إدراج 62 باحثا بجامعة عين شمس بقائمة ستانفورد لأفضل 2% من العلماء    كاتب صحفي: مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل نجاح كبير    رئيس الوزراء يلتقي وفداً يابانياً من الشركات العاملة بمجال الطاقة المتجددة والمياه    استغلال قش الأرز في تغذية الحيوان.. ندوة ب«زراعة الشرقية»    رئيس «مياه أسوان» يطمئن الأهالي: الوضع بخير    ردًا على الاعتداءات.. حزب الله يمطر إسرائيل بعشرات الصواريخ    قبل أيام من السوبر الإفريقي.. رسالة شديدة اللهجة من شريف إكرامي لقدامى الأهلي والزمالك    ضربة قوية لمانشسر سيتي.. تقارير تكشف إصابة نجم الفريق بالرباط الصليبي    الدفع ب 8 سيارات إطفاء للسيطرة على حريق مدينة الإنتاج الإعلامي    " واجنر جالو" يقدم ورشة مسرح العرائس في مهرجان الإسكندرية الدولي ال14    أكثر من 50 بلدة في جنوب لبنان تعرضت لغارات من الطيران الحربي الإسرائيلي    تكريم الشركة المتحدة في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بالشارقة.. فيديو    انطلاق ورشة "مدرسة السينوغرافيا" ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية المسرحي.. صور    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبي    أكثر 4 فئات عرضة للإصابة ببكتيريا الإيكولاي، تعرف عليهم    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    السيطرة على حريق اندلع بهايبر ماركت في نصر النوبة بأسوان    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    المفتي يهنئ محمد الجندي بتوليه منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    الإعلان عن التشكيل المثالي للجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي.. موقف محمد صلاح    الجمهور يهاجم وليد فواز بسبب إيمان العاصي في "برغم القانون"    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    طوارئ في الحرس الثوري الإيراني.. وقف أجهزة الاتصال وفرض حماية مشددة على المنشآت النووية (تفاصيل)    تنازل وطلب براءة.. كواليس محاكمة الفنان عباس أبو الحسن | خاص    كل ما تريد معرفته عن ضوابط عمل اللجان النوعية بمجلس النواب    أبو الغيط يلتقي رئيس وزراء فلسطين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    محافظ دمياط: مبادرة المشروعات الخضراء تعكس جهود الدولة للتعامل مع البعد البيئى (صور)    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    اليوم العالمي للغات الإشارة: هل تختلف بين البلدان؟    مصادر بالبترول: سداد 1.2 مليار دولار من مستحقات الشركاء الأجانب    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    جامعة الأمم المتحدة للسلام تحتفل باليوم العالمي.. وتتتعهد بتقديم تعليم ملهم للأجيال القادمة    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    بيراميدز يكشف حجم إصابة محمد حمدي ومدة غيابه    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيانة الأمم المتحدة فى بيروت
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 02 - 2010

فى مثل هذا الأسبوع قبل خمسة أعوام، اغتيل رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى، وكان هذا الاغتيال هو ما فجر «ثورة الأرز»، وأجبر سوريا على سحب جيشها من هذا البلد. وفى تلك الأثناء، أدى الغضب الشعبى على مستوى العالم بمجلس الأمن إلى فتح تحقيق دولى هو الأول من نوعه.
وبعد مرور نصف عقد على ذلك، لم تحرز القضية تقدما يذكر فى اتجاه تحقيق العدالة. وفى الآونة الأخيرة، أكدت سوريا نفسها مجددا على لبنان، بعد أن ظلت سنوات تسعى إلى زعزعة استقرار الحكومة التى يقودها أعداؤها السياسيون. وفى ديسمبر، التقى سعد الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى ونجل رفيق الحريرى، والرئيس السورى بشار الأسد، استجابة للمصالحة بين السعودية، الراعى السياسى للحريرى، وبين دمشق، وهو ما يقلل من احتمال قيام لبنان بتوجيه أصبع الاتهام إلى سوريا.
ومع ذلك، فالواقع هو أن المشكلة الأهم تكمن فى تحقيق الأمم المتحدة نفسه. فعلى الرغم من أنه تم رفع مستوى التحقيق عبر تشكيل محكمة خاصة بالقرب من لاهاى، فإن هذه القضية واجهت مشكلات تتعلق بالشكوك فى مهارات قيادات المحاكمة، وفقدت أعضاء أساسيين بها، واضطرت إلى إطلاق سراح المشتبه بهم العام الماضى، بسبب الافتقار إلى أدلة الاتهام الكافية.
وكان ديتليف ميليس المدعى العام الألمانى الذى تولى التحقيق فى قضية تفجير ديسك لابيل فى برلين الغربية عام 1986 قد شكل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة بشأن قضية الحريرى فى 2005. وكان لدى السيد ميليس القليل من الشكوك إزاء تورط سوريا، وهو ما عبر عنه فى تقريره الأول. وطلب الحريرى شهادة الرئيس الأسد (فى ظل احتجاجات من جانب سوريا) والتقى بمسئولين فى الاستخبارات السورية فى فيينا، وألقى القبض على مشتبه بهم. وعدما تنحى السيد ميليس عن منصبه فى ديسمبر 2005، كان يشعر أن لديه ما يكفى من الدلائل لاعتقال واحد على الأقل من مسئولى الاستخبارات الذين قابلهم.
