رواية الكاتب الفلسطينى ربعى المدهون، الأولى التى دخل إلى عالمها بلغة سردية مدهشة، بعد أن كان أبدع على ساحة أدب القصة القصيرة فكتب مجموعاته «أبله خان يونس». «خناقة بالإنجليزية الدارجة»، و«غراب رمادى أحمق» و«مقهى مسطولاتى». استحقت رواية المدهون «السيدة من تل أبيب «أن تكون على قائمة البوكر القصيرة للعام 2010، ربما لأن تميز الرواية جاء على أصعدة عديدة تستحق التوقف والإمعان، اللغة فى الرواية مزجت ما بين الشعرية والبساطة داخل جلباب اللهجة الشامية الساحرة. ثلاث روايات تتداخل بالرواية تتشابك مع ذاكرة المكان «غزة»، وعن «الأصدقاء الذين تركهم هناك».. «الأم و38 عاما من الانتظار يتلون فيهم اليأس والأمل فى عودة الابن البعيد». حضور الظل الإسرائيلى مع الممثلة «دانا أهوفا» والتى كانت قد خدمت فى الجيش الاسرائيلى وأخذت موقفا رافضا للخدمة وصارت من معارضى احتلال المناطق الفلسطينية، بعد أن شاهدت بعض جرائم الجيش الإسرائيلى ضد الفلسطينيين. فتلتقى ببطل الرواية الأساسى «وليد الدهمان» الغزاوى القابع فى بريطانيا والتى تتقاطع أحرفه ومعانيه مع اسم ربعى المدهون، والتى تتقاطع أيضا سيرته الذاتية مع موضوع الرواية فتتسلل داخل سرد مفتوح على دوائر أخرى متخيلة. وكذلك تأتى صورة المدهون هو نفسه وهو فى ريعان الشباب على الغلاف لتمثل صورة بطل الرواية وليد وبجانبه روايته «ظلان لبيت واحد» هذا العنوان اقتراح «دانا أهوفا» والمثير للإعجاب فى هذا الغلاف الذى لم يخرج عن الأبيض والأسود، أن تصميمه جاء على يد ابن ربعى المدهون، «رامى». المدهون داخل الرواية يقوم بعدة أدوار الراوى أحيانا، والصديق عادل البشيتى فى حينا آخر ليكون وليد الدهمان أيضا، فيذهب إلياس خورى مثلا إلى القول إن بطلها وليد دهمان، الذى يكتب رواية داخل الرواية، «يقلب لعبة التأليف رأسا على عقب». بينما ذهب البعض إلى اعتبارها «انقلابا فى نمط الرواية الفلسطينية التقليدية»، وذلك ربما يرجع إلى الحضور اليهودى والإسرائيلى بشكل مكثف، ولكنه فى الوقت ذاته، يرتدى ثوبا آخر غير تقليدى تعودناه مع الأدب، الرواية أيضا تطرح ذلك الحياد فى النظرة تجاه الاسرائيليين والذى يفسح مساحة لتقبل وجود الإسرائيلى الطيب والمتفهم بعض الشىء لهذا الواقع الفلسطينى دون تفريط فى حق الفلسطينى وقضيته حكايته. ويذكر هنا أن المدهون قد عبر فى حديث سابق له، ردا على هذا الحضور لليهودى، بأن يرى فى ذلك الحضور ما «يجعل موضوعها وشخصياتها وأحداثها وحكاياتها، كافية لربطها بما يدور اليوم فى خارجها وإحالتها عليه. ودفع قارئها، سواء فى الشرق أو فى الغرب، إلى مقاربة غير تقليدية للموضوع، وإلى اختبار أفكاره، والقيام بمحاكمة جريئة عادلة للذات والآخر، بعد «توريطه» كفاعل فى النص ومشارك فى تفاصيل الحكاية». ربعى المدهون صحفى وكاتب. من مواليد المجدل عسقلان فلسطين 1945، يحمل الجنسية البريطانية.. كتب المقال والقصة القصيرة والبحث الأكاديمى أيضا، وجاءت روايته الأولى «السيدة من تل أبيب» لتكون أحدث إبداعاته.