تواصل «الشروق» نشر حلقات سلسلة أصوات من نور، وفي هذه الحلقة، نستعرض ملامح من حياة القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي، أحد الأعلام البارزين في مجال تلاوة القرآن الكريم. بدأت رحلة الطبلاوي مع القرآن الكريم، بحلم شاهده والده في المنام، حيث جاء إليه رجل يبشره بأنه سيرزق بطفل حافظ للقرآن، ولم يكد ينتهي عام 1934 حتى ولد محمد، فسارع الأب لتنفيذ ما رآه في المنام، فعلمه القرآن منذ نعومة أظفاره، وما أن أتم الشيخ محمد سن العاشرة حتى حفظ القرآن الكريم كاملاً، وتبدأ رحلته الحقيقية مع القرآن الكريم. مرت حياة الطبلاوي، الذي ولد في حي ميت عقبة بالجيزة، بمنعطفات هامة ومؤثرة، إحدى هذه المنعطفات هي قراءة القرآن في جوف الكعبة، وكان الشيخ يفاخر جالسيه دوماً بهذه الواقعة، حين كان جالسا مع الملك السعودي الراحل خالد بن عبدالعزيز آل سعود، ودخلا سويا إلى جوف الكعبة، وهناك قرأ قول الله تعالى "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) حتى نهاية الآية. قرأ الطبلاوي القرآن في كل المناسبات، في الاحتفالات والمآتم وفي حضور كبار الشخصيات، وكان لهذا بالغ الأثر في انتشاره وشهرته، حيث صُنف الشيخ الطبلاوي واحدا من كبار مشاهير القراء، وارتفع أجره بسبب ذلك من 10 قروش إلى 15 جنيها، وكان آنذاك عمره لا يتعدى 15 عاماً. حاول الشيخ الطبلاوي الدخول إلى الإذاعة، لكنه في بداية الأمر لم ينجح. وكرر محاولاته نحو 9 مرات وباءت جميعها بالفشل. وفي المرة العاشرة حالفه التوفيق وتم اعتماده في الإذاعة المصرية، كان ذلك في عام 1970، فسجل للإذاعة المصحف المرتل والمجود والمعلم. في حقبة السبعينيات، اختير الطبلاوي قارئاً للجامع الأزهر، ثم صار بعد ذلك نقيبا للمقرئين. وبالرغم من هذه الشهرة الواسعة، فإن الطبلاوي لم يسع أبداً للتربح من قراءة القرآن، وكان يترك مسألة الأجر لصاحب الأمر. في يوم الثلاثاء 5 مايو من عام 2020، والموافق 12 رمضان، رحل الشيخ الطبلاوي عن عالمنا عن عمر ناهز 86 عاما. لكن أثره وصوته لا يزال باقيا.
