فى 11 ديسمبر من سنة 1911م شهدت مدينة القاهرة ميلاد الأديب العالمى المعروف الأستاذ نجيب محفوظ (1911 2006م)، الذى ألف العديد من الأعمال الروائية المتميزة والتى شكلت علامة متميزة فى تاريخ الأدب المصرى والعربى بل والإنسانى، ليحصل محفوظ على أرفع جائزة أدبية عالمية هى جائزة نوبل فى الأدب عام 1989م. والجدير بالذكر أن والده عبدالعزيز إبراهيم كان قد سماه على اسم الطبيب الذى أشرف طبيا على والدته أثناء عملية الولادة، وكان هذا الطبيب هو الدكتور نجيب محفوظ باشا (1882 1972م) والذى يُعد واحدا من أنبغ الأطباء الذين عرفتهم مصر فى تاريخها الحديث.. حيث جاء فى الموقع الإلكترونى للأديب العالمى نجيب محفوظ أنه «كانت زوجة عبدالعزيز إبراهيم أحمد الباشا تعانى حالة ولادة متعثرة، ولم تستطع «الداية» (القابلة) فعل شىء إلا الاستنجاد بالزوج، الذى أسرع أحد أصدقائه بإحضار الدكتور «نجيب محفوظ» الذى أصبح من أشهر أطباء النساء والتوليد فى العالم وأصر الأب على أن يسمى وليده باسم الدكتور القبطى الشهير». أما عن الدكتور نجيب محفوظ فقد قدمه قاموس التراجم القبطية (والذى صدرت طبعته الأولى سنة 1995م عن جمعية مار مينا العجايبى للدراسات القبطية بالإسكندرية ويضم ترجمة لعدد كبير من الشخصيات القبطية الرائدة فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر) باعتباره «رائد طب أمراض النساء والولادة فى مصر، تخرج فى كلية الطب سنة 1902م، عُين مشرفا على عمليات التخدير الجراحى فى قصر العينى سنة 1904م، حصل على ماجستير فى الجراحة من كلية طب القاهرة سنة 1930م، ثم دبلوم عضوية الكلية الملكية للأطباء الباطنيين عام 1932م، ثم زمالة الكلية البريطانية الملكية للولادة وأمراض النساء سنة 1943م، حصل على زمالة الكلية البريطانية للأطباء الباطنيين سنة 1937م، وعلى الزمالة الفخرية لكلية الجراحة الملكية البريطانية سنة 1943م. أسهم مع الدكتور إبراهيم المنياوى باشا والدكتور إسكندر فهمى جرجاوى وجرجس أنطون باشا فى إنشاء المستشفى القبطى بالقاهرة سنة 1926م. قام أثناء عمله كجراح فى الفترة من 1902 إلى 1932م بالاحتفاظ بالمواد التى حصل عليها من العمليات التى أجراها بنفسه فى المستشفى القبطى ومستشفى كتشنر وقصر العينى وأهداها فى عام 1932م إلى كلية الطب التى أنشأت لها متحفا باسم «متحف نجيب محفوظ» الخاص بالولادة وأمراض النساء. ونشر على نفقته الخاصة دليلا مصورا عن متحفه بسبع لغات هى: العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية والإسبانية. قام بإعداد أفلام سينمائية ملونة للجراحات التى ابتكرها لعدد من الأمراض. أسس جمعية الولادة وأمراض النساء المصرية. نشر نحو 35 بحثا طبيا منشورا باللغتين الإنجليزية والفرنسية فى الفترة من 1908 إلى سنة 1940م. ومن الواضح أن الدكتور نجيب محفوظ كان محبوبا من زملائه وتلاميذه، ولعل من المواقف الطريفة هنا أنه فى سنة 1938م صدرت (صحيفة اتحاد كلية الطب)، وهى مجلة سنوية أصدرها اتحاد كلية الطب بالجامعة المصرية (جامعة فؤاد الأول التى تغير اسمها ليصبح جامعة القاهرة بعد قيام ثورة 1952م)، وصدر أول أعداد المجلة فى شهر أبريل من سنة 1938م.. فى ذلك العدد كتب أحد الأطباء تحت اسم مستعار (دكتور س. ع) أبيات زجل يمتدحه فيها جاءت تحت عنوان «نجيب محفوظ باشا» حيث قال: يا مولد اللى الحكيم م اليأس أهملها ومنقذ اللى انتهت م الحمل آمالها ومحطط اللى بكت من تقل أحمالها يا رحمة الله على الغلبانة والحايرة بين أم هاشم وغيرها لفك أعمالها لك فى إيديك جفت لكن جفت ربانى وفى صوابعك كمان مشبك أمركانى وفى لسانك ولطفك بلسم العانى تلت العيال فى البلد مولود على ايدك والباقى اللى اتخنق واللى انولد فانى وكانت هذه الأبيات الزجلية فى حقيقتها تعبيرا بليغا عن مهارة الدكتور نجيب محفوظ ونبوغه وشهرته فى تخصص النساء والتوليد، وهو التخصص الذى اشتهر به من بين الأطباء المصريين آنذاك.