هبوط الأوقية 26 دولارًا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة خلال التعاملات المسائية    «التنمية والتحرير» ببيروت: نتنياهو ضلل المجتمع الدولي بالأكاذيب والادعاءات    حماس تندد بخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة    السوبر الإفريقي.. محمد هاني يغادر قمة الزمالك بعد السقوط 3 مرات    بمشاركة عبدالقادر.. قطر يقلب الطاولة على أم صلال في الدوري    تفاصيل التحقيقات في سرقة مجوهرات مذيعة شهيرة بالشيخ زايد    في اليوم العالمي للسياحة.. إضاءة أبو الهول والأهرامات لمدة ساعتين    معلومات عن حجازي متقال.. خطف الأنظار بالمزمار في مباراة السوبر الإفريقي    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    تنظيم قافلة طبية مجانية في قرية دكما بالمنوفية.. المواعيد والتخصصات    إقبال جماهيري كبير على مركز شباب الجزيرة لمشاهدة مباراة الأهلي والزمالك    رئيس المصريين الأحرار: المواطن غير راض عن الدعم العيني    شهيد فلسطيني وإصابتان في قصف جوي للاحتلال الإسرائيلي على رفح وزوارق حربية تستهدف صيادي غزة    "تجنب المجازفة".. نبيل الحلفاوي يعلق على تشكيل نادي الأهلي أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    وزير الخارجية الجزائري يجري بنيويورك محادثات ثنائية مع العديد من نظرائه    بعد زلزال إثيوبيا بقوة 5 درجات.. عباس شراقي يكشف تأثيره على سد النهضة    كولر: متفائل بتحقيق الفوز على الزمالك.. ونسعد جماهير الأهلي في السوبر    العمل والإتحاد الأوروبي يبحثان إعداد دليل تصنيف مهني يتماشى مع متغيرات الأسواق    القاهرة الإخبارية: أعداد النازحين إلى بيروت تتغير بين ساعة وأخرى    «مياه مطروح» تنظم الندوة التوعوية الثانية بالمسجد الكبير    في أول ظهور لفرقة تفاكيك المسرحية.. حسام الصياد: «وشي في وشك» تكسر القوالب المعتادة للعمل المسرحي    افتتاح المسجد الكبير بقرية «التفتيش» في سيدي سالم    الوزارة فى الميدان    "الصحة" تطلق تطبيقًا لعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    توقعات عبير فؤاد عن مباراة الأهلي والزمالك.. من يحسم الفوز بكأس السوبر؟    حقيقة إضافة التربية الدينية للمجموع.. هل صدر قرار من وزارة التعليم؟    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    اتهام بسرقة ماشية.. حبس المتهم بقتل شاب خلال مشاجرة في الوراق    حكيم يتألق بحفل المنيا الجديدة    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    مصرع 3 وإصابة 11 شخصًا.. روسيا تستهدف مدينة إزميل الأوكرانية    «حياة كريمة» توزع 3 آلاف وجبة غذائية ضمن مبادرة «سبيل» بكفر الشيخ    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    أنغام تتألق في «ليالي مصر» بالمتحف المصري الكبير    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    النيابة تطلب التحريات حول فنى متهم بالنصب على مصطفى كامل    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    الكاف يستعرض مشوار الأهلي قبل انطلاق السوبر الإفريقي    رئيس هيئة المحطات النووية يزور معرض إنجازات الصناعة الوطنية الروسية    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    غموض موقف نجم ريال مدريد من خوض الديربي    فتح شواطئ وأندية الإسماعيلية بالمجان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسياحة    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    وزير السياحة: اهتمام حكومي غير مسبوق بتعزيز مكانة مصر في الأسواق السياحية    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في بلدة شبعا جنوب لبنان    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد لقائهم به الخميس الماضى.. أدباء يرسمون ملامح البرادعى
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 04 - 2010

فى زيارة البرادعى الأولى لمصر بعد تفكيره فى الترشح للرئاسة، تصادف أن كنت عائدا مع نخبة ثقافية من مدينة أسوان بعد ختام سيمبوزيوم النحت الدولى، وكانت طائرة البرادعى قد سبقتنا إلى أرض مطار القاهرة بساعتين، لن تستطيع نسيان هذا المشهد لو رأيته، مشهد أثار دهشة الجميع، عندما رأوا أفراد الشرطة فى المطار وهم يشاهدون بإعجاب ما سجلوه بهواتفهم المحمولة للحشد الجماهيرى الذى راح لاستقبال البرادعى، مشهد يذكرنا بأن أول من رفع قبعته تحية للبرادعى، كان النظام المصرى الحاكم نفسه بعد موقفه المعروف والمحترم تجاه أمريكا أيام حربها على العراق، وكرمه الرئيس مبارك وأعطاه قلادة النيل.. أمر يثير الدهشة، فالحالة التى أحدثها الرجل بالمشهد السياسى المصرى مربكة بحق..
