الرئيس السيسى ونظيره الجنوب أفريقى يؤكدان مواصلة التعاون لتحقيق مصالح الشعوب الأفريقية    هل تعود مفاوضات سد النهضة بعد قمة البريكس الحالية؟    محافظ القليوبية يستقبل قيادات بيت العائلة المصرية    محافظ دمياط يوافق على النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي    غرفة صناعة الحبوب: زيادة مناشئ استيراد القمح ل22 عزز المخزون الاستراتيجي ل6 أشهر    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 24-10-2024 في محافظة البحيرة    وزيرة التخطيط والتعاون تجتمع مع بنك جي بي مورجان و"جيفرز المالية" لعرض نتائج برنامج الإصلاح    وزير الزراعة: صرف 39 مليون شيكارة أسمدة للفلاحين    جامعة بني سويف تحتل المرتبة 11 محليًّا و1081 عالميًّا بتصنيف ليدن المفتوح    جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق 50 صاروخا نحو الجليل الأعلى والغربي    أردوغان يودع بوتين ويغادر فورا بعد انتهاء مشاركته في اجتماع "بريكس بلس"    هل أجرت كوريا الشمالية حديثًا اختبارات لأسلحة «شديدة التدمير»؟    الغندور يفجر مفاجأة بشأن موعد حسم قضية ثلاثي الزمالك في الإمارات    إبراهيم فايق: استمرار احتجاز ثلاثي الزمالك ليوم 29 أكتوبر    القنوات الناقلة لمباراة نيس وفرينكفاروزي في الدوري الأوروبي    ليس فرد أمن.. إعلامي إماراتي يكشف مفاجأة عن هوية صاحب التيشيرت الأحمر    حملة أمنية تضبط 62 سلاحا ناريا و19 قضية مخدرات في أسيوط وأسوان ودمياط    مصرع شاب وإصابة آخر فى حادث انقلاب سيارة بطريق قنا سفاجا    بداخلها ألماظ ودهب وفلوس.. ضبط عاطل سرق خزنة شقة بالتجمع    بعد تداول منشور وتحقيقات سريعة.. الأمن يكشف لغز اقتحام 5 شقق في مايو    "سبت جوزي عشانه". حكاية علاقة الشيخ أشرف و "المنتقبة" تنتهي بمأساة    محمد محمود عبدالعزيز وزوجته سارة وشيماء سيف ضيوف «صاحبة السعادة»    وزير الصحة: تخصيص موازنة مستقلة للتنمية البشرية خلال الفترة المقبلة    فريق طبي ينقذ مريضا توقف قلبه بالمنوفية    "المشاط" تلتقي مجموعة جيفرز وبنك جي بي مورجان وممثلي الشركة العالمية لعرض نتائج الإصلاح الاقتصادي    محافظ أسيوط: استمرار تنظيم حملات النظافة ورفع المخلفات من شوارع مركز منفلوط    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر 2024    السوبر المصري - تفاصيل برنامج الأهلي تحضيرا لمواجهة الزمالك    تعرف على طاقم تحكيم مباراة الأهلي والزمالك    «الداخلية»: تحرير 523 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1395 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    كولر يعقد محاضرة للاعبين قبل التوجه لملعب مباراة السوبر    تعاون مع الأمم المتحدة لمواجهة الجرائم البيئية    موعد عرض Arabs Got Talent الموسم السابع 2024 والقنوات الناقلة    29 أكتوبر.. عرض مسرحية «قلبي وأشباحه» بموسم الرياض    الأمم المتحدة: تضاعف عدد القتلى من النساء فى النزاعات المسلحة خلال 2023    بدء تشغيل معامل جديدة بجامعة الإسماعيلية الأهلية (صور)    التأمين الصحي بالقليوبية يحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بمستشفى بنها النموذجي    مستشار بصندوق الأمم المتحدة للسكان: شيخوخة السكان مستمرة بوصفها ظاهرة عالمية    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت الحوفيين ضمن مبادرة "بداية".. صور    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل المصرية الدولية لمتابعة سير العملية التعليمية    تكليف 350 معلمًا للعمل كمديري مدارس بالمحافظات    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    اعتقال 200 فلسطيني من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الدولية    أخبار مصر: افتتاح مهرجان الجونة السينمائي، الأهلي والزمالك بنهائي السوبر، الذهب يحطم الرقم القياسي، ماذا قال باسم يوسف عن السنوار    ساعات على حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية.. من يحييه؟    نيقولا معوض يخدع ياسمين صبري في ضل حيطة    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    الأحد.. هاني عادل ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    ألمانيا تزيد شحنات الأسلحة إلى إسرائيل لتتجاوز التقديرات السابقة    فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف موقع عسكري بشمال إسرائيل    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    أول إجراء من الزمالك ضد مؤسسات إعلامية بسبب أزمة الإمارات    حملات أمنية مكثفة لمداهمة المصانع غير المرخصة بجميع المحافظات    فيديو مرعب.. لحظة سرقة قرط طفلة في وضح النهار بالشرقية    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع (هيئة رعاية المصريين العاملين بالخارج) ومناقشات الحزب الوطنى
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 11 - 2009

ناقشت لجنة السياسة الخارجية المنبثقة عن الحزب الوطنى الديمقراطى فى مؤتمره الأخير الاقتراح الخاص بإنشاء «هيئة لرعاية المصريين العاملين بالخارج»، وشارك فى المناقشات كل من أحمد أبوالغيط وزير الخارجية وعائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة والهجرة، والتقت الآراء حول ضرورة إقامة هذه الهيئة، وأن الأمر يتطلب إجراء دراسة وتدبير التمويل واستصدار قانون بإنشاء هذه الهيئة. ولوحظ أن وزيرة القوى العاملة والهجرة أشارت إلى أن تمويلها يمكن تدبيره عن طريق «رسوم» تدفعها الجاليات المصرية بالخارج (الشروق 1/1/2009).
