لدينا أكتفاء ذاتي.. رئيس شعبة الخضروات والفاكهة يكشف حجم إنتاجنا من البطيخ    الكهرباء تكشف سبب انقطاع التيار ل أكثر من ساعتين على بعض المناطق (فيديو)    مشاهد مروعة لإصابات في مدينة جنين برصاص الاحتلال الإسرائيلي (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيد وجرحى في قصف إسرائيلي لبرج سكني وسط غزة    نشرة منتصف اليوم.. السعودية تهزم باكستان وإصابة وسام أبو علي وحقيقة مفاوضات الأهلي مع حمدالله    تعرف علي مقاعد بدلاء الفراعنة امام بوركينا فاسو    "تعليم الشيوخ" تقر مقترح نقل عرض محتويات متحف وزارة التربية والتعليم (تفاصيل)    الأرصاد: نسجل أعلى درجات حرارة على مدار العام.. وانخفاض مؤقت الأحد والاثنين    «الإفتاء»: غدًا الجمعة أول أيام شهر ذي الحجة ووقفة عرفات السبت بعد المُقبل    خبير تربوى يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    "هجبلك شقة".. ضبط سيدة استولت على 27 ألف جنيه من اُخري بسوهاج    مفاجأة جديدة في واقعة سفاح التجمع.. سر وجود نجله أثناء تنفيذ الجرائم    السبت، المجلس القومي يكرم الأعمال الدرامية الداعمة لحقوق الإنسان لعام 2024    الخارجية الأمريكية: يجب العمل على تنفيذ وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة    أسامة كمال بعد الهجوم على الإعلام المصري: إعلامنا يعمل بشكل مهنى    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    10 ذو الحجة كم يوافق ميلادي 2024؟.. صيام العشر الأوائل يبدأ من الغد    أبو اليزيد سلامة: المشروع القرآني الصيفي لا يقتصر على الأزهريين    رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر العلمي السنوي لأمراض الباطنة    الفريق أسامة عسكر يشهد تنفيذ البيان العملي لإجراءات التأمين التخصصي بالجيش الثالث    5 أبراج فلكية تعشق تربية الحيوانات الأليفة (تعرف عليهم)    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    إسعاف الفيوم توفر 81 سيارة بالمناطق السياحية خلال أيام عيد الأضحى    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    البنك الأهلي يطلق حملة ترويجية لاستقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    أشرف زكي محذرًا الشباب: نقابة المهن التمثيلية لا تعترف ب ورش التمثيل    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    تكريم أبطال نادى ذوى الاحتياجات الخاصة بأسوان    نقيب معلمي الإسماعيلية يناقش مع البحيري الملفات التي تهم المدرسين    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    للمساعدة في أداء المناسك.. نصائح هامة للحجاج لتناول وجبة غذائية صحية متكاملة    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يتغير الشرق الأوسط؟

يتغير الشرق الأوسط بفعل الحرب المستمرة فى غزة. ولكن كيف؟، لم ترتب هجمات حماس فى 7 أكتوبر 2023 والعمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة فى غزة سقوط عشرات الآلاف من القتلى وتشريد ملايين البشر وحسب، بل أحدثت أيضا فجوة نفسية وسياسية واسعة بين المجتمعين الفلسطينى والإسرائيلى بإنهائها لمرحلة ممتدة من يوميات الاحتلال والاستيطان والمقاومة التى لم يغب عنها العنف وإن اعتاد عليها الطرفان، وبفرضها لمستويات من إراقة الدماء وإحداث الدمار وانعدام الأمن لم تعهد منذ عقود. غير أن الحرب فى غزة زجت بالمنطقة ككل إلى أتون أزمات أمنية إضافية تمتد من لبنان وسوريا والعراق إلى البحر الأحمر، وتورط العديد من الفاعلين الإقليميين والدوليين.