نتفق أنه من الخطأ تعليق كل الآمال والأحلام على شخص بعينه، وأن الحراك السياسى الجارى حاليا لا يخص البرادعى وحده، نتفق أيضا على أن الحال بات مزعجا لدرجة جعلت المواطن المصرى يحتشد لفكرة التغيير، وأن الساحة أصبحت مهيأة إلى حد كبير للفكرة، ولكننا لا نستطيع إنكار أن الأجواء لم تكن لتكتمل دون وجود شخص ذى مواصفات معينة، استطاع التأثير فى شرائح مختلفة من البشر، وكسب ثقتهم رغم تعدد توجهاتهم.
مرت الأيام، وأجرينا تحقيقا يتناول غياب صوت المثقفين عن هذه الأحداث، ونشرته «الشروق» بعنوان «تساؤلات حول غياب المثقفين عن حركة التغيير التى يقودها البرادعى»، وبعد أيام قليلة من نشر التحقيق، فوجئنا بتنظيم لقاء بينه وبين مجموعة من الأدباء والفنانين.. وخرجوا جميعهم متفائلين، واجتمع رأيهم على أن هذا رجل مختلف.
ووجدنا أنه ليس هناك أقدر من «أهل الكتابة» على رسم صورة أدبية لهذا الرجل، علنا نستطيع لمس ملامح هذه الشخصية التى ساهمت فى قلب الموازين، وباتت تمثل حالة لم نرها منذ فترة فى المشهد السياسى المصرى:
الدكتور شريف حتاتة قال «كنت مثل كثيرين أتابع الدكتور البرادعى عندما كان مديرا لوكالة الطاقة الذرية، وقتها تحمست لبعض مواقفه، ولم أتحمس لبعضها، لكننى كنت أشعر دائما أنه شخص يختلف إلى حد ما عن غالبية الموجودين فى السلطة، والذين تعودنا تصرفاتهم فى مصر، ثم تأكد شعورى بعد مقابلته منذ أيام، فلم أجد أيا من أشكال «التشنج» فى استقباله لنا أو فى تصرفاته.. رجل بسيط، هادئ، يستمع إلى الآخرين جيدا، ويعلق على أسئلتهم بتمهل، تشعر تجاهه بألفة ساهم فيها أريحية المكان الذى كنا نجلس فيه، حيث كان اجتماعنا فى حديقة منزله، وكان الطقس لطيفا، كما لم يكن هناك أى تكليف أو رسميات، يذكرك بالأجيال القديمة، و«تحس إنه ينفع أب أو ناظر مدرسة من بتوع زمان».
ويحكى حتاتة: «عندما اشتدت الشمس فى المكان الذى كنا نجلس فيه، قمنا لكى ننتقل إلى مكان أكثر ظلا، ولكن رغم انتقالنا جاءت جلستى فى مكان حار ومشمس، وشعر هو بذلك، فقام مصرا على أن آخذ مكانه».
ويخشى صاحب رواية «الوباء» من التفاف البعض حول البرادعى، ويحتمل أن يكون ضمن هؤلاء الملتفين من يطمع فى سلطة ما لو نجح الرجل وأصبح رئيسا للجمهورية، يقول «بعد انتهاء لقائه بالمثقفين، فوجئت أن هناك أشخاصا من الذين يلتفون حوله وقد خرجوا يدلون بتصريحات للصحف عن الجلسة، وعن الاقتراحات التى طرحناها نحن عليه، ولا أعرف كيف سيتعامل هو مع هؤلاء». يضيف «أكثر ما لفتنى فيه تسامحه مع الآخر، وعدم تفرقته بين المسلم والمسيحى، وإيمانه بدور المرأة، ولفتنى أيضا اهتمامه بالأدب والثقافة».
ومن البديهى أن تكون مسألة اهتمام البرادعى بالأدب والفنون من أكثر ما لفت حضور هذا اللقاء، فهى أيضا لفتت الأديب إبراهيم أصلان الذى التفت هو الآخر للبرادعى قبل طرحه لفكرة الترشح للرئاسة، يقول: «لفت نظرى منذ فترة، تقريبا قبل عامين، عندما قرأت حوارا مطولا أجراه معه غسان شربل رئيس تحرير جريدة الحياة اللندنية، والحقيقة أننى دهشت من هذا المواطن المصرى الذى يشغل منصبا دوليا مهما، ثم يجلس ليستشهد بأشعار المتنبى، ويعشق الموسيقى الكلاسيك، ويهتم بفنون السجاد والساعات القديمة، هذا المواطن المغرم بأم كلثوم وفيروز ووديع الصافى، استوقفنى هذا الجانب بشدة، لأنها كانت المرة الأولى التى أسمع فيها مسئولا مصريا سواء كان فى منصب دولى أو محلى، يتحدث عن الكتب والموسيقى، ولم أضبط أحدهم يوما يشير لرواية أو ديوان شعر، وقد علقت وقتها على هذا الحوار فى يناير 2008 بجريدة الأهرام» .