وأضح من سياق هذا الحديث أن العقبة الرئيسية لإدخال هذا المشروع حيز التنفيذ هو التمويل. وبطبيعة الحال فإن حجم هذا التمويل يتوقف على عنصرين، الأول هو تحديد المخاطبين به، أى المستفيدين بهذا المشروع، والثانى طبيعة الخدمات ستقدم إليهم ومداها وتكلفتها.
فمن هم المستفيدون من هذا المشروع؟.. عندما اقترحت لأول مرة عام 1996، إنشاء هذه الهيئة خلال فترة عملى كمساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين بالخارج، كان جوهر اقتراحى ومبرر وجوده أن تكون بمثابة آلية دعم عملية للمغتربين العاملين بالخارج، على وجه التحديد، وتفعيلا لنص الفقرتين الأولى والثانية من قانون الهجرة رقم 111 لسنة 1983. وبهذا المعنى فإن المهاجر الذى حصل على جنسية دولة أخرى أصبح له وضع قانونى ونظام للرعاية وفقا لما هو مطبق فى الوطن الجديد، ومن ثم لا يدخل تحت مظلة الهيئة المقترحة. كما أن المصريين الذين يخرجون للسياحة مثلا لا يدخلون ضمن المستفيدين من هذه الهيئة، فمن شاء منهم تأمين نفسه يمكنه عمل بوليصة خاصة بذلك. كما أن أعضاء البعثات الدراسية مشمولون بنظام للرعاية خاص بهم تتولاه وزارة التعليم العالى.
وحكمة قصر هذا المشروع على المغتربين العاملين بالخارج تعود إلى أن الهدف الأساسى منه هو توفير مقدار من الحماية لهم بحكم أوضاعهم وظروفهم الخاصة، ولتوفير القدرات المالية للتعامل مع مشاكلهم وقضاياهم بالخارج، ولأنه لو تم فتح الباب على مصراعيه لكل الموجودين بالخارج للاستفادة من هذا المشروع، فإن ذلك سيتطلب موارد مالية ضخمة غير متيسرة. وليس فى ذلك بدعة، فالفلبين والهند وباكستان لديهم نظم رعاية تقتصر على العاملين بالخارج وحدهم دون غيرهم.
أما بشأن الأهداف أو الخدمات، وهو العنصر الثانى، فإنه بداية ليس هناك نظام رعاية كاملة أو مفتوحة فى أى دولة من دول العالم (Open ended)، ولكن هناك أولويات لهذه الرعاية لا بد من التوافق حولها، وأعتقد أن فى مقدمتها توفير الرعاية القانونية للمغترب الذى يعمل فى الخارج فى حالات إنكار العدالة بالنسبة للقضايا غير التجارية أو التعاقدية، وتوفير الإعاشة المؤقتة للمواطن وأسرته فى الحالات الطارئة الخارجة عن إرادته، ونقل جثمان المواطن غير القادر ليدفن فى أرض الوطن، تجنبا لمشهد وقوف المصريين على أبواب المساجد لجمع تبرعات لأسرة متوفى أو لدفنه، وغير ذلك من أمور يتم تحديدها بطريقة مدروسة وطبقا لمعايير وأولويات محددة، ووفقا للإمكانات المالية المتاحة لهيئة الرعاية.
