شهد العام الحالى الكثير من الجدل حول إجراءات حكومية يجمعها هدف زيادة موارد الدولة، بشكل مباشر أو غير مباشر، منها ما يمس المواطن مثل بدء تطبيق القانون الجديد للضرائب العقارية، وما يؤثر على المصانع والعمال كقرار نقل مصانع الأسمنت من حلوان إلى أماكن بديلة، ومنها ما يتعلق بحقوق الأجيال القادمة فى الثروات القومية، مثل توقيع عقود جديدة لتصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار منخفضة. الضرائب العقارية فضلا عن الجدل الذى أثاره قانون الضرائب العقارية، على مدى سنوات تأجل فيها إقراره حتى صدر فى 2008، فإن لائحته التنفيذية التى أعلنت فى أغسطس 2009، قد أثارت موجة من التشكك من جانب عدد كبير من المواطنين الذين توقعوا أن يمثل عليهم عبئا جديدا، رغم أن اللائحة قد أعفت المساكن التى تقل قيمتها عن 500 ألف جنيه من هذه الضرائب. إلا أن الشكوك دارت حول احتمال المغالاة فى تقدير قيمة العقارات. لذلك أعلنت وزارة المالية أن النتائج المبدئية لعمليات الحصر والتقييم للوحدات العقارية فى مصر أظهرت أن 95.5% من إجمالى الوحدات تقل قيمتها عن 500 ألف جنيه و بالتالى لن تخضع للضريبة. واعترض عدد من أعضاء مجلس الشعب، فضلا عن المواطنين، على مبدأ فرض الضريبة على المسكن الخاص، باعتبار ذلك غير دستورى، إلا أن رئيس لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، أحمد عز، اعتبر أنه لو تم إعفاء المسكن الخاص من الضريبة فلن يدفعها أحد على الإطلاق حتى أكثر الناس ثراء، معتبرا ذلك «ضد العدالة الاجتماعية». وقد ألزمت وزارة المالية كل مالكى العقارات فى مصر، أيا كانت قيمتها، بتقديم إقرارات عقارية، سواء استُخدم العقار فى أغراض سكنية أو تجارية أو صناعية أو غير ذلك، فى موعد أقصاه 31/12/2009، وإلا تعرضوا لغرامة مالية. إلا أن قِصَر المدة الزمنية ما بين إعلان اللائحة التنفيذية للقانون وبين الموعد الأقصى لتقديم الإقرار، بالإضافة لضعف الترويج الإعلامى لتعريف المواطنين بالأمر، أدى للتزاحم الشديد من جانب الجمهور خلال شهر ديسمبر الحالى على المكاتب التابعة لمصلحة الضرائب العقارية، فضلا عن قيام سوق سوداء لبيع الإقرارات، التى تقدم مجانا فى الأصل. وقد دفع هذا الموقف وزارة المالية لمد فترة تقديم الإقرارات حتى نهاية مارس المقبل، إلا إن هذه الخطوة اعتبرها رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، أحمد عز، منافية للقانون، الذى لم يعط الوزير هذا الحق، مؤكدا أن الأمر يتطلب تقديم مشروع قانون بتعديل المادة التى تنص على موعد تقديم الإقرارات فى القانون، وتقدم عز بالفعل خلال الأسبوع الماضى بمشروع القانون للمجلس. الغاز لإسرائيل استمر الجدل فى 2009 حول قضية تصدير الغاز المصرى لإسرائيل بأسعار أقل من المستويات العالمية، فعلى الرغم من أن المجلس الأعلى للطاقة اتخذ قرارا، منذ عامين، بعدم توقيع مصر على أى تعاقدات جديدة لتصدير الغاز حتى نهاية 2010، فإن العام الحالى قد شهد توقيع اتفاقية جديدة، تقضى بتصدير 1.7 مليار متر مكعب إضافية من الغاز إلى إسرائيل، لتتضاعف الكمية التى تصدرها مصر سنويا إلى الدولة العبرية عن المنصوص عليه فى العقد الذى سبق أن وقعته مصر مع إسرائيل فى 2005. وقد أعلن يوسى ميمان، الشريك الإسرائيلى فى شركة غاز شرق المتوسط، هى شركة مصرية خاصة يتم تصدير الغاز بواسطتها إلى إسرائيل، فى صحيفة يديعوت أحرونوت، بأن الشركة وقعت ثلاثة عقود، فى أكتوبر، لتصدير كميات إضافية من الغاز المصرى إلى إسرائيل، بسعر 3 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، ولمدة 18 سنة من تاريخ الاتفاق، وذلك لتغذية ثلاث محطات لتوليد الكهرباء فى مدينة أشدود الصناعية، ورمات حوفيف فى شمال صحراء النقب. واعترضت الحكومة الإسرائيلية فيما بعد على سعر ال3 دولارات، ولجأت للحكومة الأمريكية للضغط على نظيرتها المصرية لخفض هذا