تحولت ندوة «سينما الكبار فقط» التى عقدت بقصر الأمير طاز تحت رعاية صندوق التنمية الثقافية من مناقشة المصطلح المثير للجدل إلى هجوم حاد من النقاد والمبدعين على الرقابة على المصنفات الفنية التى أكد رئيسها د. سيد خطاب فى البداية عدم إيمانه بدلالة «للكبار فقط»، ولكنه يؤمن بالتصنيف قائلا: «أنا ضد فلسفة المنع ولكن من المفترض معالجة الفكرة أو مهاجمتها بأخرى، والجنس يعد رؤية فنية تقدم من وجهة نظر المخرج والمؤلف الذى عليه أن يعى عند اختيار موضوعه طبيعة الشريحة التى يتوجه إليها وبالتالى تحديد فكرته مما يؤدى لإضفاء نوع من الخصوصية. وأضاف خطاب: أنا سعيد أن أحد التابوهات تم تجاوزها فى السينما المصرية المقبلة على حراك فكرى وسياسى واسع، فقريبا سيظهر فيلم «تلك الأيام» الذى سيعيد فكرة الحراك السياسى مرة أخرى». وردا على سؤال حول انحراف أى من الأفلام التى عرضت عليه عن مجرى سيناريوهاتها، قال خطاب: فيلم «كلمنى شكرا» مخالف لما هو مكتوب فى السيناريو وهو الشىء الذى ربما يترك اثرا سيئا على أصحابه، وأنا ضد أن تتعامل الرقابة مع الأعمال الفنية بمنطق «المقص» حتى لا نتهم بعد ذلك أننا شوهنا الفيلم، وأتوقع أنه لو تم إلغاء الرقابة فسوف يواجه المبدعون قوانين العقوبات. وما إذا كانت المشاهد الجنسية تعبر عن الرغبة السياسية لإلهاء الشعوب عن قضاياها الحقيقية، أفاد المخرج محمد كامل القليوبى أن هذا الرأى ينطبق فقط على كرة القدم وليس على السينما، وأبدى اندهاشه من تصنيف «رسائل البحر» للكبار فقط واصفا إياه ب «البسيط» وكتابة هذه العبارة عليه تنطوى على استخفاف بالبنات والصبية الذين يتاح أمامهم مختلف الوسائل، وعبر عن فزعه من الرقابة الدينية والسياسية كما حدث مع فيلم «أجورا» الإسبانى. وأضاف: «للكبار فقط» ليست مشجعة على دخول الفيلم بسبب انتشار القرصنة، وإذا كنا نريد أن يتعلم ويرتقى الناس فلما وضعنا هذه العبارة على رسائل البحر، فلا يوجد ما يسمى الرقابة على الفنان». ومن ناحيته، وصف السيناريست هانى فوزى تأبوه الجنس بأنه «أتفه نوع فى التابوهات الثلاثة المتمثلة فى الدين والسياسة والجنس «لأنه أصبح متاحا بشكل كبير من خلال الإنترنت والفضائيات، وأضاف: نحن نطالب بهامش من الحرية لأن هناك مشاهد يكون لها ضرورة درامية». وتساءل فوزى قائلا: لماذا تناقش برامج التوك شو القضايا السياسية والدينية بحرية بينما يمنع صناع السينما من مناقشتها؟ وأوضح هانى أن المؤلفين أصبحوا كالعبيد فى نظر المنتج والفنان. الناقدة ماجدة موريس عارضت خطابا فى مسألة التصنيف قائلة: أصبحنا كالنعامة ندفن رأسنا فى التراب، وعندما نحجر على صناع السينما ونحكم عليهم بأن هذا الفيلم يجب أن يكون على نحو ما يحددونه هم عندئذ يصبح هذا اتجاها لتحجيم الإبداع والقضاء عليه، وعلى المبدع فقط أن يكتب الفيلم وليس مفروضا عليه التصنيف الذى يمثل مرحلة لاحقة تختص بها الرقابة وأضافت: المشكلة تكمن الآن فى التعامل مع العمل المبدع وغير المبدع بمعايير واحدة وهو ما ينطوى على ظلم للكثير من الأعمال». وفيما يخص مصطلح «السينما النظيفة»، أوضح الناقد السينمائى طارق الشناوى أن الفن ليس مفروضا أن يقيم بالمعايير الدينية والأخلاقية وليس مفروضا أيضا أن يتعارض معها، وهذا التعبير ظهر عام 1997 بعد فيلم «إسماعيلية رايح جاى» وزاد الاتجاه إليه حتى عارضه من كانوا يرفعون شعاره، وقد غالى بعض الكتاب فى هذا الاتجاه تقربا للجمهور، وأضاف الشناوى: أصبحت الرقابة أداة قمعية فى يد الحكومة، ومهما كان الرقيب ذو أفق واسع فإن الرقابة السياسية التابعة للدولة تظلم المجتمع، وهناك كثير من المبدعين الذين تعنتت الرقابة معهم بشدة مثل فيلم «عين شمس» الذى رفض إعطاءه الجنسية المصرية، وبناء على هذا القمع من جانب الرقابة أصبح هناك اتفاق ضمنى بين المبدع والدولة من أجل المكسب المادى. وقالت الفنانة الشابة دعاء حجازى: نظرت لفيلم رسائل البحر على أنه لوحة تشكيلية ودورى به ذات دلالة درامية، وعبارة «للكبار فقط» لها علاقة بمراحل عمرية معينة قد لا تعى ما يقدم، وأضافت: أكره الأفلام التى تصنف على أنها نظيفة لأنها تجعلى أشعر بالبلاهة والطفولة، والجمهور من حقه أن يكون حكما وليس محكوما عليه. أدارت الندوة الصحفية سوسن الدويك.