اختفت المسلسلات الدينية والسير الذاتية للشخصيات الإسلامية البارزة من خريطة الدراما المصرية هذا العام فى ظروف غامضة، فى الوقت الذى نرى فيه معارك وصراعات بين المنتجين لإنتاج مسلسلات سير ذاتية حول شخصيات تحيط علامات الاستفهام بأهميتها وقيمتها وحياتها ومواقفها، غابت عن الشاشة مئات الشخصيات التى تمثل نماذج حية للتضحية والفداء والنبل عبر التاريخ! خرج علينا د. بهاء الدين إبراهيم أشهر من كتب الأعمال الدينية على مدى ال15 عاما الماضية بتصريح صادم حينما أكد أن الدولة ترفض إنتاج أعمال دينية لأنه يتعارض مع اتجاهها نحو العلمانية، وأشار إلى وجود تخوف أمنى أن تسهم المسلسلات الدينية فى شحن المتعصبين دينيا فيزدادوا تطرفا! وقال: «المسلسل الدينى يتم إجازته رقابيا كما يعرض على الأزهر، الذى يراجع النص بالتفصيل ثم يعطى موافقته وبعد هذا لا يتم تنفيذ العمل ولا يتم الاعتراض عليه أيضا من الجهة المنتجة، ويتم تسويف المسألة والمماطلة بشكل غير مقبول تماما». وأضاف: «كان لى تجربة خاصة عندما تقدمت ب3 سيناريوهات لمدينة الإنتاج الإعلامى، ولم يتم إنتاج أى واحد حتى الآن، والغريب أننى بعد أن تلقيت عرضا من المهندسة راوية بياض رئيس قطاع الإنتاج فى التليفزيون لإنتاج مسلسلين دينيين دفعة واحدة، وجدتها توقف مفاوضاتها فجأة وتبتعد تماما، وبدورى لن أتوقف عن كتابة المسلسلات الدينيه خاصة أننى عاهدت الله بعد أن كتبت أولى مسلسلاتى الدينية «أبوحنيفة النعمان» ألا أعود للأعمال الأخرى لأننى لو فعلت أكون كالمحجبة التى خلعت حجابها. وردا على هذا الكلام قال يوسف عثمان رئيس قطاع الإنتاج بمدينة الإنتاج أنتجت أعمالا دينية كثيرة حينما كان التليفزيون المصرى يعزف منفرد بعيدا عن هوجة الفضائيات، ولم تكن هناك سطوة للإعلانات وكان التليفزيون المصرى يسعى لتقديم أعمال ذات قيمه للمشاهد لكن الآن دخل التليفزيون فى منافسة مع القنوات الخاصة، وتنازل عن دوره وأصبح يجرى وراء مسلسلات النجم الأوحد وتحول الفن إلى تجارة كما تحولت الثقافة إلى سلعة على يد فاروق حسنى وزير الثقافة. وردا على اتهامات د.بهاء قال يوسف عثمان: «رغم إيمانى بأهمية الأعمال التى تقدم بها فإننى وفقا لمنصبى فى المدينة لا أستطيع أن أنتج هذه الأعمال إلا بعد ضمانى لتسويقها جيدا، فالمدينة جهة استثمارية تهدف الربح بخلاف قطاع الإنتاج وصوت القاهرة فلهما دور وواجب وطنى فى توجيه الجمهور ذلك لأنهما طوق النجاة لكل ألوان الفن المحترم وأشعر بتخاذل تجاه هذا الدور. ويدافع محمد زكى المشرف العام على الإنتاج فى شركة صوت القاهرة على إنتاج الحكومة قائلا: لا يوجد اتجاه لمنع المسلسلات الدينية لا بسبب التخوف الأمنى ولأنه يخالف التوجه العلمانى، وها هى السعودية لا تنتج أعمالا دينية، وعليه فالاتهام هنا فى غير موضعة وأرى أن السبب فى عدم إنتاج مسلسلات دينية هى ندرة النصوص الجيدة إلى جانب أن الموضوعات جميع قد تم تناولها فى الأعمال السابقة وكل ما يعرض علينا هو أقرب لمسلسلات السير الذاتية وليست دينية بمفهومها الصحيح فنحن نريد نصا يتناول الإسلام وفقا للمتغيرات الحياتية التى نعيشها وليس بالمفهوم الذى قدمناه من قبل عن فجر الإسلام وغزواته، ولسنا بحاجة إلى مسلسل دينى كل عام . وترى الفنانة عفاف شعيب أن هناك تخاذلا من قبل جهات الإنتاج الحكومية فى تمويل مسلسلات دينية وقالت: «لى أكثر من تجربة مع المسلسل الدينى، وأؤكد أن هناك وفرة فى النصوص الجيدة ولكن صاحب القرار يرى أن المسلسل الدينى غير جاذب للمحطات الفضائية، ولذلك يرفض إنتاجه وفى أحسن الأحوال يرصد ميزانية متواضعة فى استخفاف واضح بهذه النوعية من الأعمال، الأمر الذى نتج عنه عزوف الكتاب والمخرجين المثقفين. ولأنه صاحب تجربة طويله مع المسلسل الدينى قال الفنان حسن يوسف: لغة الأرقام تؤكد أن المسلسل الدينى له سوق وجاذب للإعلانات بشكل كبير، وها هو مسلسل «إمام الدعاة»، الذى أنتج بميزانية تبلغ نحو 6 ملايين جنيه حقق إيرادات بلغت 68 مليون جنيه وهو ما دفعنى للتشكك فى نوايا المسئولين تجاه المسلسل الدينى بدليل أننى بعد أن توقفت عن الإنتاج توقفت الجهات الإنتاجية عن إنتاج المسلسل الدينى. وبالإشارة إلى مسلسل «صدق وعده» الذى أنتج العام الماضى قال: هذا ليس مسلسلا دينيا لكنه مسلسل تاريخى يرصد الحقبة التاريخية قبل ظهور الإسلام ولكن المسلسل الدينى بمفهومه الواضح اختفى تماما نظرا لسياسة جديدة تطبقها جهات إنتاجية غير واضحة وغير معلنة، ومن هنا قررت ألا أحرق دمى خاصة أن مسلسل «العارف بالله» آخر أعمالى الدينية كبدنى خسارة بلغت مليون جنيه، وفضلت أن اكتفى بكونى ممثلا وأختار الأدوار التى تروق لى.a