كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    "نيويورك تايمز" ترصد تأثيرات صراع الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي    23 مركز إبداع مصر الرقمية "كريتيفا" فى مختلف المحافظات لدعم رواد الأعمال فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    هل ستلغى معاشات الضمان الاجتماعي؟.. التضامن توضح    إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية الجنوبية لبيروت    عشرات الشهداء والجرحى في قصف غير مسبوق على قطاع غزة    الرئيس الأوكراني: الأسبوع المقبل ربما يكون إيجابيا بشأن دفاعاتنا    الأردن يرحب بدعوة ماكرون وقف تصدير أسلحة للاحتلال تستخدم في حرب غزة    أحمد ياسر يكتب: إسرائيل بين أجندة التوسع وفشل المجتمع الدولي    الاحتلال يشن سلسلة غارات على شمال قطاع غزة    علي كرماني: أنا وكيل بلعيد بوثيقة رسمية.. وتصريحات القندوسي صحيحة ولكن    ريال مدريد يهزم فياريال بثنائية في الدوري الإسباني    عبد الحليم علي: الزمالك استحق لقب السوبر الإفريقي والجماهير من حقها الفرحة    أنشيلوتي: إصابة كارفاخال خطيرة    جوجل والجنيه.. دعم ل«الصناعة المحلية» أم عقاب لصنّاع المحتوى؟    إخماد حريق داخل فيلا بمنطقة التجمع الأول    مصرع 3 عناصر شديدي الخطورة في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بقنا    فوز الفيلم التونسي "المابين" بجائزة أفضل فيلم عربي بمهرجان الإسكندرية السينمائي    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    مسلسل تيتا زوزو الحلقة 11، ريم تكشف لخالد أنها حبيبته الأولى وال AI يشعر زوزو بالونس    نائب حزب الله: العدو الإسرائيلي يحاول التقدم برا والمقاومة تجبره على التراجع    أمين صندوق الأطباء للمحافظين: ما فائدة التصالح لعيادات وضعها مقنن من الأساس؟    الجيش الإسرائيلي يعترف بخسائر بشرية كبيرة 11 قتيلا و38 جريحاً    تشغيل خط سكة حديد الفردان – بئر العبد الإثنين المقبل    ملخص أهداف مباراة الأهلي والهلال في كلاسيكو دوري روشن السعودي    الزمالك يخوض 3 وديات استعدادا للسوبر المصري    هاتريك تورام ينقذ إنتر من فخ تورينو في الدوري الإيطالي ...الهلال يقلب الطاولة علي الأهلي في الدوري روشن السعودي    مصرع شخص إثر حريق بشقة سكنية في الدقهلية    مصرع ربة منزل وإصابة اثنين آخرين في حادث أعلى الطريق الدائري بالقليوبية    المصل واللقاح: موسم الخريف شهير بالعدوى التنفسية وأسوأ من فصل الشتاء    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    5 أبراج تشبه شخصية «المفتش كرومبو».. هل أنت منهم؟    «سابع سما» أول فيلم يسرد حكاية «Top Gun المصري»    القوات المسلحة تنظم المعرض ال17 للثقافات العسكرية "ذاكرة أكتوبر 2024"    الأكثر ضراوة منذ حرب 1948.. كيف وثقت صحافة العالم حرب 6 أكتوبر قبل 51 عاماً؟    بسبب سيارات ذوي الهمم.. أكثر من 44 ألف بطاقة تكافل وكرامة مهددة بالسحب    الضحية جنوى.. هاتريك ريتيجي يعيد أتالانتا إلى طريق الانتصارات في الدوري الإيطالي    سرق دراجة نارية وحاز مخدرات وأسلحة.. السجن المشدد 5 سنوات لعاطل في أسيوط    حدث في 8 ساعات| السيسي يترأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وفتح المتاحف العسكرية مجانًا    بالأسماء.. حركة تنقلات رؤساء الوحدات المحلية ب الدقهلية    قبل إحيائه ب12 يومًا.. ريهام عبدالحكيم تشارك جمهورها اختيار أغاني حفل «الموسيقى العربية»    دعم غير مشروط لفلسطين ولبنان فى افتتاح مهرجان وهران للفيلم العربى ال 12    تأجيل محاكمة المتهم في قضية الهجوم الإرهابي على فندق الأهرامات    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    صندوق مصر السيادي على طاولة "النواب" الأثنين المقبل    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    تناول الطعام في الوقت المناسب يقلل من الإصابة بمرض السكري    وزير البترول يناقش مع رئيس شركة توتال توسع أنشطتها الاستكشافية بمصر    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إصابة 13 شخصا في انقلاب ميكروباص بطريق «كفر داوود السادات» بالمنوفية    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مئات الفنانيين يقدمون للعالم أعمالهم في «ملتقى القاهرة الدولي للكاريكاتير»
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 07 - 2019

تحتضن القاهرة الآن مئات الفنانين من عشرات الدول والثقافات ليقدموا للعالم جديد الأفكار والمدهشات في فن الكاريكاتير، ليحق القول بأن الدورة السادسة "لملتقى القاهرة الدولي للكاريكاتير" عنوان للبهجة الكونية وابتسامة على وجه العالم، بقدر مايعيد هذا الملتقى للأذهان أسماء مصرية خالدة في عالم الكاريكاتير.
