رئيس مجلس النواب يحيل 5 مشروعات قوانين إلى اللجان النوعية    وزير التعليم ل"النواب": 99% من الفصول الآن تحت 50 طالبا ونجحنا في القضاء على الكثافة    تسليم 3 آلاف وحدة بمبادرة «سكن لكل المصريين» بالعاشر من رمضان.. قريباً    الزراعة تواصل طرح بيض المائدة للمواطنين بسعر 150 جنيها للطبق الواحد    استشهاد 8 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي مخيم جباليا شمال غزة    مديرة صندوق النقد: ارتفاع الأسعار سيزيد من تحديات نمو الاقتصاد العالمي    إيران: تلقينا تطمينات من جيراننا بعدم استخدام أراضيهم وأجوائهم في الاعتداء علينا    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم ريال مدريد في التشكيل المتوقع أمام دورتموند    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    ضبط 3 تشكيلات عصابية و155 قطعة سلاح وتنفيذ 85 ألف حكم    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    فصل موظف بإحدى مدارس الجيزة لتحرشه جنسيًا بعددٍ من طالبات الإعدادية    بالفيديو.. محافظ أسوان: جاهزون لاستقبال أضعاف السياح الموجودين حاليا    مساعد وزير الصحة: إضافة الأمراض النادرة لقانون صندوق الطوارئ الطبية يخفف العبء عن النظام الصحي    المؤتمر الأوروبي الفلسطيني يدعو للوقف الفوري لعدوان الاحتلال على غزة    كوريا الجنوبية تدرس إرسال فريق مراقبة لأوكرانيا لتقييم قدرات جارتها الشمالية    كامل الوزير يوجه وزارة البترول بحل أزمة الغاز مع المصانع    وزير الصناعة: إصدار شهادات الإشراف الصحي والصلاحية للمنتجات الغذائية بداية من 2025    والد عمر كمال يكشف طبيعة إصابته.. وموقفه من نهائي السوبر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    وزير الشئون النيابية يناقش التقرير الوطني لآلية المراجعة الدورية الشاملة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان    رئيس الأركان يشهد تنفيذ التدريب المشترك «ميدوزا -13» | صور وفيديو    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    إحالة مسجلين إلى الجنح لاتهامهم بسرقة شركة في المرج    وزير التعليم العالي: جامعة الجلالة توفر السكن ل 40% من الطلاب    علي جمعة يفسر قوله تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}    احذر من الإفلاس يوم القيامة.. كيف تنجو من النار بعمل سهل وبسيط؟    مايا مرسى: مصر توفر الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    من أكرم إلى ياسر في مسلسل برغم القانون.. لماذا ينجذب الممثلون لأدوار الشر؟    أميرة أديب توجه رسالة ل شريف سلامة بسبب مسلسل «كامل العدد +1»    وزيرة البيئة تناقش مع البنك الدولي التعاون في مواجهة السحابة السوداء    الجنايات تحسم اليوم مصير أحمد فتوح بتهمة القتل الخطأ تحت تأثير المخدرات    في خدمتك| العمل تحدد شروط شغل 950 وظيفة بالقاهرة    رئيس «التنسيق الحضاري» عن فوزه بجائزة «الآثاريين العرب»: تتويج لرحلة 30 سنة ثقافة    عاجل| الصحة تؤكد عدم صحة الفيديو المتداول على وسائل التواصل يدعي فساد تطعيمات طلاب المدارس    «الاعتماد والرقابة» تنظم ورشة عمل تعريفية حول معايير السلامة لوحدات الرعاية الأولية    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    رونالدو يقود تشكيل النصر المتوقع أمام الاستقلال في دوري أبطال آسيا للنخبة    اختناق شخص في حريق بمخزن مشروبات غازية بالشرقية.. والحماية المدنية تسيطر على الوضع    الصحة تنظم جلسة حوارية حول فوائد البحوث التطبيقية في تحسين الرعاية الصحية    نجم الأهلي السابق يكشف مستقبل محمود كهربا مع الفريق    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    جالانت يتخذ قرارا بشأن جمعية «القرض الحسن» التابعة لحزب الله    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    "غرامة وعقوبة وإيقاف".. ماذا يحدث في حالة اعتذار الزمالك عن السوبر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش فى باكستان حول احتمالات الاعتراف بإسرائيل
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 06 - 2022

أثير فى باكستان، خلال الأسبوعين الماضيين، ردود فعل غاضبة على ما أعلنه الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتزوج فى 26 مايو 2022 من أن إسرائيل قد استقبلت وفدا من الباكستانيين الذين يعيشون فى الخارج، ووصفه هذه الزيارة بأنها أمر رائع وتعكس تغييرا كبيرا فى العالم الإسلامى تجاه إسرائيل. كما كان من بين ردود الفعل أن فتح النقاش كذلك حول احتمالات اعتراف باكستان بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، فبالإضافة لتصريحات من شاركوا فى الزيارة تلك من الباكستانيين تأييدا لتطوير العلاقات مع إسرائيل، فقد نشرت صحيفة Dawn الباكستانية العريقة بتاريخ 15 يونيو الجارى مقالا لأحد الكتاب أيد فيه اعتراف باكستان بإسرائيل باعتباره لا ضرر منه ومركزا على بعض أوجه التشابه فى نشأة الدولتين.
