فى الوقت الذى تفتح فيه إدارة مهرجان القاهرة الباب على مصراعيه أمام أفلام شاركت من قبل فى عدد من المهرجانات لتنافس فى المسابقة الرسمية وهو استثناء واضح للائحة، تصر فيه هذه الإدارة على تطبيق شروطها مع الأفلام المصرية فقط، بدون إبداء أسباب.. فبينما تم رفض مشاركة فيلم «المسافر» فى المسابقة الرسمية لاشتراكه فى مهرجان فينسيا، شارك فيلم «نيويورك» فى المسابقة الرسمية رغم مشاركته من قبل فى أحد المهرجانات بكوريا. وهو ما يفتح المجال واسعا أمام التساؤلات حول استراتيجية المهرجان؟ ولماذا يسمح لأفلام الفرز الثانى للعديد من المهرجانات للاشتراك فى أهم مسابقاتنا ولا نسمح بذلك لأفلامنا؟.. فهل نفتح الباب أم نغلقه؟ يقول المخرج والباحث سيد سعيد إن قوانين الاتحاد الدولى للمهرجانات تحرم على الأفلام التى شاركت من قبل فى مهرجانات، أن تشارك مرة أخرى فى مهرجانات معترف بها، فمهرجانات كان وفينيسيا وبرلين لا تأخذ أبدا فيلم تم عرضه فى مهرجان آخر، لكن هناك مهرجانات أخرى حصلت على صفة دولية فقط لأنها تعرض أفلاما من كل دول العالم، وليس لأنها دولية بمعنى الكلمة. كما أن هذه المهرجانات الدولية الثلاثة الكبيرة تشترط ألا يمر على الفيلم أكثر من عامين، فالمشاركة من عدمها تتوقف على قيمة المهرجان نفسه، فإذا اشتركت بمسابقة مهرجان القاهرة الدولية أفلام سبق عرضها فى مهرجانات أخرى فهذه هى قيمته. وأعتقد ان مهرجان القاهرة أصبح مثل مهرجان الإسكندرية يفتحها على البحرى ولا يطبق القوانين واللوائح، وأعتقد أن المهرجان إذا ثبت أنه لا يطبق اللوائح فمن الممكن أن تسحب منه صفة الدولية التى سبق أن سحبت منه بالفعل من قبل. وأضاف: ولا ننكر أن هناك فوضى تسيطر على المهرجان، والنجوم يعتبرونه سياحيا فيأتون لمشاهدة الأهرامات ويتناولون العشاء الفاخر فى أفخم الفنادق، لذلك أراه احتفالية ليس لها علاقة بالسينما كحالة ثقافية، والمثير أننا فى مصر نسعى لمنافسة مهرجان دبى، الذى يقام من أجل تنشيط السياحة هناك، أما نحن فلن نستطيع فعل ذلك لأننا لا نملك المورد الذى يجمل المهرجان فيحقق هذا الهدف، مادام لا يحقق هدفة الأسمى وهو أن يكون ثقافيا. ومن وجهة نظرى المهرجان لا يعرف أهدافه وهذا يعود إلى رئيسه عزت أبوعوف الذى لا يعرف كثيرا عن السينما وأتوقع أنه لم يذهب إلى مهرجانات دولية لينظم مثلها كما أن ثقافته محدودة جدا. ويقول الناقد يوسف شريف رزق الله: المسئول عن الأفلام فى المهرجان، أن هناك فرقا بين عرض الفيلم فى مهرجانات أخرى داخل المسابقة الرسمية وخارجها، فإذا كان خارج المسابقة فليس هناك أى أزمة فى قبوله داخل مسابقة المهرجان الرسمية. وأكد أنه يأخذ قرار موافقته على الفيلم بناء على استمارة يتعهد فيها صاحب الفيلم أنه لن يعرضه فى أى مهرجان من قبل، وعندما نتأكد من ذلك نوافق على مشاركة الفيلم. ويضيف: بعيدا عما حدث فى مهرجان القاهرة فاللائحة تغيرت منذ فترة قريبة، لأن الاتحاد الدولى للمنتجين أصدر قرارا يتيح لمشاركة الأفلام فى مهرجانات مختلفة بناء على كثرة المهرجانات فى كل دول العالم فأصبحت تعقد مهرجانات فى القرى الصغيرة. وليس معنى هذا أننا يمكن أن نشرك فى المسابقة الرسمية فيلما سبق عرضه، فنحن نتفادى هذا قدر الإمكان ولكن فى النهاية نحن نعتمد فى قرارنا على استمارة يملؤها صاحب الفيلم يكتب فيها أنه لم يشارك فى أى مهرجانات أخرى، وفى حالة الشك نسعى لنتأكد. كما أننا عندما نوافق على