طبقا لأقل السيناريوهات تشاؤما يشهد عام 2030 عجزا غذائيا فى مصر، لكن التغيرات المناخية ستزيد من وطأة هذا العجز بشكل كبير، فى رأى د.جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بكلية الزراعة جامعة القاهرة، ود.شريف محمد سمير فياض، أستاذ مساعد الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء. فى دراسة بعنوان «أثر التغيرات المناخية على وضع الزراعة والغذاء فى مصر» يرصد الباحثان التأثير السلبى للانبعاثات الكربونية على الإنتاجية المحصولية، ولمعرفة الاحتمالات المختلفة لنقص الغذاء تخيلت الدراسة ستة سيناريوهات لعام 2030، الأول يتبنى تقديرات الإنتاجية طبقا لإستراتيجية التنمية الزراعية المصرية دون إدخال أى انعكاسات لتغيرات المناخ، وهو أكثر السيناريوهات تفاؤلا. يتناول السيناريو الثانى زيادة الإنتاجية الفدانية بنحو 28% فى المتوسط فى ظل فرض ثبات الإنبعاثات الكربونية مستقبلا على ما هى عليه، ويتناول السيناريو الثالث زيادة فى الإنتاجية الفدانية 11% فى ظل زيادة الإنبعاثات الكربونية. أما السيناريوهات الثلاثة الأخرى فهى ذاتها السيناريوهات الثلاثة السابقة مع احتمال غرق نحو 15% من أراضى الدلتا. وهذه السيناريوهات تعد أكثر تشاؤما من السيناريوهات الثلاثة الأولى، والسيناريو السادس يعد أكثرها تشاؤما على الإطلاق. عجز غذائى فى المحاصيل واللحوم تم استخدام كل من الإنتاجية والمساحة فى ظل هذه السيناريوهات للتنبؤ بالإنتاج الكلى فى عام 2030، هذا بالإضافة إلى تقدير معدلات الاستهلاك الفردى والاستهلاك الكلى لأهم المنتجات الغذائية عام 2030 ومن ثم التعرف على الفجوة الغذائية ونسب الاكتفاء الذاتى فى ظل السيناريوهات الستة. وقد أشارت النتائج إلى وجود عجز غذائى كبير فى السيناريوهات الستة موضع الدراسة فى عام 2030، حيث تصل فجوة الحبوب إلى أكثر من 11 مليون طن فى السيناريو الأول رغم أنه أكثر السيناريوهات تفاؤلا، بينما تصل فى أكثرها تشاؤما (السادس) إلى أكثر من 25 مليون طن. بالنسبة للمنتجات الحيوانية أشارت الدراسة إلى وجود عجز شديد فى جميع المنتجات الحيوانية بحلول عام 2030 وعلى الأخص فى كل من اللحوم الحمراء والألبان ومنتجاتها حيث يصل العجز فى أكثر السيناريوهات تفاؤلا إلى نحو 13 مليون طن على الترتيب بحلول عام 2030. عدا اللحوم البيضاء التى تسجل فائضا. خسائر قيمتها 5 مليارات دولار قدرت الدراسة قيمة الآثار السلبية للانبعاثات الكربونية بما يزيد على 5 مليارات دولار وهى الفرق بين قيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو زيادة الانبعاثات الكربونية (سيناريو 3) والتى تقدر بنحو 47.5 مليار دولار، وقيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو ثبات الانبعاثات الكربونية (سيناريو 2) والتى تقدر بنحو 42.2 مليار دولار فى 2030. وأشارت الدراسة إلى أن قيمة الآثار السلبية لغرق الدلتا تقدر بنحو 5.4 مليار دولار وهى الفرق بين قيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو إستراتيجية التنمية الزراعية المصرية مع غرق 15% من الدلتا (سيناريو 4) والتى تقدر بنحو 25.1 مليار دولار، وقيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو الإستراتيجية مع عدم غرق 15% من الدلتا (سيناريو 1) والتى تقدر بنحو 19.7 مليار دولار فى 2030. أى أن القيمة الإجمالية المقدرة لمخاطر الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الزراعة المصرية تبلغ 10.7 مليار دولار بحلول عام 2030. والعلاج يتكلف 300 مليون دولار ولتخفيف هذه المخاطر الهائلة توصى الدراسة بضرورة إحداث تغيرات جذرية فى السياسات الزراعية والمائية الحالية تركز على إعطاء أكبر قدر من الاهتمام للإسراع بمعدل النمو فى الإنتاجية الزراعية، فإذا كان معدل النمو فى الناتج الزراعى الحالى لا يتجاوز 3% خلال سنوات العقد الماضى، فينبغى مضاعفة هذا المعدل إلى 5% على الأقل، الأمر الذى يتحقق عن طريق زيادة الإنفاق ومضاعفة الاستثمارات الزراعية من 8 مليارات جنيه سنويا فى الوقت الحالى إلى 16 مليار سنويا بالأسعار الثابتة خلال العقدين المقبلين أى باستثمارات كلية تصل إلى 320 مليار جنيه حتى عام 2030. تجدر الإشارة إلى أن الإنفاق الحالى على البحوث الزراعية لا يتجاوز 25 مليون جنيه سنويا، الأمر الذى لا يتناسب مطلقا مع التحديات التى تواجه مصر على صعيد الأمن الغذائى مستقبلا وعلى ذلك ينبغى مضاعفة هذا الإنفاق إلى أكثر من 20 ضعفا أى بما لا يقل عن 500 مليون جنية سنويا، وهو ما لا يتجاوز نصف بالمائة من الناتج الزراعى الإجمالى. كما أوصت الدراسة بضرورة اتباع الإستراتيجات الملائمة لمقاومة ارتفاع منسوب مياه البحر ومنع تآكل الشواطئ الشمالية للدلتا. وتقدر تكلفة هذه الإجراءات بنحو 300 مليون دولار.