وقد كان من أبرز ردود الفعل الغاضبة حول هذه الزيارة ما جاء على لسان رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان، الذى اتهم الحكومة الباكستانية الحالية برئاسة خلفه شهباز شريف بأنها حكومة عميلة للولايات المتحدة، ولذلك فإنها تعتزم الاعتراف بإسرائيل، بالإضافة إلى توقيع اتفاق مع الهند على حساب الكشميريين. أما على المستوى الرسمى الحكومى فقد أصدرت الخارجية الباكستانية على الفور بيانا نفت فيه أن تكون هذه الزيارة، التى تحدث عنها الرئيس الإسرائيلى، تمثل وفدا رسميا بل قامت بها منظمتان غير حكوميتين مقرهما خارج باكستان، كما أكدت على موقفها التاريخى الثابت المؤيد للقضية الفلسطينية والذى لا يعترف بإسرائيل. وحينما تبين أن أحد المشاركين فى الوفد الذى زار إسرائيل يعمل فى التليفزيون الباكستانى، فقد أعلنت السلطات الباكستانية عن إقالته على الفور.
• • •
أدت هذه الواقعة وما أثارته من جدال، على المستويين السياسى والإعلامى فى باكستان، إلى تكهنات فى الإعلام الإسرائيلى حول احتمالات اعتراف باكستان بإسرائيل، فقد نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مقالا لأحد كتاب الرأى فى 6 يونيو الجارى تحدث فيه عن أن الظروف الحالية والتطورات السياسية فى المنطقة العربية تجعل من مسألة اعتراف باكستان بإسرائيل أمرا حتميا. فهل بالفعل يمكن أن تعترف باكستان بإسرائيل فى المرحلة الحالية؟ وللإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نشير إلى ما يلى:
أولا: ليست هذه هى المرة الأولى التى تُثار فيها قضية العلاقات بين الدولتين فى باكستان، أو تُثار شكوك حول اتصالات تمهيدية غير مباشرة وبشكل غير رسمى. وعلى سبيل المثال، فقد أثيرت هذه القضية أثناء الانتخابات البرلمانية الماضية والتى شارك فيها رئيس الوزراء السابق عمران خان وحزبه (PTI)، فمع إرهاصات فوز حزبه واحتمالات تشكيله للحكومة، تطرق البعض لفرص بدء اتصالات أو علاقات بين البلدين على خلفية زواج عمران خان سابقا من السيدة اليهودية «خميما جولدسميث» Jemima Goldsmith والتى لديه منها أبناء، ولا يزال يحتفظ بعلاقات ودية معها ومع عائلتها اليهودية. حيث كانت السيدة «خميما» تشيد بزوجها السابق وتثنى عليه فى أحاديثها للإعلام، كما عبرت بعد ذلك عن سعادتها لوصوله لمنصب رئيس الوزراء، على عكس موقف إحدى زوجاته السابقات الباكستانيات المسلمات، والتى أصدرت كتابا، أثناء حملته الانتخابية، أساءت فيه لشخصه ولأسرته، وتناولت حياتهما الخاصة بشكل سلبي! ثم أثير موضوع العلاقات بين باكستان وإسرائيل مرة ثانية خلال فترة حكم عمران خان، وتحديدا فى أكتوبر عام 2018، حيث تناول الإعلام الباكستانى أنباء عن هبوط طائرة مدنية إسرائيلية فى أحد مطارات باكستان لعدة ساعات، وقيل إنها كانت تحمل مجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين. وأدى ذلك لانتقادات واسعة لحكومة عمران خان التى نفت تماما حدوث ذلك. ثم أثير نفس الموضوع للمرة الثالثة فى يونيو 2021، حيث نقلت بعض الصحف الباكستانية عن مصادر إعلامية إسرائيلية أن مستشارا لدولة إسلامية كبرى قد زار إسرائيل بجواز سفر بريطانى فى ديسمبر 2020، وأنه قد التقى رئيس جهاز الموساد الإسرائيلى، وأن الهدف من الزيارة كان نقل رسالة شفاهية من قيادة هذه الدولة الإسلامية إلى إسرائيل. وتكهنت بعض الصحف الباكستانية بأن من قام بهذه الزيارة هو المستشار السابق لعمران خان ذولفى بخارى، وهو ما نفاه بخارى نفسه كما نفته الحكومة الباكستانية كذلك. ووصف رئيس الوزراء هذه الأخبار بأنها زائفة، كما نفاه وزير الخارجية حينذاك محمود قريشى.