غير أن التحقيق اعتراه الذبول فى ظل خلفه القاضى البلجيكى سيرج براميرتس. فقد أصدر السيد براميرتس تقارير لا تقدم الكثير من المعلومات، وتصرف بطريقة تفتقر إلى الشفافية، وهو ما مثل عنصرا غير مشجع للشهود المحتملين للمضى قدما فى أقوالهم. وقام بتضييع الوقت عبر إعادة فحص مسرح الجريمة للتأكد من نوع الانفجار الذى أودى بحياة السيد الحريرى، بينما سبق أن صدرت فى السابق ثلاثة تقارير لمتخصصين حول هذا الشأن. وفشل براميرتس فى مواصلة المقابلات مع المسئولين السوريين. وبالرغم من أنه التقى الرئيس الأسد، بدا أنه لم يسجل شهادته رسميا.
كما أنه جاء بالمزيد من المحللين لفحص التفاصيل الفنية للجريمة، بدلا من الاستعانة بالمزيد من محققى الشرطة من ذوى الخبرة، لعقد مقارنات بين الشهادات والقيام باعتقالات وحل لغز سلسلة القيادة الخاصة بالجناة. وبعد مرور عامين، فشل السيد براميرتس فى تحديد أى مشتبه بهم جدد بخلاف الذين اعتقلهم السيد ميليس، وهم أربعة مسئولين أمنيين لبنانيين رفيعى المستوى (وكان قد أكد استمرار حبسهم).
وقد قال لى السيد ميليس فى عام 2008 «فقد التحقيق كل قوته الدافعة التى كانت لديه فى يناير 2006»، أى عندما تولى السيد براميرتس المهمة. وأضاف قائلا: «ولسوء الحظ، لم أر كلمة فى تقريره خلال العامين الماضيين تؤكد أنه تقدم خطوة إلى الأمام. وعندما تركت التحقيق كنا على وشك إعلان أسماء المتهمين، لكن يبدو أنه لم يتقدم بعد إلى هذه المرحلة».
ولم يكن السيد ميليس الوحيد الذى يشعر بالقلق. ذلك أن اثنين من المسئولين الحكوميين اللبنانيين المرتبطين بشكل وثيق بتحقيق الأمم المتحدة عبرا فى وقت لاحق عن هواجسهما بشأن السيد براميرتس. وقال لى أحدهما إنه «خدع الجمهور»، وانتقده لأنه كان مثقلا بالمحللين. ورفض السيد براميرتس الذى تنحى فى نهاية 2007، مطالبتى له بأن يرد على ما قاله السيد ميليس. وكان الأمر الأكثر إزعاجا أن الأمم المتحدة ظلت صامتة، حتى فى ظل النكسات التى واجهها دانيال بيلمار الكندى الذى خلف براميرتس. وفى أبريل الماضى، وعلى الرغم من أن بيلمار حصل على صلاحيات النيابة العامة، فقد اضطر بواسطة النظام الداخلى للمحاكمة إلى إطلاق سراح المشتبه بهم الذين كانوا محتجزين لحين صدور أدلة الاتهام. ويستحق السيد بيلمار اللوم لأنه قبِل تلك القضية الضعيفة من الأساس، وقام بإضفاء المشروعية على العمل الردىء الذى قام به سلفه. غير أن المسئولية تقع بالقطع على السيد براميرتس، وعلى أولئك القابعين فى مقر الأمم المتحدة والذين لم يحاسبوه قط.
كما عانت المحاكمة أيضا من رحيل مسئولين أساسيين. فقد رحل روبن فنسنت، مقرر المحكمة (الذى يساوى منصب المدير الأول للمحاكمة) بسبب خلافات مع السيد بيلمار. وسوف يترك خلفه، ديفيد تولبرت، المنصب فى وقت لاحق من الشهر الجارى. غير أن الرحيل الأكثر تكلفة سيكون لكبير المحققين نجيب قلدس، وهو رجل شرطة أسترالى جليل، بسبب انتهاء عقده وحصوله على ترقية فى بلده، على الرغم من أنه قيل له إنه من المحتمل أن يُجَدَد عقده.
وتثير هذه التطورات على الأقل شكوكا حول قدرة المدعى العام على قيادة التحقيق فى هذه القضية المعقدة وإقامة علاقات طيبة مع زملائه. كما تبين هذه التطورات أن لوائح الاتهام لن تصدر قريبا، وهو ما قد يفسر لماذا يتخلى كبار المسئولين عن مناصبهم بسهولة فى تلك المحاكمة التاريخية.
على الرغم من أن جميع قضايا القتل تأخذ وقتا، فإن هناك أسبابا تدعو إلى الاعتقاد بأن عدم كفاءة التحقيق أو الضغط السياسى الدولى أو الاثنين قد كانا لهما دور فى إبطاء عملية البحث عن قتلة الحريرى، أو حتى كبح هذه العملية. وأيا ما كان الأمر، لم تقم الأمم المتحدة بالكثير من أجل ضمان نجاح المحاكمة.
لقد انتهت القوة الدافعة لتحديد قتلة الحريرى، ذلك أن لبنان لم يسع فقط إلى تحقيق التقارب مع سوريا، لكن توقعات الشعب اللبنانى بعد سنوات من التحقيق غير الحاسم قد وصلت إلى أدنى نقطة لها. وتخشى الحكومات الخارجية من حالة اهتزاز الاستقرار التى قد تحدث إذا أصدر السيد بيلمار لائحة الاتهام. ومن ثم، فلن يشعر الكثيرون بالأسف إذا لم يصدرها. لكن حيث إن الأمم المتحدة دفعت فى اتجاه التحقيق فى قضية اغتيال الحريرى، فإن نزاهتها باتت مرتبطة بالتوصل إلى نتيجة معقولة. وإذا كان ذلك مستحيلا، فلا يوجد منطق يبرر إهانة الضحايا عبر السماح باستمرار هذه المهزلة. ومن الأفضل إعادة بيلمار إلى بلاده.
New York Times Syndication Services


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.