السعر، وكان ذلك أحد المطالب الرئيسية لكلينتون، خلال زيارتها الأخيرة لمصر، بحسب ما أكدته المصادر للشروق. من الجدير بالذكر أنه قد تم الإعلان فى 29 أكتوبر الماضى، عن تأجيل بناء الوحدة الثانية فى محطة تسييل الغاز الطبيعى فى دمياط، وهو ما كشفت المصادر أنه جاء نتيجة لأن زيادة كميات الغاز المصدرة إلى إسرائيل تسببت فى عدم وجود كميات كافية لضخها فى محطة الإسالة فى دمياط. وكانت المعارضة لتصدير الغاز لإسرائيل، وبأسعار تقل عن نظيرتها العالمية، قد تصاعدت خلال السنتين الأخيرتين، ورفع السفير السابق إبراهيم يسرى، دعوة أمام القضاء الإدارى بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، موضحا أن مصر تخسر تسعة ملايين دولار يوميا جراء هذه الاتفاقية، وأن صفقة كهذه كان من الأجدر عرضها أولا على مجلس الشعب لإبداء رأيه فيها بالموافقة أو الرفض على اعتبار أن الغاز المصرى ملك للشعب وليس لشركة خاصة. وصدر الحكم فى الدعوة لصالحه فى 2008، إلا المحكمة الإدارية العليا أوقفت تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى فى فبراير من العام الجارى، واستجابت بذلك للاستشكال المقدم من رئيس الوزراء ووزيرى النفط والمالية، على اعتبار أن مسألة تصدير الغاز لإسرائيل «من أعمال السيادة المطلقة للدولة، ولا يجوز للمحكمة أو مجلس الدولة التعقيب عليها». نقل مصانع الأسمنت اختلفت التقديرات حول قرار نقل مصانع الأسمنت من محافظة حلوان، التى تتواجد بها بعض هذه المصانع منذ نحو 70 عاما، وتوطينها فى مناطق أخرى بعيدا عن الكثافة السكانية باعتبارها صناعة ملوثة للبيئة. فبينما تؤكد الحكومة إن هذه الخطوة ضرورية للحفاظ على البيئة، فإن أصحاب المصانع يبدون متشككين فى القرار، بينما يرفضه العمال الذين أصبحوا معرضين للاستغناء عنهم. وقد أصدر وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد، فى منتصف العام الحالى، قرارا بتشكيل لجنة لوضع خطة زمنية لنقل مصانع الأسمنت من مواقعها الحالية إلى مواقع بديلة خارج محافظة حلوان، وتحديد التعويضات اللازمة وكيفية استغلال الأراضى بعد النقل، على أن تشارك المصانع المعنية بتصوراتها حول هذا الأمر، وهى مصانع شركات القومية وطرة وحلوان للأسمنت. واختارت اللجنة منطقة غراب بمركز ناصر فى بنى سويف، لنقل المصانع إليها حفاظا على العمالة الموجودة فى حلوان ولقرب بنى سويف من هذه المصانع، وقدرت اللجنة أن يتم النقل فيما بين 3 إلى 7 سنوات. معتبرة بنى سويف امتدادا للقاهرة الكبرى وليس لمنطقة الصعيد. ويرى المعارضون للقرار أن مساوئه أكبر من فوائده، حيث ينقل مشكلة التلوث لموقع جديد دون العمل على علاجها، فضلا عن التكلفة المالية المرتفعة لهذه العملية، تصل فى بعض التقديرات إلى 12 مليار دولار، بينما يمكن علاج المشكلة ذاتها من خلال إدخال تكنولوجيا الحد من التلوث ومعالجة الانباعاثات مع بقاء المصانع فى مواقعها. وإصرار الحكومة فى رأيهم على هذا القرار قد يرجع إلى الرغبة فى استغلال أراضى تلك المصانع بعد نقلها، خصوصا أنها تطل على النيل. ومن جهة أخرى، فإن بعض المصانع كانت قد استثمرت مبالغ كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتحديث خطوط إنتاجها، والحد من التلوث، مثل أسمنت طرة، التابعة للسويس للأسمنت، التى أنفقت مليار جنيه على مدى السنوات الثلاث الماضية. وقد عطل القرار جهود بعض المصانع فى التوافق مع الشروط البيئية، مثل القومية للأسمنت (شركة حكومية)، والتى سحبت هيئة التنمية الصناعية موافقتها على خطة تطويرها بعد الإعلان عن مشروع الحكومة لنقل المصانع الملوثة للبيئة من حلوان. وكانت الشركة قد اعدت دراسة جدوى لتطوير خطوط الإنتاج، واستبدال الأفران التى تعمل بالطريقة الرطبة إلى الجافة، وشراء طواحين جديدة تساهم فى الحد من انبعاث الأتربة الملوثة، وحصلت على موافقة هيئة التنمية الصناعية، ثم تم سحب الموافقة.