ولكن ما هى ملامح التغيير فى الشرق الأوسط؟ خلال الأسابيع الماضية، سارع عديد المسئولين الحكوميين والسياسيين والدبلوماسيين إلى طرح أفكار عن حلول سلمية، عن مفاوضات مستقبلية، عن الطرق المثلى لإدارة شئون غزة والأراضى الفلسطينية بعد وقف إطلاق النار، عن أمن إسرائيل، عن صفقات تطبيع تجعل من السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى تحولا مرغوبا به. وعلى الرغم من أن كل هذه الأفكار مطلوبة وبعضها بنّاء ويتسم بعضها الآخر بحضور خيال سياسى تحتاجه بشدة المنطقة التى تجتاحها الحروب والصراعات، إلا أن جميعها يستند إلى تصورات وافتراضات بشأن «ما ينبغى أن يكون» وليس إلى «ما هو قائم بالفعل»! بل إن انفصال مصالح وتصورات وافتراضات «ما ينبغى أن يكون» عن الواقع فى فلسطين وإسرائيل وعموم المنطقة يتعمق حين النظر إلى تجاهلها للتناقضات الجذرية الحاضرة بين القوى المؤثرة كحماس وحكومة اليمين فى تل أبيب والفاعلين الإقليميين كمصر وإيران والسعودية وقطر والأطراف الدولية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى.
لا تقتصر التناقضات الجذرية بين قوى وأطراف الحرب فى غزة على سياساتها وممارساتها فى الواقع الراهن، بل تطال أيضا رؤاها بشأن السلام الذى لا يعد خيارا استراتيجيا لا لحماس ولا لليمين الإسرائيلى المتطرف، وبشأن حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير الذى باتت أصداء المساومة عليه تتردد إقليميا، وبشأن أمور السيادة الوطنية فى مصر والأردن التى يرفض البلدان حكومة وشعبا التهديدات الواردة عليها بسبب سيناريوهات التهجير القسرى، وبشأن احتواء أزمات الأمن الإقليمى.
وواقع الأمر أن التصاعد غير المسبوق فى هذه التناقضات الجذرية والتراجع شبه الكامل لفرص التوافق إن حول كيفية الخروج من وضعية الحرب والدماء والدمار الراهنة أو حول الانتقال التدريجى إلى مستقبل تتراجع به المعادلات الصفرية بين القوى والأطراف المختلفة، واقع الأمر أن هذين الملمحين هما التعبير المباشر عما يتغير فى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023.
وإذا كانت الدبلوماسية هى فى الأساس، وقبل النظر فى تفاصيل عملياتها ومهامها المحددة، ممارسة صعبة لكونها تسعى إلى بناء التوافق بين قوى وأطراف تتنازع وربما تتصارع فيما بينها بشأن المصالح والتصورات والتفضيلات، فإنها تتسم بصعوبة أشد وأمر فيما خص قضايا العرب وإسرائيل وذلك لسببين؛ السبب الأول هو أن الانفتاح على الدبلوماسية كممارسة عادة ما نظر إليه فى الشرق الأوسط كمكافأة تأتى لاحقة على تسوية النزاعات والصراعات أو كخطوة للاعتراف بشرعية الطرف الآخر ليس لها أن تحدث سوى بعد استعادة الأرض أو الحصول على ضمانات أمنية. وحين نتذكر أن طرفى الصراع العالمى أثناء الحرب الباردة، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى السابق، احتفظا طوال خمسينيات وستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين بعلاقات دبلوماسية قائمة على الاعتراف المتبادل، تتضح خصوصية الشرق الأوسط فى هذا الصدد حيث لا اعتراف ولا علاقات دبلوماسية دون حلول وتوافقات ومساومات مسبقة.
أما السبب الثانى لصعوبة الممارسة الدبلوماسية فى منطقتنا فيرتبط بغياب الأطر الجماعية المقبولة من العدد الأكبر من القوى والأطراف لتسوية النزاعات والصراعات واحتواء التهديدات الأمنية، وهو ما يحتم ضرورة البحث المتكرر عن طرق وسبل جديدة للحلول السلمية كلما نشبت حرب أو اشتعل صراع أو شب نزاع.
