أدخل فى الموضوع مباشرة.. لا شك أن الحزن كان شديدا بعد ضياع حلم التأهل للمونديال، خاصة بعد الاحتفالات التى نصبت قبل أن تنتهى الحفلة أو حتى قبل أن تبدأ.. ولا شك أن جمهورنا كان رائعا فى رد فعله، حين صفق للاعبى الفريق عقب الخسارة فى الخرطوم.. وتلك هى الرياضة، وهذا هو إطارها الطبيعى، فوز وهزيمة، ولا يوجد انتصار دائم أو انكسار مستمر.. لكن لاشك أيضا أننا نشعر بالغضب لما جرى بعد المباراة من جانب الجماهير الجزائرية.. لكن دعونا نقف عند رأيهم فى أسباب سلوكهم الذى كشف عن كراهية مخزونة للمصريين، كراهية عميقة، لا علاقة لها بتفسيراتهم الحالية.! قال وزير الشباب والرياضة الجزائرى هاشمى ديار: «قالت العدالة كلمتها وانتصرت الجزائر»! وقال رئيس الاتحاد الجزائرى محمد روراوة بعد المباراة: «لا يمكن لهذا الانتصار أن يكون أكثر روعة، خصوصا بعد ما عشناه فى القاهرة»! وقال رفيق صايفى: «إنها عدالة إلهية.. بعد العنف الذى تعرضنا له فى القاهرة»! تلك تصريحات ناس مسئولة وقادة منهم وزير شباب، وكان بعضهم من أعضاء البعثة الجزائرية التى حضرت للقاهرة ولعبت ورحلت. وقصة حادث الأتوبيس باختصار أن بعض المشجعين المصريين ربما قذفوا الحجارة. وسبوا لاعبى الفريق الجزائرى، بسبب حرب الإعلام التى كانت دائرة، ونحن لا نوافق على هذا السلوك.. لكن المؤكد أن لاعبى الجزائر حطموا زجاج الأتوبيس للرد على عنف المشجعين بأعنف منه سبابا وهبابا واعتداء.. وأتحدى وزير الشباب الجزائرى وروراوة وجميع لاعبى الجزائر والدولة الجزائرية كلها بحكومتها وشعبها أن يردوا على تلك الأسئلة.. ردوا ردا مباشرا دون لف أو دوران! 1 كم مرة تعرضت أتوبيسات أو حافلات المنتخب المصرى والفرق المصرية لمثل تلك الاعتداءات فى الجزائر؟ 2 كم مرة سب الجمهور الجزائرى فرقنا المصرية بلا سبب وبلا مبرر سوى أنهم ينافسون فرقهم ويلعبون ضدها؟!.. كم مرة كانت قصتكم هى سبنا وإهانتنا بهتافات بذيئة؟! 3 ماذا حدث عندما قامت جماهير قسنطنية عام 1989 بمظاهرة غاضبة ضد بعثة مصر بسبب خبر صغير نشر فى صحيفة؟!.. ماذا كان رد فعل البعثة ورئيسها فى ذلك الوقت حفاظا على ما يسمى بالاخوة والعروبة. وقد كنت ضمن أفراد البعثة؟! 4 ماذا كان رد فعل الاتحاد المصرى لكرة القدم ورد فعل الإعلام حين هتف جمهور الجزائر «العروبى» لمنتخب السنغال نكاية فى منتخب مصر وهو ضيفه ويلعب على أرضه عام 2001؟! 5 صحافتكم ظلت تلعب بالنار، وتحرض وتكذب وتلفق وكانت سببا مباشرا لاحتقان جماهيركم المحتقنة أصلا فماذا تفعلون بها.. كيف تعوضنا عن إصابتنا؟! كنت أتصور أن الوزراء يحسبون كلماتهم ويزنونها بالذهب، ومع ذلك أنتظر منكم إجابات واضحة ومحددة، نعم أو لا.. فعلنا وفعلتم.. دون لف أو دوران ودون حديث ممل ومكرر عن الصبية المتعصبين عندكم، ودون حديث مضحك عن العروبة والاخوة والشقيقة الكبرى.. أريد إجابات. ولأنكم