اسمه، وبيته، والأماكن المحتمل وجوده فيها، ورقم التليفون، كلها معلومات يحفظها أبناء قرية كفر ميت العبس مركز ما اعرفش منوفية عن ظهر قلب. إنه عم صابر المراكبى، ومركبه العتيق هو همزة الوصل بمصادر الحياة والرزق على الشاطئ الآخر. رغم هذه الأهمية يشعر صابر بالخوف من المستقبل دائما. «نفسى يبقى عندى نقابة أشتكى لها». صابر يعتبر عدم وجود نقابة أكبر دليل على تجاهل الحكومة، فلا معاش ولا جهة تطالب أو تدافع عنه مع المشاكل التى تواجه «فئة المراكبية». أسرة عم صابر نفسه تعمل فى النهر من أكثر من قرن من الزمان. بعد حادثة غرق العبارة فى رشيد، شاهد عم صابر بعض مسئولى المسطحات المائية يعاينون المعديات، «قالونا جميع المعديات تبقى تبع الحكومة»، ويحل محلها أخرى جديدة يقودها موظفون حكوميون. من المحتمل أن يخسر صابر واثنان من إخوته مصدر الرزق الوحيد. وهو لا يتصور جهة سوف تتكفل بالدفاع عنه سوى نقابة عام 2010. ثمن التذكرة 25 قرشا للفرد، ولكن عم صابر يقدم تخفيضات للموظفين وللأسر ذات مستوى اقتصادى ضعيف، «100 جنيه فى السنة اشتراك، أحسن من الحكومة». الإقبال الكثيف يوازن الخسارة، ليتجاوز الربح اليومى 75 جنيها بعد خصم تكاليف الزيت والبنزين. ضمانا لأداء المعدية، فهو يتمنى «إن الحكومة تبطل تغش فى بنزين 80»، فمنذ سنه اشترى صابر موتورا جديدا يعمل بالبنزين بدلا من السولار، بثمن 23 ألف جنيه. هذا القرار تم اتخاذه بعد ارتفاع سعر لتر السولار لجنيه وعشرة قروش، «قلنا البنزين أرخص، طلع كله شوائب وهايهلك الموتور». فيلم عن المراكبية، أمنية قد تسعد أسرته وتجعل الصغيرين أمل ورزق، يردون على من يسألهم من الأصدقاء عن مهنة الوالد بفخر، «مصر القديمة والفرعونية إتبنت على أكتاف المراكبية»، فنهر النيل كان ومازال الأساس لتقل البضائع، «دى اقتصاديات نقل». عندما يبحث عن صورته فى الإعلام، فهى مطموسة إلا فى حالة الكوارث، «مع إن اللانش بتاع الحكومة برضه ممكن يعمل حوادث»، يدافع عن تحميلهم مسئولية الغرق قائلا «ما حدش يحب يخش السجن، وبعدين اللى بيدى التراخيص هما مهندسين فنيين، يعنى العيب مش فينا». وعندما يبحث صابر عن نفسه فى السينما، فلا يجد سوى فيلم «ساقط قيد»، «مين اللى قال إن المراكبى أهبل وعبيط». متابع لكل ما يحدث على الساحة، وفى كل مناسبة يقوم بتأليف مقطوعة شعرية يسجلها على الموبايل الصينى الذى ا شتراه خصيصا ليحفظ خواطره، «ربنا يقدرنى وأشترى عدة N37 فنلندى أصلى» بحثا عن مساحة أكبر، لأعماله التى يطلب من ابنته أن تنقلها بخط يدها».