أشار تقرير صادر هذا الأسبوع عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى صعوبات بالغة يعانى منها أهل العراق والصومال وغزة فى الحصول على المياه العذبة جراء الحروب التى تعرضت لها هذه المناطق. وقال التقرير، الذى قدمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى المنتدى العالمى الخامس للمياه الذى اختتم أعماله يوم الأحد فى أسطنبول، إن هذا النقص يتسبب فى انتشار العديد من الأمراض وفى ارتفاع نسب الوفيات. وطالب التقرير المجتمع الدولى ببذل المزيد من الجهود لضمان أن يحصل ضحايا الحروب على الماء النظيف وخدمات الصرف الصحى. ويقول روبير ماردينى، رئيس وحدة الماء والإسكان فى اللجنة الدولية للصليب الأحمر: «نرى عادة أن أنظمة المياه والصرف الصحى والكهرباء هى أولى الخدمات التى تتعطل لدى اندلاع الحروب، ويمكن أن تصاب بأضرار أو تدمر كليا بسبب القصف والانفجارات أو تعجز عن مواجهة تدفق النازحين. وغالبا ما تعقب هذه الحوادث أزمات ضخمة وانتشار سريع للأمراض يمكن أن يؤدى إلى الوفاة». وأشار ماردينى إلى العراق وغزة والصومال، كنماذج لأماكن أعاقت فيها النزاعات المسلحة، على نحو خطير، وصول إمدادات الماء وخدمات الصرف الصحى. وأشارت اللجنة الدولية إلى وجود عدد كبير من سكان العراق غير مرتبطين بشبكة المياه (نحو 40% من إجمالى عدد السكان ولاسيما فى الأرياف وضواحى المدن). مما يضطرهم إلى شراء الماء بسعر 50 سنتا أمريكيا لكل عشرة لترات أو إلى جلب الماء من الأنهار والآبار، التى غالبا ما تكون ملوثة، فى حالات الفقر الشديد. كما أشار التقرير إلى أن الأزمة الإنسانية فى الصومال تزداد تفاقما والأوضاع الأمنية المتردية تحول دون تمكن السكان من الوصول إلى المياه العذبة والنظيفة على ندرتها. وأضاف التقرير أن موجات الجفاف المتكررة تسهم فى قلة المياه، كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود يعوق قدرة السكان على شراء المياه العذبة. وقد عقد المنتدى العالمى الخامس للمياه فى العاصمة التركية برعاية مجلس المياه العالمى والحكومة التركية، تحت شعار «بناء الجسور بين مختلف المحاور المتعلقة بالموارد المائية»، وذلك بمشاركة ما يزيد على 25 ألف شخص من قادة الدول ومسئولى الرى، وخبراء البيئة يمثلون 140 دولة. وفى اجتماعه هذا العام، تناول المنتدى العالمى للمياه الذى يعقد مرة كل ثلاثة أعوام قضايا تتعلق بكيفية إدارة الطلب على المياه بشكل أفضل، وعلى الأخص فى القطاع الزراعى الذى يستهلك 70% من جملة الاستهلاك العالمى للمياه وكذلك تغطية شبكات الصرف الصحى، المناطق المحرومة منها (لايزال 5.2 مليار شخص محرومين من الصرف الصحى)، ومكافحة تلوث مجارى المياه والمياه الجوفية. كما أكد المؤتمر الحاجة لتعميم الإدراك الدولى بأن مياه الشرب ونظام للصرف الصحى «حاجة إنسانية جوهرية» وليست مجرد «حق» إنسانى. وإضافة إلى تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قدمت جهات دولية تقارير دقت ناقوس الخطر بسبب حجم أزمة المياه الحالية والمتوقعة فى العالم. ومن أبرز هذه التقارير، تقرير الأممالمتحدة «الماء فى عالم متغير»، وتقرير مجلس المياه العالمى «حالة الموارد المائية فى العالم». وحسب تقرير الأممالمتحدة، فإن عدد سكان العالم سيبلغ 9 مليارات بحلول 2050 مما يعنى ازديادا متوقعا فى الطلب على المياه بأكثر من 64 مليار متر مكعب سنويا، مما سيؤدى إلى نزاعات فى أماكن عديدة من العالم حول مصادر المياه. وتوقع التقرير أن 47% من سكان العالم سيعيشون فى مناطق نزاعات وتوتر بسبب التشاحن على موارد المياه بحلول 2030، نتيجة نقص المياه. وسيؤدى نقص المياه، حسب نفس التقرير، إلى وفاة 3 ملايين شخص فى البلدان النامية فى وقت مبكر من كل عام؛ جراء أمراض ناتجة عن نقص المياه. أما تقرير مجلس المياه العالمى حول الموارد المائية فأشار إلى أن نسبة المياه العذبة لا تتجاوز 5.2% من إجمالى كميات المياه الموجودة على الأرض. وبالنظر إلى أن ثلثى هذه النسبة هى مياه عذبة متجمدة على شكل جبال جليدية وكتل جليد قطبية، فإن المياه العذبة المتاحة فعليا، حسب التقرير نفسه، تمثل أقل من 1% من حجم المياه الكلى فى العالم. وحسب الإحصاءات التى أوردها التقرير، فإن نسبة 85% من سكان العالم يعيشون فى النصف الأكثر جفافا من الكرة الأرضية، بل إن أكثر من مليار شخص يعيشون فى أماكن قاحلة أو شبه قاحلة من العالم ولا يمكنهم الحصول إلا على أقل القليل من الموارد المائية المتجددة.