حالة من التوحد عاشها الشعب المصرى منذ الليلة المأساوية التى عاشتها الجماهير المصرية فى الخرطوم، بعد مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر. الكل فى مصر اجتمع على كلمة واحدة، وهى الرد على الجماهير الجزائرية التى مارست الهمجية والبلطجة ضد مشجعى مصر فى مباراة السودان، الكل فى مصر غضب مما حدث، والكل قرر عدم الصمت وإذا كانت بعض الجماهير المصرية ذهبت إلى مقر السفارة الجزائرية، وطالبت بطرد السفير، وأخرجت جزءا بسيطا من شحنتها فى شكل هتافات لمصر، ورفع علمها فى شكل حضارى، لكن هناك شرائح أخرى قررت التعبير بأشكال مختلفة. النقابات الفنية قررت المقاطعة.. والموسيقية قررت ملاحقة السفير الجزائرى عبدالقادر حجار، ورئيس اتحاد الكرة الجزائرى محمد روراوة قضائيا باعتبارهما محرضين ضد الجماهير المصرية. وبالتأكيد نجوم الغناء سوف يكون لهم الدور الأهم والأكبر لسبب بسيط أن الأغنية دائما سريعة الانتشار، وتجتاز الحدود فى ثوان، وتستطيع أن تقول بها ما تشاء، لذلك لم يكن غريبا أن نرى تلك الانتفاضة الغنائية ضد الاعتداءات الجزائرية. المطرب خالد سليم رغم انتهائه من ألبومه الجديد كاملا وكان قد بدأ عملية الطبع، إلا أنه قرر أن يوقف الطبع ويعيد فتح الألبوم لاستبعاد أغنية ذات لهجة جزائرية، وهى محاولة منه للتأكيد على أن دوره كمغنى لا يقل عن دور أى مصرى شعر بالغضب. وأشار خالد إلى أن الخسائر المادية مهما كانت لن تعوض كرامة أى إنسان مصرى. أما مصطفى قمر فقرر أن يكون صوته هو سلاحه، وأن يعبر عن وجهة نظره بالغناء وبالفعل انتهى من تسجيل أغنية «اعلى يا مصر» فى مبادرة سريعة منه وربما يبدأ عرضها الليلة أو على نهاية الأسبوع على الأكثر لكى تكون رسالة واضحة وصريحة من المصريين. محمد فؤاد الذى عاش مأساة الاعتداء على المصريين فى الخرطوم، وكان برفقته ابنه، عقد العزم على السفر إلى السودان لإحياء حفل ضخم بالخرطوم على أن ىذهب العائد منه لسائق الأوتوبيس الذى كان يستقله وقت الاعتداء، حيث تحامل السائق على نفسه رغم إصابته واستمر فى القيادة إلى أن وصل بهم إلى منطقة آمنة، وأشار فؤاد إلى أن بطولة هذا السائق السودانى يجعله يفعل أى شىء من أجله، فؤاد لن يتوقف رده عند هذا الحفل بل بإعداد عمل غنائى يطرح من خلاله وجهة نظره فى المأساة وربما يكون هناك عمل سينمائى. تامر حسنى قرر تنظيم حفل ضخم فى حب مصر بعد هدوء الغضب الشعبى ويحاول أن يوجه من خلال رسالة إلى العالم، بأن مصر بلد التحضر، وأن العنف ليس الرد الأمثل على ما واجهه المصريون من الجزائريين، مشيرا إلى أن الغناء أقوى من أى سلاح لأنه يخرج من القلب وإلى القلب. ويعكف حاليا المطرب الكبير محمد الحلو على إعداد أغنية من كلمات الشاعر محمود عبدالظاهر وهو عمل غنائى فى حب الوطن. قال محمد إنه غنى لمصر كثيرا وسيظل يغنى لها وأوضح أن علينا كموسيقيين ومطربين ألا نتوقف عن الغناء لمصر أحيانا نتوه فى مشاكلنا لكن مهما حدث فالوطن هو الحب الحقيقى الذى يجب أن يشغلنا دائما، وما حدث فى السودان كان بمثابة رسالة أيقظتنا على ضرورة الاهتمام بمصر أكثر بعيدا عن أى