ومن الخدمات الأخرى المقترحة التى يمكن أن تقوم بها الهيئة إعداد برامج توعية وتأهيل المغتربين العاملين فى الخارج، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم وبأوضاع وقوانين الدول التى يعملون بها، ومستويات المعيشة والأسعار بها وغير ذلك من معلومات أساسية، وهو ما يعرف بالتوعية الوقائية، التى تجنبهم العديد من المشاكل الناجمة عن غياب مثل هذه المعلومات. إضافة لتقديم دعم لروابط ونوادى وتجمعات المصريين فى الخارج، لتفعيل دورها الثقافى والاجتماعى، باعتبارها تمثل الذراع الأهلى لاحتضان المغتربين. وبطبيعة الحال فإنه من الصعب تحقيق أهداف هذه الهيئة دفعة واحدة، بل يتم ذلك بشكل متدرج تبعا لتوافر الموارد المالية.
وفيما يتعلق بهذه الموارد، وهى تشكل عصب هذه الهيئة، فإنه من المفضل أن تكون من مصادر متعددة، وأن يشارك فى توفيرها المغتربون والدولة معا.. ومن بينها على سبيل المثال:
فرض رسم إضافى محدود على المعاملات القنصلية (دولاران مثلا)، وتخصيص نسبة مئوية من إجمالى المتحصلات القنصلية لصالح هذه الهيئة (15% مثلا)، وما يقدمه الأفراد والهيئات من تبرعات ومنح، وما تخصصه الدولة من اعتمادات سنوية لهذه الهيئة، بحكم مسئولية الدولة عن رعاية أبنائها العاملين فى الخارج.
فإذا كانت الدولة تعتمد على تصدير المصريين للخارج تحت مسمى تصدير العمالة، لعجز الدولة عن استيعابهم فى هياكلها الاقتصادية الداخلية. فنتيجة لغياب وجود مشروع قومى تنموى شامل، أصبحت سياسة تصدير العمالة أحد محاور سياستها الاقتصادية والاجتماعية، لما تحققه من تحويلات وتستوعبه من وظائف. وإذا كانت الدولة تقوم بدعم صادراتها السلعية لتنافس فى أسواق التصدير الخارجية، فمن باب أولى دعم صادراتنا البشرية التى تحقق عائد يفوق الصادرات السلعية – باستثناء البترول.
وهناك مورد مسكوت عنه يمكن أن يوفر جانبا هاما من تمويل هذه الهيئة، يتمثل فى تعديل أسلوب منح التأشيرات.. فمن الأمور المستغربة أن قيمة تأشيرة الدخول لمصر التى تمنحها السفارات المصرية هى قرابة 25 يورو، بينما تلك التى تمنح فى المطارات المصرية 15 يورو، رغم أن هذه الأخيرة تعتبر بالمفهوم القنصلى خدمة خاصة واستثنائية، فالأصل هو الحصول على التأشيرة من سفاراتنا وقنصلياتنا بالخارج. وتفقد خزينة الدولة نتيجة لذلك ملايين الدولارات. وتصحيح هذا الوضع يجعل التأشيرة فى المطار مرتفعة عن تلك التى تمنحها بعثاتنا الدبلوماسية، وهو الوضع المطبق فى كل دول العالم، سيوفر جانبا من التمويل الذى نبحث عنه للهيئة المقترحة.
وقد يقال إن تصحيح هذا الوضع المعكوس بإضافة بضع دولارات على قيمة التأشيرة الحالية فى المطارات سيؤثر سلبا على الحركة السياحية، إلا أنه لو كان الأمر كذلك، فهو يعنى أن عناصر الجذب السياحى الأخرى والأساسية لدينا (الموقع والآثار والمناخ... إلخ) أصبحت لا وزن نسبى لها، ولم يبق سوى التأشيرة الرخيصة كعنصر جاذب للسياحة.
إن معظم المغتربين العاملين فى الخارج يوجدون فى منطقة الخليج، ومجتمعاتها شبيهة بمجتمعات مغلقة على أبنائها من الناحية الاجتماعية والسياسية، تحول دون الاختلاط أسريا بالمغتربين، مما يجعلهم هامشيين فى هذه المجتمعات بالمعنى السوسيولوجى البحت، ويصعب من أوضاع معيشتهم النفسية والمعنوية. كما أن نظام الكفيل مازال قائما فى دول الخليج (ما عدا مملكة البحرين الذى تخلت عنه مؤخرا)، وما فى هذا النظام من تجاوزات ومشكلات أحيانا، الأمر الذى يجعل من إقامة هيئة لرعاية المغتربين المصريين العاملين فى الخارج فى مثل هذه المناطق وغيرها أصبح أمرا ضروريا.
لقد كان الحديث حول إنشاء هذه الهيئة طوال أكثر من عقد «أشبه بحوار الطرشان».. وآن الأوان للنظر فى هذه المسألة كأحد قضايا الأمن القومى، وكآلية تشد أزر مواطنينا بالخارج، وإشعارهم بالاهتمام الحقيقى بشئونهم، مما يعمق روح الانتماء لديهم فيزداد عطاؤهم للوطن الأم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.