بعد الإعلان عن عزم بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم المشاركة في أول قمة نووية في واشنطن، رجحت الصحف العالمية أن يكون السبب هو خوف نيتانياهو من تعرضه لاستجوابات بشأن القوة النووية السرية التي تمتلكها إسرائيل. بداية القصة لو لم يكن هناك مواطن إسرائيلي اسمه موردخاي فانونو- المهندس في مركز أبحاث السلاح النووي في مفاعل ديمونة بصحراء النقب -, ربما لم يكن العالم ليعرف حتى يومنا هذا، ما إذا كان لدى إسرائيل فعلا أسلحة نووية أم لا، فقد بدأت القصة حين ذهب فانونو في عام 1986 إلى أستراليا، وأبلغ الصحافة البريطانية بتفاصيل سرية بخصوص البرنامج النووي الإسرائيلي، ما حقق لفانونو شهرة عالمية، إلا أنه قاده في الحال إلى السجن بعد أن اختطفته المخابرات الإسرائيلية "الموساد" بعد فترة قصيرة، ومثل أمام محكمة في إسرائيل وحكم عليه بالسجن 18 عاما بتهمة "التجسس وإفشاء الأسرار". وعندما خرج فانونو من السجن عام 2004، أعلن أنه لم يقصد إفشاء أسرار وإنما قول الحقيقة فقط، وأنه كان يعتقد بأنه يسعى لإنقاذ إسرائيل من محرقة جديدة، مؤكدا أنه "عندما يستخدم الإسرائيليون أسلحتهم النووية، سيقوم أعداؤها بالرد فورا". إسرائيل خامس قوة نووية منذ منتصف القرن الماضي ومن الأسرار المعروفة عالميا أن إسرائيل بدأت منذ خمسينات القرن الماضي في بناء ترسانتها النووية، وكانت فرنسا هي أهم من ساعدها في هذه الخطوة. وفي منتصف ثمانينات القرن الماضي، شاعت الأنباء أن إسرائيل تمتلك من 75 إلى 200 سلاح نووي، وأنها تمتلك نظاما في منتهى التطور لحمل هذه الأسلحة، وتم اعتبارها بهذا خامس قوة نووية في العالم بعد أمريكا، وروسيا، وفرنسا، والصين. ونظرا لوقوع إسرائيل في عداوات مع جيرانها العرب، اعتقد ديفيد بن جوريون مؤسس دولة إسرائيل عام 1948 أنه يتحتم عليه حماية بلده من خلال استخدام الأسلحة النووية، وهي نفس الفكرة التي راودت شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي الحالي، فقد شغل بيريز يوما ما منصب المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، تطور خلالها البرنامج النووي الإسرائيلي تطورا كبيرا. الحماية الأمريكية وعلى الرغم من هذا، مازالت إسرائيل تتعمد الغموض حتى الآن بخصوص برنامجها النووي، ويرجع نجاح خطة هذا ال"غموض النووي" إلى حليفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، فواشنطن تشمل البرنامج النووي الإسرائيلي بحمايتها منذ ستينيات القرن الماضي. ونظرا لقيام واشنطن بإبعاد كل الضغوط الخارجية عن إسرائيل، فإن الأخيرة لم توقع حتى الآن على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما أنها لا تخشى أبدا من التعرض للتفتيش من الوكالة الدولية للطاقة النووية. وتنتقد الدول العربية والإسلامية ما تصفه بالصمت الرسمي في واشنطن إزاء قضية البرنامج النووي الإسرائيلي، وترى أن هناك قبولا ضمنيا من جانب الولاياتالمتحدة لحيازة إسرائيل السلاح النووي. إيران تدفع إسرائيل لكشف غموض برنامجها النووي ورغم كل الغموض الذي تصر إسرائيل عليه بشأن برنامجها النووي، يقدر الخبراء حاليا وجود 2700 عامل وموظف في مفاعل ديمونة في صحراء النقب، وأنه يجري كل عام في هذا المفاعل تصنيع ما بين أربعة إلى خمسة رؤوس نووية. ولا يوجد أدنى شك - حتى من داخل إسرائيل- أن مبدأ "الغموض النووي" سينكشف تماما قريبا، لاسيما في الوقت الذي يتسبب فيه التسلح النووي الإيراني في ذعر إسرائيل. ويعتقد رويفن بيداتزور أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب أن مخاطر كتلك التي تنتج عن تسلح إيران نوويا، تحتم على إسرائيل أن تواصل التسلح وأن تعتمد على الردع. ويشير بيداتزور إلى ما وقع عام 1990 بعد قليل من دخول الجيش العراقي إلى الكويت. ويعود بيداتزور بذاكرته للوراء ويقول:"عندما فر زوج ابنة صدام حسين إلى الأردن، سئل لماذا فررت من العراق؟ فأجاب بكل وضوح: نحن خائفون من أن ترد علينا إسرائيل بضربة نووية." ويضيف أستاذ العلوم السياسة في جامعة تل أبيب: "هذا يعني أن إستراتيجيتنا كانت ناجحة تماما". يذكر أن إسرائيل كانت قد قصفت مفاعلا عراقيا في عام 1981، كما ترددت أنباء عن قيام مقاتلاتها بقصف مفاعل سوري في وادي الزور عام 2007.