شعارات. نجوم الغناء العربى فى حقيقة الأمر كانوا اكتشافا جديدا خاصة هيفاء وهبى، ونانسى عجرم. فهاتان الفنانتان أثبتتا أنهما بمليون رجل، فالأولى ظهرت على كل الشاشات وأعلنت عن غضبها، واستيائها مما حدث وقالت بلهجة حادة إنها غير مهتمة بالغناء فى الجزائر فهذا الأمر لن ينقص منها شيئا. مشيرة إلى أنها غير مهتمة بالغناء لجماهير تحمل السلاح وأن ما حدث يسىء إلى الكل وأنا كفنانة لبنانية ومتزوجة من مصرى وأتمنى أن تعتبروننى مصرية لا أعرف ما كل هذه الأحقاد ضد مصر وتمنت هيفاء أن تعاد المباراة، لأنها أقيمت فى جو إرهابى لا يليق بمباراة فى كرة القدم. نانسى عجرم أيضا أبدت عدم المبالاة بالحرب التى تشنها الصحف الجزائرية ضدها، مشيرة إلى أن دعمها للفريق الوطنى المصرى نابع من حبها لمصر وجمهورها العظيم وقالت: الجزائريون غاضبون لأننى غنيت لمصر، ولا أعلم لماذا هذا الغضب؟ الموقف الذى اتخذته نانسى وهيفاء ساهم بقدر كبير فى ارتفاع أسهمهما فى الشارع المصرى، وتصدى الكثير من المصريين للمنتديات الجزائرية على الإنترنت التى هاجمت المطربتين. فى المقابل، شنت الصحف الجزائرية حربا شرسة ضد نجوم الغناء المصرى، والعربى الذين يدعمون مصر ووضعوا قائمة سوداء تضم شيرين وعمرو دياب وتامر حسنى وإيهاب توفىق ومحمد فؤاد وحكيم وهيثم شاكر ومن العرب هيفاء وهبى ونانسى عجرم وطالبت الصحف بمنع دخول هذه الأسماء للجزائر واتهمت الصحافة شيرين بأنها حرضت الجماهير السودانية ضد الجزائر قبل المباراة، وقالت إن تامر حسنى أهان العلم الجزائرى ووصفوه بالمعتوه وأشاروا إلى أنه يسجل أغنية تحرض على نبذ الجزائريين، وتتطاول عليهم، وهو أمر جعلهم يطالبون بمنع التطبيع الفنى مع الفنانين المصريين ومقاطعتهم. ولم يسلم المطرب الشعبى شعبان عبدالرحيم من الهجوم الجزائرى على اعتبار أنه غنى للفريق المصرى عقب فوزه بالقاهرة على نظيره الجزائرى أغنية «إحنا ولاد أصول» وأشاروا إلى أنه مطرب معتوه ولمحوا إلى تعاطيه المخدرات، واستندوا إلى دخوله المستشفى العام الماضى بعد تناوله جرعة زائدة. وطالب عدد من الصحف الجزائرية بضرورة حرق صور وألبومات نجوم الغناء المصرى باعتبارهم مطربين غير مرغوب فيهم داخل الجزائر ووصفوا الغناء المصرى بالهابط. فى نفس الوقت، أعلنت بعض شركات إنتاج الكاسيت ومنظمى الحفلات أن المقاطعة التى طالبت بها النقابات الفنية لن تضر الإنتاج الغنائى، لأن السوق الجزائرية بطبعها غير مؤثرة فى حركة البيع والشراء. وكذلك الأمر بالنسبة للحفلات الغنائية. وأشاروا إلى أن لغة الأرقام تقول إن البيع فى الجزائر قليل جدا بالمقارنة بدول أخرى مثل تونس والمغرب والخليج العربى وبالنسبة للحفلات التى تنظم سنويا فهى تعد على أصابع اليد الواحدة. خاصة فيما يتعلق بالنجوم الكبار على عكس دول مجاورة لها مثل تونس والمغرب حيث تنظم كل منهما مئات المهرجانات والحفلات الغنائية سنويا. فى كل الأحوال، فإن أجواء الحرب الغنائية بين مصر والجزائر سواء رضينا أم رفضنا سوف تستمر فصولها، ولو تحت الرماد لسنوات مقبلة حتى لو عادت العلاقات الغنائية إلى ما كانت عليه من قبل.