لن تردوا فتلك هى إجاباتى باختصار: الإجابة رقم (1): ضربتم الأتوبيسات المصرية بالحجارة كثيرا.. ولم يرد لاعب مصرى واحد بضرب السائق وبتحطيم الزجاج والسعى للاعتداء على الجمهور الجزائرى! الإجابة رقم (2): شكونا لأنفسنا وشكونا منكم، وشكونا لطوب الأرض من سوء سلوك جماهيركم مع الفرق والمنتخبات المصرية، ولم نعتد ولم نضرب.. وكنا فى غاية الحرص على ما يسمى بعلاقات الأشقاء! الإجابة رقم (3): عام 1989 إزاء غضب جماهيركم (يا وزير الشباب) من خبر نشر، أصدرت البعثة المصرية برئاسة اللواء حرب الدهشورى بيان اعتذار رسمى.. وكان مجرد خبر، وليس تحريضا على القتل وعلى الثأر كما فعلتم صحفكم التى لا يحاسبها أحد فى حكومتكم! الإجابة رقم (4): غضبنا منكم بسبب تلك الهتافات لمنتخب السنغال، وقلنا يومها ربما هو الشعور بالظلم لما جرى للاعبكم الأخضر بللومى.. لكن من المؤكد أن أحد لاعبيكم هو الذى فقأ عين الطبيب المصرى، ترى ماذا لو فعلها لاعب مصرى فى مواطن جزائرى داخل ستاد البليدة؟! الإجابة رقم (5): لو كنتم تريدون فعلا أن تتخذوا إجراء، فإنه كان عليكم اتخاذه منذ أسابيع.. ومن حق المصابين والشركات المصرية التى تضررت أن تطالبكم بالتعويضات الأدبية والمادية! تلك إجاباتى ولن تكون إجابتكم. فنحن شعب طيب متسامح، ونغفر الإساءات، لكن لكل شىء سقفه.. وما جرى عقب المباراة من جماهيركم مرفوض، ويستوجب الاعتذار الرسمى للشعب المصرى فورا.. قبل الحديث عن التهدئة والعقل، أى تهدئة وأى عقل..؟! هذا هو العقل يا وزير الشباب، أيها الرجل السياسى.. وهذه إجاباتى يادولة الجزائر وأرجو أن تقرئى: كنا بالنشر والنصوص والتاريخ المدون فوق صفحاتنا قد سبقنا الجميع، وحذرنا من الخطر المقبل، كنا فى غاية الحرص فى تناولنا للمواجهة بين مصر والجزائر فى الدور الأخير لتصفيات كأس العالم. كنا ندرك أن الأمر ينذر بخطر، وربما بكارثة، ونرى ذلك مبكرا من خلال تجارب تاريخية فى ساحات الرياضة، تعكس حساسية غير طبيعية، نتيجة لأحداث قريبة وقعت فى ميدان المنافسة الشريفة، كنا نرى العنف الأسود يطل برأسه على ساحة الكفاح والنضال والجمال. كنا نرى المرضى وشياطين التعصب فى الطرفين، خاصة أن «حرارة الحوار الغاضب» زادت.. وكنا نرى موجة الكراهية ترتفع كموجات تسونامى، ونراها قادمة كاسحة كل أحلام العروبة، وكل دروس التاريخ الواحد واللغة الواحدة والدين الواحد والعالم العربى الواحد..! كنا نرى هذا ونرى غيره.. لكن من أسف أن نار التعصب وشياطينه عاثوا فى الجزائر فسادا، وعندما أطلقنا مبادرة تهدف إلى التهدئة بين الشعبين، سارعت جريدة جزائرية بإعلان تضامنها معنا، وكان ذلك أمرا جيدا، لكن يوم وراء يوم ثبت أن تلك الجريدة برئيس تحريرها ومحرريها يلعبون لعبة خطيرة، كانوا يريدون تبريدا هنا، وتسخينا هناك.. كنا عقلاء.. وكانوا غير عقلاء. كنا نهدئ النفوس وكانوا يشعلون