أصبح افتتاح موسم سباقات سيارات الفئة الأولى "فورمولا 1" في أستراليا أشبه بالعرف ، وبرغم ذلك قد تنقلب صفة "الكلاسيكي" ضد سباق الجائزة الكبرى الأسترالي ، بما أنه يمثل "النظام القديم" وسط هذه الأوقات العصيبة من التغييرات التي تشهدها بطولة العالم لسباقات فورمولا 1. وشهدت خريطة أبرز سباقات السيارات في العالم عدة تغييرات منذ عام 1985 مع اتجاه معظم أماكن استضافة السباقات جنوبا ، ولكن سباق الجائزة الكبرى الأسترالي لم يستقر في ملبورن قبل عام 1996. ومنذ ذلك الحين ، باستثناء واحد فقط ، يفتتح سباق ملبورن دائما الموسم الجديد من بطولة العالم لسباقات فورمولا -1 سنويا. ولن يختلف الأمر هذا العام أيضا ، إذ تستعد حلبة "ألبرت بارك" من جديد لاستضافة أول سباقات موسم 2009 اليوم ، وستحرق العشرون سيارة المشتركة ببطولة العالم إطاراتها الأولى بالموسم على طريق المضمار الأسترالي حول المياه الزرقاء للبحيرة التي تتوسط المتنزه العام بملبورن. ولكن كل شيء سيحدث في موعد متأخر عن المعتاد ، فسباق الجائزة الكبرى الأسترالي سينطلق في الخامسة مساء وفقا للاتفاق التي عقدها منظمو السباق مع بيرني إكليستون رئيس سباقات فورمولا -1 . وأراد الثري البريطاني الشهير تحويل السباق الأسترالي إلى عرض ليلي آخر ، وهدد بنقله إلى مكان آخر إذا رفضت سلطات ولاية فيكتوريا الأسترالية طلبه ، وفي النهاية ، تم التوصل إلى حل وسط استطاع إكليستون بموجبه زيادة نسبة المشاهدة المباشرة للسباق في أوروبا وآسيا مع احتفاظ ملبورن بحق استضافة السباق حتى عام 2015 على الأقل. وما زال تغيير موعد انطلاق السباق الجزء الوحيد المعلن من ثمن احتفاظ ولاية فيكتوريا بما تعتبره أكبر رموزها في عالم الرياضة إلى جانب بطولة أستراليا المفتوحة للتنس. أما التكلفة المالية ، فمازالت سرا محفوظا بين إكليستون وسلطات ملبورن. وقال جون برامبي رئيس وزراء ولاية فيكتوريا "ما أستطيع قوله هو أننا توصلنا لنتيجة جيدة فيما يتعلق بالجوانب المادية". وتوقعت صحيفة "إيدج" الأسترالية اليومية أن يصل ثمن استضافة ملبورن لسباق الجائزة الكبرى عام 2009 إلى 47 مليون دولار أسترالي (نحو 31 مليون دولار أمريكي) وهو ما يفوق متوسط أسعار سباقات الجائزة الكبرى العادية بكثير ، وفقا للصحيفة. وكتبت صحيفة "هيرالد صن" اليومية من جانبها تقول "يجب أن تظهر الحكومة شفافية أكبر فيما يتعلق باستخدامها لأموال دافعي الضرائب" ، بينما رد متحدث رسمي باسم الحكومة قائلا : "إعلاننا عن ثمن حصولنا على حق استضافة السباق سيكشف ببساطة لمنافسينا عما يحتاجونه بالتحديد لمحاولة سرقة هذا الحدث من ملبورن". وقد تطوعت سيدني ، التي تسعى دائما إلى إثارة المعارك مع ملبورن من أجل الزعامة الرياضية داخل أستراليا ، بالفعل إلى استضافة سباق الجائزة الكبرى الأسترالي بدلا من ملبورن حتى أنها أعربت عن موافقتها المسبقة على استضافة سباقا ليليا. وتمكنت ملبورن حتى الآن من الاحتفاظ برمزها الرياضي ، ولكن سباقات فورمولا -1 تمر بمراحل تغيير مستمرة ، وبعد سنوات طويلة من الإنفاق المبالغ فيه ، ضربت الأزمة الاقتصادية هذه الرياضة بكل قوتها ، وودعت العديد من أقدم حلبات فورمولا -1 ساحة المنافسة أو تعرضت لمشاكل كبيرة. وبرغم بلوغ إكليستون عامه الثامن والسبعين ، فإن رأسه لا يتوقف أبدا عن البحث عن أسواق جديدة. ومع خروج كندا والولايات المتحدة وفرنسا من جدول سباقات فورمولا -1 الموسمي ، لتأثرهم بمشاكل مالية ، فقد انضمت سنغافورة والصين والبحرين إلى نادي الصفوة في السنوات الأخيرة. وأصر إكليستون على أنه لا يساوره أي قلق بسبب الأزمة المالية حيث قال إن هناك أربعة أو خمسة مرشحين جدد منتظرين فرصتهم لتنظيم سباق الجائزة الكبرى ، وذلك بعد استبعاده مونتريال من جدول سباقات موسم 2009 لتأخر منظمي السباق في تسديد مصاريفهم. وبخلاف سباق الجائزة الكبرى الأسباني في كاتالونيا ، أضافت إسبانيا سباقا ثانيا إلى نشاطها بسباقات فورمولا 1 عام 2008 وهو سباق الجائزة الكبرى الأوروبي في فالنسيا والذي يجرى على واحدة من تلك الحلبات التي يعشقها إكليستون ، كما اقتربت الهند كثيرا من استضافة سباق الجائزة الكبرى الخاص بها في عام 2011 . وتمر السباقات "الكلاسيكية" بعدة مشاكل: فحلبة سلفرستون لن تستضيف سباق الجائزة الكبرى البريطاني في 2010 . أما حلبة هوكنهايم ، التي تتناوب استضافة سباق الجائزة الكبرى الألماني مع نورنبرجرينج ، فتحتاج لدعم مالي كبير لضمان بقائها. ويبدو أن هناك "نظاما جديدا" بدأ يهيمن على سباقات فورمولا 1 ، وستسعى أستراليا جاهدة لإيجاد مكان لها فيه إذا كانت لا تريد استبعادها كلية من خريطة سباقات الجائزة الكبرى.