«اقعدوا مع بعض وهاتولى موازنة للعام المالى المقبل بأقل نسبة عجز متوقعة، حتى لو استخدمتم الفانوس السحرى»، جملة وجهها أحمد نظيف، رئيس الوزراء، إلى كل من يوسف بطرس غالى، وزير المالية، وعثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية، خلال اجتماعه معهما، أمس الأول، لمناقشة المحددات الجديدة لإعداد الموازنة المقبلة، المزمع تقديمها إلى مجلس الشعب لمناقشتها، الشهر المقبل. واعتبر رئيس الوزراء أن «التحكم فى العجز أو الإبقاء عليه دون تغير دليل على أن الحكومة تمسك بزمام الموازنة»، بحسب تعبيره. تأتى هذه التوجيهات، مع إعلان صندوق النقد الدولي، مساء أمس الأول، عن أهم النتائج التى توصل إليها خلال مشاوراته مع الحكومة الأسبوع الماضى، فيما يتعلق بضرورة وضع «تخفيض العجز فى موازنة العام المالى المقبل عن مستوياته الحالية هدفا أساسيا للحكومة المصرية فى الفترة المقبلة». ولتحقيق لذلك، نصح الصندوق الحكومة بمواصلة اتخاذ التدابير اللازمة التى من شأنها زيادة الإيرادات، مثل تخفيض تكلفة الدعم، وتوجيهه بشكل أفضل للفئات الأكثر احتياجا، إلى جانب مقاومة الضغوط من أجل زيادة الإنفاق العام، كما حث الصندوق الحكومة على إعطاء أولوية لمسألة استكمال خطة إلغاء دعم الطاقة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة «بأقصى سرعة ممكنة». وإن كان الصندوق قد رأى أن «اعتماد هذه الإصلاحات، التى من شأنها خفض العجز سيكون التحدى الرئيسى للحكومة المصرية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية». ويبدو أن هذه المخاوف لم تقتصر فقط على الصندوق، وإنما امتدت أيضا إلى وحدة الأبحاث التابعة لمجلة الإيكونوميست، فقد حذرت جين كينينمونت، الرئيس المساعد لدراسات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فى الايكونوميست، من الصعوبات، التى ستواجهها الحكومة المصرية فى عام 2010 من متابعة خطوات الإصلاح الاقتصادى، خاصة فيما يتعلق بمسألة الدعم، «للحساسية السياسية للخطوات الذى يجب أن تتخذها الحكومة فى عام الانتخابات». إلا أن الحكومة لديها وجهة نظر مختلفة، فهى ترى أن عدم القدرة على المساس بالدعم فى موازنة العام المالى المقبل ينبع من المسئولية الاجتماعية»، معتبرة أن هذا الأمر «يمثل تحديا رئيسيا فى موازنة 2010/2011، إلى جانب توقعاتها بتراجع بعض الإيرادات السيادية للدولة»، بحسب تعبير نظيف. وهو ما أكده محمود محيى الدين، وزير الاستثمار المصرى، خلال حديثه مع الشروق، منذ أيام، عندما قال: «الإصلاحات الاقتصادية لا يعطلها فقط ظروف الانتخابات، بل هناك عوامل أخرى قد ترجح إرجاء تبنى هذه الإصلاحات»، مدللا على ذلك بأن «أهم سياسات الإصلاح الاقتصادى قد تم تطبيقها فى 2005 وهو عام الانتخابات الرئاسية». وضرب مثلا بمشروع ضريبة القيمة المضافة المقترح منذ فترة، ولم يتم طرحه حتى الآن بسبب أزمة ارتفاع الأسعار، وليس بسبب الانتخابات.