• • •
فيما خص الحرب فى غزة، تبدو صعوبات الدبلوماسية فى الشرق الأوسط وتداعيات التناقضات الجذرية بالغة الوضوح. فالموقف من حماس، على سبيل المثال، يقع فى قلب الجهود الدبلوماسية التى تبذلها أطراف إقليمية كمصر وقطر وأطراف دولية كالولايات المتحدة بغية التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإنفاذ ما يكفى من المساعدات الإنسانية. غير أن التعامل الواقعى المستند إلى الاعتراف بالوجود وبالدور من قبل حكومتى مصر وقطر مع حماس يتناقض جذريا مع رغبة الإدارة الأمريكية فى التخلص من حماس فى غزة وفى الضفة الغربية واستبدالها بقوة فلسطينية أخرى (تارة السلطة فى رام الله وتارة أخرى حكومة تكنوقراط أو مستقلين). كذلك تجعل التناقضات الجذرية حول أسئلة الأمن فى إسرائيل والحكم فى فلسطين، بل والاحتياجات الإنسانية الأساسية لأكثر من مليونين من البشر يواجهون خطر الجوع والعطش والتهجير داخل غزة (مجددا)، تجعل هذه التناقضات من دبلوماسية الوساطة والتفاوض حول صفقات رهائن أسرى تبادلية ومراحل متتالية لوقف إطلاق النار أمرا صعبا ومعقدا للغاية.
على الرغم من ذلك، تنشط الدبلوماسية فى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023. يجوب الوسطاء المنطقة ويلتقون فى عواصم أوروبية، يأتى المسئولون الدوليون فى زيارات مكوكية إلى المنطقة وتطول أيام مكوثهم فى العواصم الإقليمية، تخرج البيانات الرسمية المتفائلة والمتشائمة، يُعلن فشل جولات تفاوضية ويلى ذلك إعلان انعقاد جولات جديدة، تقدم المقترحات والخطط وتتفاوض حولها وفود حماس والحكومة الإسرائيلية عبر الوسطاء بينما الحرب تستعر والدمار يستمر. غير أن الدبلوماسية النشطة هذه هى أيضا، ولصعوبات الممارسة الدبلوماسية فى الشرق الأوسط وحضور التناقضات الجذرية بين القوى والأطراف، دبلوماسية لا ترى غير المدى القصير. ترتبط أسئلة الوسطاء والمفاوضين ويتعلق جوهر المقترحات والخطط بالمطلوب اليوم، كم من الرهائن نظير كم من الأسرى وكم من الرهائن نظير كم يوم دون حرب، كم يوم دون حرب ومعهم خلافات حول تحديد حجم المساعدات الإنسانية لأهالى غزة وسبل إنفاذها، تثبيت مسارات آمنة لابتعاد من هم فى رفح الفلسطينية عنها باتجاه وسط وشمال غزة قبل هجوم إسرائيلى عليها. جميعها أسئلة اليوم، جميعها أسئلة تدلل على المدى القصير للدبلوماسية فى الشرق الأوسط مثلما تدلل على كونها تأتى لاحقة للحرب والصراع والنزاع ومتواكبة مع ثلاثتهم وليست كممارسة بديلة لهم.
• • •
طالما استمرت الدبلوماسية قصيرة المدى وتواصلت صعوباتها الحاضرة فى الشرق الأوسط، فإن احتمالية التسويات السلمية ستظل منخفضة وسيظل البحث عن إطارات جماعية فعالة لإنهاء الحروب وحل الصراعات واحتواء التهديدات الأمنية صنو عمل لا تدوم نتائجه الإيجابية فى أحسن الأحوال وتغيب بالكامل نتائجه الإيجابية فى أسوأها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.