مشاركة فيلم قبل بدء المهرجانات بفترة طويلة نبلغهم مبكرا أنه داخل المسابقة الرسمية ونشترط ألا يشارك فى أى مهرجانات أخرى. وأكد رزق الله أنه لا يعرف إن كان الفيلم حقيقية شارك فى مهرجانات أخرى أم لا، لكن إذا فرضنا أنه شارك بالفعل فلن تكون أزمة، وأضاف: هناك مهرجانات أخرى عريقة فى إسبانيا «سان سبستيان» حضرته بنفسى وكان مشاركا فى مسابقته الرسمية فيلما عرض فى مهرجان «تورنتو» وكذلك هناك مهرجانات كبيرة تشرك أفلام شاركت فى مهرجانات كان وفينسيا وبرلين. وأشار يوسف إلى أن قرار الاتحاد الدولى للمنتجين جاء بعد أن زاد عدد المهرجانات ولم تجد أفلاما مهمة تشارك فى أنشطتها، وعندما أصبحت هناك أزمة حقيقية حدث هذا القرار، فلم تعد فرصة الحصول على فيلم جديد لم يعرض من قبل بالأمر السهل أبدا. وأضاف رزق الله بالنسبة للفيلم المصرى، فنحن أدبيا نرفض أن يشترك فيلم تم عرضه من قبل، فلابد أن يكون المصرى جديدا، لأننا نسعى بكل جهدنا أن يكون الفيلم الأجنبى المشارك جديدا فمن باب أولى أن يكون الفيلم المصرى جديدا. ونفى رزق الله أن تكون هناك عقاب على الفيلم الذى خرج عن اللائحة وقال هذا لا يعتبر مخالفة عند الاتحاد الدولى فكيف أعاقبه، ومن غير الطبيعى أن يسحب الفيلم من المشاركة وهو لم يخالف الاتحاد، ولكن سيكون هناك عتاب لأسرة الفيلم..! أما المنتج منيب شافعى رئيس غرفة السينما فيرى أن اختراق اللائحة لا يعتبر مشكلة كبيرة، وأضاف أن القائمين على المهرجان من الممكن أن يوافقوا على هذه الأفلام لأن لها رواجا فنيا كبيرا، وأن الناس ستسعد بمشاهدتها، لكن عندما يكون اختراق اللائحة متاحا للأفلام الأجنبية.. من باب أولى أن يكون متاحا أيضا للأفلام المصرية، ولكن ليست هناك مشكلة الآن فى المشاركة المصرية لأن فيلم «عصافير النيل» يجب الأفلام الأخرى، ونتمنى أن يحصد جائزة فى المهرجان. أما أحمد ماهر مخرج فيلم «المسافر» والذى لم يشارك فيلمه فى المسابقة الرسميه لهذا السبب قال إنه كان يتمنى أن يشارك بالفيلم فى المسابقة الرسمية للمهرجان ولكن هذا الشرط حال دون مشاركته، وطالب القائمين على المهرجان بألا يكيلوا بمكيالين. وأضاف ماهر أن مهرجان القاهرة يعانى من حيرة كبيرة خلال الفترة الاخيرة، لأنه بذل مجهودا كبيرا لكى يحصل على صفة دولية ويكون ضمن أكبر 13 مهرجانا فى العالم، ولا أنكر أن هذا مكسب كبير لنا كسينمائيين مصريين، لكن يجب أن يكون هناك مقابل تحصل عليه الأفلام التى تشارك فى فاعلياته لكى تضحى بمهرجان آخر وتأتى لمهرجان القاهرة، سواء كان من الناحية التوزيعية، أو من الجائزة الذى يحصل عليها الفيلم التى تكون وساما يستخدم فى الدعاية عند عرض الفيلم جماهيريا. ويضيف: حصول مهرجان القاهرة على صفة دولية وضعه فى ورطة كبيرة لأنه حرمه من أن يحصل على أفلام عرضت فى الثلاثة مهرجانات الكبرى كان وفينيسيا وبرلين، ولا أعرف لماذا يضع مهرجان القاهرة نفسه فى منافسة مع هذه المهرجانات الكبرى لأن الحقيقية أنه لا يوجد مهرجان يستطيع منافستها، فهذه المهرجانات لديها عدد كبير من الصحفيين حول العالم يكفوا بأن يروجوا للأفلام المشتركة فيها. ولا أعرف ما هو الفيلم الذى سيضحى صناعه بهذه المهرجانات الثلاثة من أجل المشاركة فى مهرجان القاهرة، أعتقد أنه لا يوجد، وهذا ليس معناه أننى كنت أعرف أننى سأشارك ب«المسافر» فى فينيسيا، عندما اعتذرت عن مهرجان القاهرة، لكنى خاطرت وانتظرت الفرصة والحمد لله تحققت.