ويكمل أصلان: «هذه الصورة عن البرادعى بقيت فى ذهنى وانتهى الأمر عند ذلك.. ومر العامان وتمت دعوتى للقائه قبل أيام ضمن مجموعة من الأصدقاء، فاستكملت فكرتى عنه، وأنا أحد الناس الذين لا يفكرون برءوسهم، لأنى تحولت إلى كائن يفكر بمشاعره وجسده، ورغم عدم مشاركتى بأى اقتراحات واكتفائى بالاستماع، كنت يقظ تماما لما دار فيها من دردشات، وعندما استمعت لاستعراضه عن طبيعة المشاكل التى يمر بها الوطن، وجدته يعبر عن فهم دقيق لتاريخ مصر، ويملك حساسية تاريخية عميقة، وعرفت أنه رجل متعدد الثقافات، يمارس درجة من التثقف يمتزج فيها ما هو ارستقراطى وما هو شعبى».
ولا تستطيع أن تتحدث عن شخص البرادعى دون أن يتداعى إلى ذهنك عدة أشياء مهمة، مثل الأسئلة التى طرحها البعض ومنها مثلا: أين كان البرادعى طوال السنوات السابقة؟. يجيب أصلان: «هذا سؤال غير منطقى، لأن الرجل طوال هذه السنوات كان يؤدى دورا مهما برئاسته السابقة لوكالة الطاقة الذرية، وهو دور رفع من قامة مصر بين دول العالم، والنظام الحاكم فى مصر اعترف له بهذا وتم تقديره من قبل القيادة السياسية، وتصريحات المسئولين» من الأشياء التى لفتت «مالك الحزين» أن النظام يتعامل مع تحركات البرادعى فى الشارع بشكل من الرقى، «وهذا يدل على إدراكهم لأن أى إجراءات عنيفة ستترتب عليها نتائج سلبية تضع مصر فى موقف حرج أمام العالم كله، رغم استيائى من تعامل الأمن العنيف مع شباب حركة 6 أبريل».
مسألة بعد البرادعى عن مصر طوال هذه السنوات، ومدى تأثيرها سلبا على درايته بمشاكل الوطن، يتفق فيها مع أصلان الأديب محمود الوردانى، الذى يرى أن محمد البرادعى «فلاح مصرى بسيط»، يكمل: «هذا انطباعى الأول عنه، وليس صحيحا على الإطلاق ما يقال عن إنه هبط علينا بالباراشوت»، ويرى الوردانى أن الرجل يبعث بشدة على الاطمئنان، «طيب وملوش فى العك»، تقديره لنفسه خالٍ من الأوهام، ويملك عقلا كبير جدا، وهو مرتب إلى أقصى درجة، لديه منهج لا يحيد عنه، ويدرك تماما ما يعانى منه المصريون، علاقته بالثقافة والفنون واضحة وفارقة فى شخصيته، فتجده عندما يتحدث يستشهد بمشاهد أدبية ومسرحية، تستشعر فيه أيضا الشجاعة وعدم الخوف، ليس لأن لديه حماية ما، بل لأنه يصدق ما جاء من أجله، وهو التغيير.
أكثر ما طمأن الوردانى إليه أنه أكد عدم وجود نية فى الترشح لمنصب الرئاسة فى ظل الدستور الحالى، «لأن هذا يعد مشاركة فى مسرحية هزلية كبيرة، ولكن مطلبنا الأساسى هو تعديل مواد الدستور»، يضيف صاحب «الحفل الصباحى»: «البرادعى رجل صريح، وواسع الأفق، يجيب عن كل الأسئلة المطروحة باستفاضة ووعى كبير، ولا ينتهج طريق التحريض على الآخر، هو فقط يشخص مشاكل الوطن بدقة عالية، ويتعرض لكل ما يعانى منه المواطن فى الشارع، ويربط هذه المعاناة بالتوجهات السياسية، فتجده يصر على أن مشكلة أنبوبة البوتاجاز مثلا، أو رغيف العيش، أنها مشكلة تتعلق بالسياسة العامة، وبالقمع الأمنى، والاستبداد والحكم الديكتاتورى، لذلك أرى أنه إذا تحققت كل المطالب التى يسعى إلى تحقيقها، فسوف نكون قد انتقلنا نقلة تاريخية كبيرة جدا».
ولم يبتعد الروائى إبراهيم عبدالمجيد كثيرا فى رأيه عن سابقيه، يقول: «من الواضح جدا أن عمل البرادعى مديرا عاما لوكالة الطاقة الذرية ساعده بشدة على أن يكون رجلا مرتبا، فهو يعرف جيدا ما يريد، ويملك تصميما عاليا على تنفيذ ما يريده، يتحسس الأرض التى يمشى عليها بحذر وبخبرة عالية، فلا يلقى بأوراقه دفعة واحدة، ولا يندفع سريعا وراء كل ما يقال، تحليله للقضايا العالمية منطقى ودقيق»، وأهم ما لفت صاحب «عتبات البهجة» هو رؤية البرادعى لموقع مصر من العالم، وقدرته العالية على الاستماع، ومناقشة كل الآراء بهدوء وموضوعية حقيقية، «لا يتوقف مثلا عند النقد الشخصى، ولديه عقلية متطورة للغاية، تساعده على متابعة وسائل الإعلام الحديثة، ومواقع التواصل على شبكة الإنترنت، فى النهاية هو يملك كل مواصفات السياسى الناجح».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.