نظمت المؤسسة اليونانية الثقافية معرضا فنيا في مدينة الإسكندرية المصرية, يستمر حتى 22 إبريل لمقبل ويضم مئات الصور النادرة وفيلما تسجيليا يجسد مشاهد من الحياة اليومية للجالية اليونانية الحديثة والقديمة. وقد افتتح المعرض الذي يوثق أهمية المدينة في الماضي والحاضر خلال الحالة اليونانية، بحضور دبلوماسيين ومثقفين وأبناء الجالية اليونانية وعدد من الأجانب والقنصل العام بالمحافظة دياكو فوتاجيس. وتعد الجالية اليونانية من أعرق وأقوى الجاليات التي عاشت حالة من الاندماج والتكيف في المجتمع السكندري، وتأسست عام 1843 وأصبح لها 32 فرعاً في مختلف المدن المصرية. وكان لليونانيين في ذلك العصر نشاط مميز في مجالات اقتصادية عديدة مثل معالجة وتجارة القطن، وبورصة الأوراق المالية. ويقول الباحث اليوناني هيراكليتوس سريوليز إن المعرض يهدف إلى تعريف الجمهور على لحظات هامة تجسد طبيعة الحياة الاجتماعية والبيئية والثقافية للجالية بالمحافظة من خلال مطبوعات نادرة وصور للمباني اليونانية من مدارس وكنائس ومحال تجارية ومصانع. وقال هيراكليتوس وهو أحد المشرفين على المعرض للجزيرة نت، إن الصور تحكي أيضا بعض العادات والتقاليد التي تؤشر على تاريخ عريق لأبناء الجالية "الذين عاشوا كمواطنين عاشقين لمصر يمتلكون المطاعم والمقاهي والمحلات والشركات وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من كيان هذا البلد قبل أن تتدخل السياسة وتحول دون استمرارهم". بدورها وصفت مسئولة الإعلام والترجمة بالمؤسسة اليونانية للثقافة ماريا جوانيدس المعرض بأنه "إضافة كبيرة تعكس الامتزاج الثقافي في المجتمع السكندري ومدى اندماج اليونانيين بالمدينة في مجالات النشاط الإنساني". كما أشارت إلى قيام عدد كبير منهم بتأسيس عدد من النوادي والاتحادات الرياضية والفنية والأدبية. وتحدثت جوانيدس عن تقلص أعداد وأنشطة اليونانيين واندماجهم بالمجتمع السكندري, معتبرة أن الصعوبات التي يلاقيها الجيل الثالث للعائلات اليونانية في الحصول على الجنسية المصرية كانت سببا في تقلص أعداد وأنشطة اليونانيين. في الوقت نفسه أشادت جوانيدس بالجهود المصرية التي بذلت للحفاظ على الآثار التاريخية للجالية اليونانية. أما المدير العام للمؤسسة الثقافية مانولي مارنجولي فأشار إلى المكانة المتميزة للجالية اليونانية في تاريخ الجاليات الأجنبية بالمحافظة "لعراقتها وقدمها وللدور المهم الذي لعبته على الصعيد الديني والثقافي والتجاري خلال ال150 عاما الأخيرة". وقال مانولي إنه في فترة العشرينيات كان عدد اليونانيين بالإسكندرية يتجاوز 120 ألفا. وأضاف "رغم رحيل معظم اليونانيين عن المدينة خلال الخمسينيات والستينيات فإن حضورهم ما زال واضحا وملموسا حتى اليوم" لافتا إلى وجود محال تحمل أسماء يونانية وكذلك أحياء بأكملها ما زالت تطلق عليها أسماء يونانية مثل جليم، وزيزينيا، وجاناكليس، وباسترودس، وديليس، وأثينيوس، وهي أسماء لشخصيات يونانية بارزة. وتطرق الباحث بجامعة شيكاغو خالد رؤوف للحديث عن النشاط الثقافي للجالية اليونانية عبر أكثر من مائة عام من خلال نشر وتداول عدد يتراوح بين 350 و400 إصدار صحفي وطباعة أول جريدة يونانية تحمل اسم مصر من الإسكندرية. كما أشار لوجود قائمة تضم ما يربو على 1200 اسم لمؤلفين مغمورين ومشهورين في مجالات الصحافة والأدب والفنون أمثال جراسيموس بند أكس وكفا فيس وستراثيس تسير كاس وغيرهم من أشهر المثقفين اليونانيين الذين أثروا الحياة الثقافية الإسكندرية.