر. كذلك تشير تقارير لتمتع إسرائيل بشبكة ضخمة من الجواسيس والعملاء داخل أراضى خصومها، يمدونها بكل المعلومات الممكنة سواء كان ذلك فى رام الله أو قطاع غزة أو دمشق وبيروت وطهران.
المحور الثالث تمثل فى تبنى مفهوم الحرب الخاطفة. ويعنى ذلك، إسرائيليا، أنه إذا كان لا بد من الحرب وخوض القتال، فليكن ذلك بصورة خاطفة وسريعة وحاسمة، لا يتأثر معها الاقتصاد الإسرائيلى المتطور، ولا يتأثر بها نظام ضباط وجنود الاحتياط من المدنيين، ولا يسمح بتشويه صورة إسرائيل عند الرأى العام العالمى إذا استمر القتال لأسابيع أو أشهر طويلة.
• • •
أفشلت عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر كل محاور العقيدة العسكرية الإسرائيلية الثلاثة. إذ فشلت إسرائيل فى ردع حركة حماس عن التفكير فى شن عملية ضخمة بهذه الصورة نتج عنها أكبر خسارة عددية لليهود فى أى من المعارك التى خاضتها فى يوم واحد منذ نشأة الدولة الإسرائيلية، ولا يتفوق عليها فى التاريخ إلا ممارسات الهولوكوست إبان الحرب العالمية الثانية. كما فشلت إسرائيل فى تفعيل نظمها للإنذار المبكر، ونجحت حركة حماس فى القيام بهجماتها بهذا الشكل رغم أجهزة إسرائيل المتقدمة تكنولوجيا أو جواسيس إسرائيل على الأرض داخل قطاع غزة. وأخيرا، نجحت حركة حماس وأهل قطاع غزة فى إطالة أمد العدوان الإسرائيلى حتى الآن لنصف العام، ولم تستطع إسرائيل حسم عدوانها عسكريا بصورة خاطفة سريعة كما كانت تأمل فى حروبها المستقبلية. ولعل من أهم ما أفشلته هجمات 7 أكتوبر الادعاء الإسرائيلى أن دولة الوطن القومى لليهود توفر أمنا استثنائيا ليهود العالم لم يعرفوه من قبل.
نجحت هجمات 7 أكتوبر فى هز ثوابت العقيدة العسكرية الإسرائيلية، وهو ما دفع العديد من المحللين الأمريكيين والإسرائيليين للإقرار بهزيمة إسرائيل بالفعل على الرغم من اقتراب سيطرتها العسكرية شبه الكاملة على قطاع غزة، وعلى الرغم من سقوط أكثر من 33 ألف شهيد وشهيدة وإصابة عشرات الآلاف الآخرين، وتشرد ونزوح مليونين من سكانها، وتدمير كل مظاهر الحياة بها.
• • •
شخصيا، أعتبر أن ما قامت به حركة حماس ما هو إلا تفجير نفسها فى قوة الاحتلال، آخذة فى حسبانها تدمير ثوابت العقيدة العسكرية الإسرائيلية بأى ثمن حتى وإن كان القضاء عليها كمنظمة مقاومة مسلحة. ما نشهده الآن من ارتفاع شعبية حركة حماس بين صفوف الشعب الفلسطينى، وبين جموع الشعوب العربية الإسلامية، قد لا يوفر حلولا سريعة لمعاناة أهل قطاع غزة، ولن يعوضهم عن خسائرهم الضخمة المباشرة وغير المباشرة، إلا أن ما قامت به حماس قد ألحق هزيمة بالفعل للمجتمع الإسرائيلى الذى تسيد فيه أنصار التيارات اليمينية المتطرفة منظومة الحكم، وهو ما تسبب فى خلافات داخلية وانقسامات لم تعرفها إسرائيل من قبل، بما لذلك من تبعات اقتصادية وسكانية وعسكرية سلبية.
ما تقوم به إسرائيل منذ 8 أكتوبر ما هو إلا محاولة لن يكتب لها النجاح لإعادة المصداقية لثوابت العقيدة القتالية الإسرائيلية. تسعى الحكومة الإسرائيلية لطمأنة الشعب الإسرائيلى بأنهم فى مأمن داخل دولة إسرائيل. كما تسعى لدفع الشعوب والجيوش العربية إلى إعادة الاعتقاد بأن إسرائيل هى القوة التى لا تقهر، وأنه لا يوجد خيار عسكرى ضدها، بعدما أثبتت 7 أكتوبر أنها قد لا تكون قوية كما كنا نعتقد.
تحاول إسرائيل اليوم، وبكل قوة، استعادة قدرتها على الردع كى يستمر العالم العربى فى الخوف منها حتى لو كان ذلك عن طريق اقترافها إبادة جماعية ستكلفها الكثير اليوم وغدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.