قد يكون المدير العام الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة هادئا ورزينا بشكل عام لكنه لم يضع وقتا في إضفاء قدر من الشدة على نهج الوكالة في التعامل مع إيران فيما تقول القوى الغربية إنها كانت تفتقر إلى ظهر ترتكن إليه في عهد المدير العام السابق. وقال يوكيا أمانو المدير العام الجديد للوكالة في تقرير عن إيران يوم الخميس إن موظفيه يشتبهون في أن إيران ربما تعمل على تطوير صاروخ يحمل رأسا نوويا. وبإضافة الثقل الذي تمثله وكالة التفتيش النووي المستقلة إلى الشكوك الغربية في سعي إيران النشط لإنتاج أسلحة نووية للمرة الأولى يكون أمانو قد رسم مسارا أكثر صرامة يختلف عن المواربة النسبية التي اتبعها المدير العام السابق محمد البرادعي. وقد يعزز هجوم أمانو دعوة القوى الغربية للأمم المتحدة لفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران, حيث عبرت روسيا يوم الجمعة عن "انزعاجها" من سلوك طهران. وقال دبلوماسي أوروبي كبير: "هذه بلا ريب فرصة أذن.. تمت صياغة التقرير على نحو أكثر حسما من تقارير البرادعي بإظهار أن هناك الكثير جدا من المواد التي لا يمكن أن تؤدي إلى أي استنتاج سوى أن هذا برنامج للأسلحة." ولم يصل أمانو في الأول من ديسمبر الماضي إلى حد إصدار حكم على إيران للحفاظ على حياد الوكالة نظرا لأنه لا وجود لدليل "إدانة" واضح. لكنه استعمل لغة أكثر تحديدا لنقل ما أبداه مفتشو الوكالة سرا منذ بعض الوقت وهو أن إيران لم تجر أبحاثا على وضع تصميمات لرأس حربي نووي في الماضي فحسب وإنما مستمرة في عمل ذلك الآن لامتلاك الوسائل للاستخدام "العسكري" لليورانيوم المخصب. وكتب أمانو إن ما قدمته أجهزة مخابرات غربية للوكالة متسق جدا ويحظى بمصداقية إلى حد أنه "يثير بواعث قلق بشأن احتمال وجود أنشطة في إيران سواء في الماضي أو في الحاضر لم يتم الكشف عنها تتعلق بإنتاج شحنة نووية لصاروخ." وطالب إيران بالكف عن المماطلة فيما يتعلق بطلبات مفتشي الوكالة من أجل حرية الوصول للمنشآت الإيرانية وتقديم إيضاحات "دون أي تأخير". ولم تستعمل تقارير الوكالة في عهد البرادعي كلمات مثل "الحاضر" أو "لم يتم الكشف عنها" وهو تعبير يلمح إلى إخفاء متعمد وإنما كان يستخدم تعبير "غير معلن" الذي قد يشمل تقاعس غير مقصود عن الاستجابة لقواعد الشفافية. ويقول دبلوماسيون إن التغيير الذي حدث مع أمانو قد يرضي أولي هاينونن كبير مفتشي الوكالة الذي يضغط منذ فترة طويلة من أجل إعلان أكثر صراحة للأدلة ضد إيران ولكن البرادعي كان يكبحه. وقال دبلوماسي أوروبي آخر معتمد لدى الوكالة الدولية إن تقرير الوكالة الأحدث "تمت كتابته ليكون أكثر وضوحا فيما يتصل بغياب التعاون من قبل إيران بحذف الإشارات إلى التعاون الإيراني المنتظم مع عمليات التفتيش المنتظمة." وقال دبلوماسي غربي كبير "صيغ المواربة في التقارير السابقة انتهت مما يجعل من الصعب على إيران الاستفادة من أي إيجابيات مقلصا هامش المناورة أمام بعض الدول لإضفاء طابع عقلاني على نهج إيران وتوظيف الشك لصالحها." وكان الدبلوماسي يلمح للدول النامية التي استاءت وقاومت التحركات التي يقودها الغرب لعزل إيران ومعاقبتها بسبب سلوكها النووي وتدافع عن حق إيران المعلن في أن يكون لديها برنامج للطاقة النووية السلمية. والبرادعي الذي أدار الوكالة على مدى 12 عاما ونال شهرة بعد فوزه بجائزة نوبل للسلام كان واضحا في حذره من معلومات المخابرات الغربية بعد التقارير الخاطئة أو التي تم التلاعب فيها لتبرير حرب العراق. وتجاهلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش التي كانت مصممة على الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين الشهادة التي أدلى بها البرادعي أمام مجلس الأمن قبل الحرب وقال فيها إن مفتشي الوكالة لم يجدوا دليلا على وجود برنامج عراقي لأسلحة الدمار الشامل. كما عارض البرادعي بشكل واضح فرض عقوبات على إيران قائلا إنها ستثبط إيران بدلا من دفعها للتعاون. واتهمته واشنطن وحلفاؤها المقربون بتسييس الوكالة الدولية على نحو غير لائق. وقال دبلوماسيون إن أمانو كسفير ياباني في الوكالة شارك الغرب في نهجه المتشدد تجاه إيران ولم يكن ميالا لمعارضة معلومات المخابرات المتاحة خلافا للبرادعي. وتوقع الدبلوماسيون أن تكون تقارير أمانو أكثر حدة. ولا يزال على أمانو كمدير للوكالة أن يظهر تحرره من التحيز لتبديد شكوك الدول التي عارضت سعيه لأن يخلف البرادعي لأنه سيسمح للقوى الغربية باختطاف الوكالة من أجل أهداف سياسية مثل معاقبة إيران. وكان البرادعي وسيطا يحظى باحترام كل من إيران والقوى العالمية. وأمانو بحاجة إلى تطوير علاقة ناجحة مع طهران للحفاظ على قدرة المفتشين على الوصول للمنشآت وتطوير وسائل لنزع فتيل المواجهة مع الغرب.