علمت «الشروق» من مصادر حزبية معارضة قريبة من دوائر صناعة القرار فى الحزب الوطنى الحاكم، أن الرئيس مبارك تراجع عن فكرة تأييد ترشيح نجله جمال فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2011. وقالت المصادر إن الرئيس مبارك أقدم على خطوات تنظيمية داخل الحزب قلص فيها صلاحيات جمال السياسية والحزبية، واعتبرت المصادر التى رفضت الإفصاح عن هويتها أن هذه الخطوة إيجابية، وتعد مؤشرا لتراجع فكرة التوريث، وأرجعت الأسباب لخوفه على مستقبل أبنائه من بعده فى ظل المتغيرات السياسية التى تمر بها البلاد حاليا. وفى تباين لردود الأفعال، اعتبرت بعض الأحزاب أن الأمر لا يهم كثيرا، وأن المهم هو ألا يترشح مبارك للرئاسة مرة أخرى، بينما رأى البعض الآخر أنه لو صحت المعلومة فهم جاهزون بطرح مرشح منافس للرئاسة. وقال ممدوح قناوى رئيس الحزب الدستورى الحر، «إذا فعلها الرئيس ولم يترشح ولم يرشح ابنه فسوف نكون جاهزين بمرشحنا فورا لأن أى باب يخرج البلاد مما هى فيه الآن فسوف نكون معه». وأشار قناوى ل«الشروق» إلى أن مرشحه للرئاسة سوف يكون الدكتور محمد البرادعى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لما له من خبرة قانونية وسياسية فى العمل العام وأنه أى البرادعى ربما يحصل على ضوء أخضر من الخارج فيدعمه بقوة فى مرشح الوطنى، وسوف يساعده ذلك على فرض نفسه فى الداخل. وحدد قناوى المواصفات التى لابد أن تتوافر فى الرئيس القادم وأسباب ترشيحه البرادعى دون غيره، وقال: «مصر بحاجة لشخصية قانونية بالدرجة الأولى مثل رئيس مجلس الشعب وأن يكون ممارسا للقضاء بأى شكل من أشكاله حتى تصبح مصر دولة قانون وكلها مواصفات تتوافر فى الدكتور البرادعى». وحدد قناوى السيناريو الذى يتمنى أن يحدث فى المرحلة المقبلة فى ذات الشأن، وقال: «نقطة البدء فى الإصلاح هى تأسيس جبهة وطنية تحت مظلة حزبية تتألف من كل الأحزاب فضلا عن أن المؤسسة العسكرية لن تعترض على ذلك لأنها تهتم بالمناخ وليس بالشخص المرشح». على الجانب المعاكس، فإن أحمد الجمال نائب رئيس الحزب الناصرى يرى أن الأمر لا يختلف لديه كثيرا لأن القضية على قوله ليست قضية التوريث فى ذاتها، لكنها كيفية انتقال السلطة بوجه عام. وقال ل«الشروق»: خطوة كهذه ستؤكد فقط أنه يحافظ على النظام الجمهورى للبلاد ولو كان عند الرئيس مبارك أجهزة تقيس الرأى العام بشكل جيد وتعكس له رغبات الشارع سوف يتراجع عن فكرة التوريث على الأقل. وأضاف: «أعلم أن هذا القرار يتسق مع قناعات الرئيس الأصلية، وأن الذى دعاه للتفكير فى ترشيح نجله جمال هو إلحاح بعض المقربين عليه». وانتقد ما وصفه بالتوريث السياسى لرئاسة أحزاب المعارضة، وقال: «لا نريد أن يحدث كما فعل ضياء الدين داوود رئيس الحزب الناصرى الذى ورث الحزب لنائبه سامح عاشور، ولا كخالد محيى الدين الذى تنازل عن الحزب للدكتور رفعت السعيد». وأعلن الجمال رفضه لترشيح أى من الشخصيات التى طرحت على الساحة، وعلى رأسها الدكتور محمد البرادعى والدكتور أحمد زويل ومنصور حسن وزير الإعلام الأسبق وعمرو موسى أمين عام الجامعة العربية. ودعا الجمال إلى تشكيل جمعية تأسيسية تقوم على فكرة عقد اجتماعى جديد فى مصر يراعى كل الأبعاد السياسية والاجتماعية وتغيير الدستور تمهيدا لتأسيس حكومة ائتلافيه، ورفض فكرة مجلس أمناء للبلاد، مشيرا إلى أن موقف المؤسسة العسكرية سوف يكون وطنيا خالصا لأنها جزء من تكوين المجتمع. فيما نبه الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أحزاب المعارضة إلى أن أمامها فرصة حقيقية وتاريخية خلال العامين المقبلين فى إنقاذ البلاد إذا ما اتحدت جهودهم جميعا. وقال: «المشكلة ليست فى جمال مبارك، لكنها فيما بعد مبارك، وهل يجوز له أن يرشح نفسه بعدما يصل عمره 83 عاما فى 2011، والأزمة ليست فقط فى التوريث». واعتبر نافعة أن أفضل السيناريوهات التى لابد أن تحدث هى العمل على تحديد مرحلة انتقالية ولتكن 5 سنوات على حد وصفه، وقال: «يعاد خلالها ترتيب أوراق مصر محليا، وتزال خلالها القوانين سيئة السمعة ويرشح للرئاسة الانتقالية مرشحا من خارج الأحزاب تخول له مهام محددة، وهى إعادة ترتيب الأوضاع وتهيئة الدولة للمرحلة الانتقالية وإعطاء الفرصة للأحزاب الحقيقية المعبرة عن مصر ثم تجرى انتخابات نيابية حرة ونزيهة تعطى الشرعية لمن يأتى على رأس الحكم».