عقب انتهاء مباراة مصر وتونس، وفى انتظار بدء توزيع الجوائز على الفائزين، وقف المهندس هادى فهمى رئيس الاتحاد المصرى لكرة اليد عابس الوجه، ومهموما، ورصدته الكاميرا وهو يطلب من أحد المنظمين سرعة الانتهاء من مراسم توزيع الجوائز، وهى عبء ثقيل حين يذهب كأس البطولة إلى فريق آخر وليس منتخب الدولة المضيفة.. خاصة أن المشهد بالصالة المغطاة قبل المباراة النهائية بين المنتخبين كان يوحى بأن الجميع حضروا للاحتفال بفوز المنتخب، خاصة بعد عبوره فريق الجزائر، بكل ما فى العبور من تخطى للحواجز الفنية والنفسية.. وأظن أن مخرج المباراة النهائية بالتليفزيون كان قد طلب من المكتبة ما لذ وطاب من الأغانى الوطنية الجديدة لعزفها عقب انتهاء المباراة مباشرة كما يحدث فى مناسبات رياضية أخرى! لم يلعب منتخب مصر كما يجب أمام تونس، وكانت هناك فروق بدنية واضحة بين لاعبى الفريقين، فالمنتخب التونسى مكون من لاعبين شكلهم «قوات خاصة». بينما منتخب مصر مكون من أجساد تفتقد القوة والضخامة مقارنة بلاعبى الفريق المنافس. وقد بدا منتخب مصر فريقا من الهواة فى ردود فعله وتكتيكه. وقدم لنا عرضا فى جميع أخطاء منتخب كرة اليد منذ اعتزال جيله العملاق صاحب المركز الرابع فى بطولة العالم. نفس الأخطاء. دفاع هزيل به ثغرات. عدم استخدام الجناحين. إهدار فرص التهديف المؤكدة من الانفرادات. قلة الحيلة أمام الدفاع الصارم والصلب، فقدان التركيز بفرحة مدفونة عندما يلعب الفريق المنافس ناقصا، إلا أن تلك الفرحة المخفية كشفتها عشوائية الأداء وبراءة الأطفال، لدرجة أن منتخب تونس سجل هدفين وهو يلعب بثلاثة لاعبين.. وحين يحدث ذلك فى كرة اليد فهو يعنى أن مجموعة محترفين واجهت بعض الهواة. الأخطاء نفسها تكررت أمام الجزائر، التى تجاوزناها بالعناية الإلهية، وقد أشرت إلى ذلك عقب المباراة، وقلت: «وقع منتخب مصر فى أخطاء دفاعية كثيرة، لكنه بالحماس انتزع فوزا صعبا». وكنت أتمنى أن يفوز المنتخب الوطنى على تونس ويحرز اللقب حتى لا يبدو حديثنا عن الأخطاء نشيدا من أناشيد الهزيمة المملة التى يفتح فيها الإعلام النار على الفرق التى تخسر، بينما يشدو نفس الإعلام بأناشيد الإبداع والتألق والمعجزات حين تفوز هذه الفرق.. لا أحد يهتم بتقييم الأداء أو تحليله.. لأن المسألة لم تعد رياضة فيها فوز وهزيمة، ولكنها باتت معارك وطن وأوطان. نعم اختصرنا الوطن فى فريق. واعتبرنا الوطنية هى التعبير عن مؤازرة هذا الفريق والاحتفال بفوزه. وسبق أن قلنا إنه ما دامت الأغانى الوطنية تطلق عقب المباريات التى يفوز بها أى فريق مصرى، فإن ذلك يدعونا للسؤال: وماذا عن رد الفعل حين يخسر هذا الفريق.. هل يعنى ذلك هزيمة مصر الوطن؟! السؤال يستحق الإجابة.. وتحليل تلك الظاهرة.
