لم يشأ الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور محمد البرادعى المدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يمضى عام 2009، دون أن يلقى كل منهما بحجر فى مياه الحياة السياسية المصرية، الأول دعا ل«مرحلة انتقالية يشرف عليها الرئيس مبارك على أن تكون تلك آخر وأهم خدمة يقدمها للبلد،يعاونه فى ذلك مجلس أمناء للدولة مهمته صياغة دستور جديد وعقد اجتماعى جديد»، والثانى طالب ب«تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد بالانتخاب». وعلى الرغم من أن الطرحين اتفقا بدرجة كبيرة على الهدف، فإن المعنيين بالشأن العام والمراقبين للوضع السياسى فى مصر اختلفوا حول إمكانية تطبيق أى منهما على أرض الواقع. المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، يرى أن طرح البرادعى هو الأقرب للتنفيذ، مشيرا إلى أنه أى الكفراوى تقدم بطرح مثله للمسئولين عام 1994، وقال «لكن الموضوع فى النهاية يخص صاحب القرار وحده». وهو ما أيده فيه الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد الذى رجح أن يكون طرح البرادعى بتأسيس لجنة لصياغة دستور جديد هو الأقرب للتحقيق على أرض الواقع بسبب وجود إجماع وطنى عليه على حد تعبيره موضحا أن حزب الغد طرح من قبل مشروع دستور جديد لمصر فى برنامجه الانتخابى عام 2005. إلا أن الدكتور على السلمى وزير الدولة للتنمية الإدارية السابق كان له رأى مخالف، فهو يرى أن الطرحين غير قابلين للتنفيذ، وقال: «إن الرأى الرسمى هو ألا يتم تعديل دستورى، وبالتالى فالأمر باق على ما هو عليه»، مشيرا إلى أن هذه الاقتراحات عبارة عن محاولات لإثارة الاهتمام لتعديل بعض المواد كالمادة 76 والمادة 88. واتفق معه فى ذلك الفقيه الدستورى الدكتور إبراهيم درويش الذى قال: «لا هذا ولا ذاك»، مضيفا «هيكل لم يتخذ الخط المستقيم، والحلول التى نادى بها هو وغيره لا تستقيم مع الوضع السيئ والفساد المستشرى فى جميع أركان مصر»، مضيفا «لا يمكن إصلاح حال مصر المغيبة شعبا ونظاما واقتصادا إلا بوجود شرعية للنظام السياسى المقبل». يأتى ذلك فى الوقت الذى جدد فيه المنسق العام لحركة كفاية الدكتور عبدالحليم قنديل دعوته لتأسيس جمعية وطنية تختار بديلا رئاسيا، أو مجلس رئاسى بديل تتولى إعداد دستور جديد، وتنظيم حملة ضغط سلمى لمطالبة الرئيس بالتنحى. واتفق معه فى ذلك الإعلامى حمدى قنديل الذى يرى أن فرص استجابة النظام لا تتجاوز نسبتها 50%، مطالبا بحشد شعبى للضغط فى اتجاه الاستجابة لمطالب القوى الوطنية». وأبدى قنديل تخوفه من أن يتسبب ما وصفه بتعنت النظام الحاكم فى عدم الاستجابة للمطالب فى حدوث فوضى غير مأمونة العواقب، لافتا إلى خطورة حالة الغضب المكتوم، التى تتجلى أحيانا فى صورة الاحتجاجات العمالية، والاجتماعية، على حد تعبيره. واتفق معه أيضا المستشار محمود الخضيرى، منسق ائتلاف «مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة»، الذى قال «إن الأطروحات التى تقدم بها هيكل والبرادعى قريبة من بعضها البعض، موضحا أن تنفيذها يقترن بالإرادة الشعبية المطالبة بالإصلاح، حسب قوله. إلا أن الكاتب والأديب الدكتور علاء الأسوانى، رأى أنه لا تناقض بين الطرحين، قائلا: «إن طرح كل من هيكل البرادعى الهدف منه إصلاح ديمقراطى داخل البلاد، مشيرا إلى إنهما غير متناقضين» وأضاف «ربما كان قصد هيكل من تبنى مبارك الإصلاح الديمقراطى إغراءه للموافقة». وهو نفسه ما ذهب إليه الكاتب أسامة أنور عكاشة، من أن الطرحين يحملان نفس الفكرة، ولكنه اعتبر أن الدعوة لتشكيل لجنة تعمل على وضع دستور جديد هو أمر من باب الأحلام والتمنى فقط، وقال: «الفكرتان صحيحتان ونتحمس لتحقيق كلاهما، ولكن ذلك سيظل فى حكم كلمة (يا ريت)، لأن الواقع يقول إن ذلك مستحيل». وبين هذا وذاك يظل الحزب الوطنى عند موقفه بعد الاستجابة لتلك المطالبات وهو ما أكده أمينه العام المساعد وأمين السياسات جمال مبارك بأنه لا تعديلات دستورية. ودافع زعيم الأغلبية بمجلس الشورى النائب محمد رجب عن هذا الرأى بالقول: «مصر دولة مؤسسات، وبها دستور دائم له نظام يرفض التدخل الشعبى فى تعديلات الدستور»، رافضا بشدة كلا المبادرتين من الأساس.