النار. واستخدمت الصحافة الجزائرية أيها الوزير، أساليب رخيصة وخسيسة.. مثل خبر نشروه يقول: «إسرائيل تهنئ مصر بالفوز على الجزائر».. وكان أصل الخبر أن صحيفة معاريف غطت مباراة 14 نوفمبر كما غطت مباريات أخرى، وقالت إن متعب سجل هدف الفوز فى الدقيقة الأخيرة.. فأين التهنئة؟!. لكنها خسة عالية المستوى، ليست غريبة على تلك الصحافة التى وصفت ستاد القاهرة بأنه ملعب تل أبيب.. سوف يأتى يوم ويشهد التاريخ من بدأ ومن زرع الكراهية، ومن نشر ونثر الشر بين الشعبين المصرى والجزائرى، سوف يشهد التاريخ أن الإعلام المصرى المكتوب كان معظمه على مستوى المسئولية.. كنا نتحدث طوال الوقت ونكتب عن الروح الرياضية، وصحافتكم تستدعى الأرواح الشريرة.. وهذا ليس تجنيا. لكنه موجود بالصورة وبالنص وبالتاريخ المدون على الصفحات! فى الجزائر شنت حملة إعلامية كلها كذب وتلفيق وتزوير.. عن جثث وقتلى وشهداء فى مباراة القاهرة ولم يعتذر أحد عن الكذب والتحريض. صحفكم يا وزير صدرت صباح يوم مباراة الخرطوم تحرض على القتل والثأر والانتقام فى أسوأ سلوك مهنى فى تاريخ الصحافة العربية.. لقد تعرضت المنشآت والشركات المصرية لأعمال تدمير وعنف، وهددت حياة المصريين فى الجزائر بعد نشر الصحف هناك كذبا لحكايات الجثث والشهداء، لكن يبدو أن التوتر أصاب الدولة الجزائرية كلها، وشاب سلوكها وقراراتها. فعندما تحدث المهندس نجيب ساويرس عن خسائر أوراسكوم تيلكوم فى الجزائر من جراء العنف والتدمير قال إن التأمين هو الذى سيدفع تلك الخسائر، تذكرت الحكومة الجزائرية فجأة أن شركة أوراسكوم تيلكوم مطالبة بسداد ضرائب مستحقة منذ عام 2005 قدرها 596،6 مليون دولار كما قالت وكالة رويترز.. ويبدو لى أن هذا ترتيب مسبق ومخطط ومتفق عليه على أعلى المستويات، أو تحسب من جانب الحكومة لمطالبة أوراسكوم بتعويضات عن حوادث الاعتداء التى تعرضت لها فى الجزائر. ذلك يعنى لى أن الأمر فوق حدود الملعب، والمدرج، واللاعب، والمدرب والصحافة الجزائرية.. إنها الدولة.. إنها الدولة التى سكتت على الأكاذيب، ولم ترفضها أو توقفها، مما أشعل النار فى البلدين بين الشعبين! فى ساحات الرياضة كنا دائما عقلاء.. وقد نحزن لخسارة مباراة، ثم تعود لنا ابتسامتنا. وفى ساحات الرياضة تعرضنا كثيرا لعنف من أشقاء، وكنا نتسامح ونغفر للصغار.. ولكن حين تصبح ساحات الرياضة ميادين للحرب، والاعتداء المنظم على جماهيرنا، وحين يتكرر ذلك مرات ومرات، لابد من وقفة معكم.. وقفة تضع النقاط على الحروف.. يبقى أن أنصح الاتحاد الأفريقى بأن تجرى قرعة مرتبة اليوم لبطولة الأمم المقبلة فى أنجولا.. بإبعاد منتخب الجزائر الخضرة عن وجه منتخب مصر.. أنصحكم بذلك بشدة! شغب الجمهور الجزائرى بدأ قبل المبازاة مجرد صفحة ساخنة لجريدة جزائرية.. والمقالات كلها تحريض منذ أيام مارسيليا شهدت عنفًا جزائريًا يوم هزموا ويوم فازوا