ثانيا: يُلاحَظ كذلك أنه عقب كل تطور يؤدى إلى اعتراف دول عربية بإسرائيل يحدث جدال فى باكستان، أحيانا خافتا وفى أحيان أخرى صاخبا، حول احتمالات قيام باكستان بتحول على سياستها التاريخية إزاء إسرائيل والاعتراف بها. فقد حدث هذا الجدال عقب اتفاقيات كامب ديفيد فى أواخر سبعينيات القرن الماضى، ثم تكرر هذا النقاش عقب اتفاقيات أوسلو فى منتصف التسعينيات، كما تكرر كذلك أخيرا عقب توقيع ما سُمى بالاتفاقيات الإبراهيمية والتى تضمنت اعتراف أربع دول عربية بإسرائيل وتطبيعا كاملا معها، وهى الإمارات والبحرين فى 15 سبتمبر 2020، والسودان فى 23 أكتوبر 2020، والمغرب فى 10 ديسمبر 2020، إضافة إلى ما يروج له الإعلام الغربى والإسرائيلى من احتمالات قيام دولة عربية كبرى إضافية باعترافها بإسرائيل قريبا. وعقب كل حدث من هذه التطورات، كانت باكستان تؤكد دوما على موقفها الثابت والتاريخى المتمثل فى عدم الاعتراف بإسرائيل إلا فى إطار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القادرة، وعاصمتها القدس الشريف، على حدود ما قبل 5 يونيو 1967.
• • •
هنا نذكِر بأن الموقف الباكستانى من إسرائيل يعود إلى ما قبل نشأة الدولتين وبداية من وعد بلفور فى 1917، حيث رفض تنظيم (رابطة كل مسلمى الهند) بقيادة محمد على جناح الذى يُعَد الأب المؤسس لباكستان وعد بلفور، كما رفضه كذلك المهاتما غاندى وحزب المؤتمر الهندى. أما الاهتمام الإسرائيلى بباكستان فيعود كذلك إلى نفس المرحلة، حيث إنه من الثابت تاريخيا أن بن جوريون حاول التراسل أكثر من مرة مع على جناح بلا رد من الأخير، وفور انضمام باكستان للأمم المتحدة عام 1947 رفضت قرار تقسيم فلسطين وكانت مشاركة من خلال وزير خارجيتها ظافر الله خان فى لجنة الأمم المتحدة حول فلسطين ثم رأستها. كما صوتت ضد انضمام إسرائيل للأمم المتحدة، وظل هذا الموقف حاكما للسياسة الخارجية الباكستانية منذ نشأة الدولة الباكستانية قبل 75 عاما، ويوجد شبه إجماع وطنى من كافة فئات الشعب بأحزابه التاريخية ومؤسساته الأمنية حول هذه السياسة. وإن كان هذا الموقف لم يمنع حدوث بعض اللقاءات أو الاتصالات العلنية المتفرقة، ولكنها لم تكن إطلاقا بهدف الاعتراف. ومن ذلك لقاء وزيرى خارجية البلدين فى إسطنبول عام 2005، كما حدثت مصافحة شهيرة فى نفس العام فى تركيا كذلك بين الجنرال برفيز مشرف رئيس باكستان والجنرال إريل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلى.
وعادةَ ما يشير مؤيدو اعتراف باكستان بإسرائيل، سواء من الباكستانيين أو الإسرائيليين أو غيرهم، إلى وجود وجوه تشابه متعددة بينهما منها:
1 أن كلتا الدولتين نشأتا فى فترة زمنية واحدة، فقد نشأت باكستان فى 1947، ونشأت إسرائيل فى العام التالى 1948.
2 استناد كل منهما للعامل الدينى فى النشأة، فقد نشأت إسرائيل كوطن قومى لليهود من كل دول العالم، ونشأت باكستان كدولة لمسلمى الهند، ولكن هؤلاء يتجاهلون أن نشأة باكستان لم تكن لكل مسلمى العالم، ولا حتى لكل مسلمى الهند، بل نشأت للمسلمين الذين يشكلون أغلبية فى المناطق التى يتواجدون فيها فقط، كما كانوا جزءا أصيلا من سكان هذه المناطق، سواء فى باكستان الشرقية التى أصبحت بنجلاديش فى 1972، أو باكستان الغربية (باكستان الحالية)، بل وظل باقى مسلمى الهند كما هم فى باقى المناطق الأخرى كجزء من الدولة الهندية إلى الآن.
3 أن لكلٍ منهما برنامجا نوويا عسكريا، ولكن البرنامج النووى الباكستانى نشأ أساسا فى سبعينيات القرن الماضى ردا على السبق النووى الهندى وإجراء الهند لأول تجربة تفجير نووى، على حين أن البرنامج النووى الإسرائيلى نشأ بدون وجود أى حالة لسباق نووى فى المنطقة.
• • •
ويبقى التساؤل فى ضوء ما هو مُثار من جدال والتطورات فى المنطقة العربية، هل يُتوقع قيام باكستان بالاعتراف بإسرائيل فى المستقبل القريب كما يرى المؤيدون والمشجعون على ذلك فى الجانبين؟ سؤال سنسعى للإجابة عليه فى المقال القادم.
مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق لدى باكستان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.