وفي وقت يبدي فيه مثقفون حول العالم شعورا واضحا بالقلق حيال تراجع الابتسامة وانحسار الضحك والفكاهة على المستوى الكوني، تأتي الإجابة مطمئنة ومبددة لكثير من هذا القلق العالمي مع هذه الدورة لملتقى القاهرة الدولي للكاريكاتير، التي اهديت لاسم وروح الفنان الراحل محمد عبد المنعم رخا، تستمر حتى 31 من شهر يوليو الجاري، بمشاركة 345 فنانا من 71 دولة فيما يصل مجموع الأعمال المعروضة إلى 420 عملا.
وملتقى القاهرة الدولي للكاريكاتير الذي افتتح مساء الأحد الماضي في "قصر الأمير طاز" الأثري بحي القلعة القاهري، يركز في دورته الحالية على "الثقافة ورموزها"، وتحل فيه دولة الكويت الشقيقة ضيفا للشرف، فيما تنظمه الجمعية المصرية للكاريكاتير بالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية، فضلا عن كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، ويتضمن برنامج الملتقى ندوات وورش عمل.
وكان الفنان فوزي مرسي "قومسيسير عام ملتقى القاهرة الدولي للكاريكاتير" قد أوضح أن الدورة الحالية للملتقى تهتم بالثقافة، باعتبارها من الركائز الأساسية في بناء الأمم وتحقيق التقارب بين الشعوب
وتشهد الدورة الحالية لهذا الملتقى الدولي قسما خاصا يحمل اسم الأديب النوبلي الراحل نجيب محفوظ، ويعرض فيه 100 "بورتريه" لفنانين في الكاريكاتير من مصر والكويت ولبنان والصين واليابان واسبانيا والبرتغال وكوبا وبيرو وكوسوفو.
وكرم الملتقى فنانين كاللبناني انس اللقيس والسعودي ايمن الغامدي والاماراتية آمنة الحمادي والكويتية سارة النومس ومواطنها الفنان أحمد القحطاني الذي قدم مجموعة بورتريهات للفنانين الراحلين إسماعيل ياسين وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، كما جرى تكريم الياباني تومو تاباتا وتسلم جمال رخا درع التكريم لوالده الفنان الكبير محمد عبد المنعم رخا.
والفنان المصري الراحل محمد عبد المنعم رخا الذي ولد عام 1910 وقضى في عام 1989 هو رائد لفن الكاريكاتير في الصحافة المصرية ومؤسس الجمعية المصرية لرسامي الكاريكاتير في عام 1984، وقد وصفه فنان كبير هو فنان الكاريكاتير الراحل أحمد طوغان بأنه "أستاذه الذي أثر فيه فنيا وإنسانيا" لافتا إلى أنه "فتح أبواب الكاريكاتير أمام المصريين".
وبعد فنان الكاريكاتير المصري عبد المنعم رخا، توالت أجيال من فناني الكاريكاتير العظام في مصر لتتوهج أسماء أعلام في هذا الفن الإنساني الساخر مثل "طوغان وزهدي وعبد السميع وصلاح جاهين وحجازي والليثي وجورج البهجوري واللباد ناهيك عن مصطفى حسين ورجائي وإيهاب وناجي شاكر ورمسيس وجمعة فرحات، وهو الرئيس الحالي للجمعية المصرية لرسامي الكاريكاتير".
ومع هذه الأسماء المصرية الكبيرة في فن الكاريكاتير، باتت القاهرة المركز العربي الأكثر أهمية للكاريكاتير وأحد المراكز العالمية لهذا الفن الكوني، واحتضنت حتى فنانين انحدروا من أصول غير مصرية كاالفنان الراحل الكسندر صاروخان الذي ولد عام 1898 وقضى عام 1977 ويعد بدوره من الرواد المؤسسين لفن الكاريكاتير بمصر.
وبقدر ما أثر الفنان الأرميني الأصل صاروخان في الحياة الثقافية والصحفية المصرية، بقدر ماتأثر بمصر التي قصدها عام 1924 بعد دراسته الفنية في العاصمة النساوية فيينا حتى تحول "لابن بلد"، وتعبر رسوماته عن "ابن البلد"، كما توزعت على صحف ومجلات عديدة وخاصة إصدارات "أخبار اليوم وروز اليوسف"، فضلا عن صحف أرمنية وفرنسية.
ولأنه تحول من "الخواجة صاروخان" إلى "ابن البلد صاروخان" وابتكر شخصيات مصرية في فن الكاريكاتير وأبدع فيها، فقد منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجنسية المصرية، فيما صنف كواحد من أهم 100 رسام كاريكاتير في العالم خلال القرن العشرين.
ولئن حق القول ان صاروخان لم يتمصر بصورة مفتعلة وانما بات مصريا قلبا وقالبا باختيار ثقافي أصيل، فمن الحق كذلك القول بأن قصة حياة هذا الفنان الكبير الذي ولد ببلدة "اردانوش" الأرمينية تعبر في أحد جوانبها عن مدى انفتاح الثقافة المصرية وتفاعلها الإيجابي مع الثقافات الأخرى في العالم.
وإذا كان الكاريكاتير لغة كونية ففى الثقافة الغربية كثير من الكتب لرسامى الكاريكاتير أو عنهم مثل ذلك الكتاب اللافت لرسام الكاريكاتير البلجيكي بريخت ايفينز الذي صدر بعنوان :"صنع الأكاذيب " وهو قصة مصورة وحكاية ضاحكة عن الصلف والعجرفة، بما قد يعيد للأذهان على نحو ما شخصية "المصري افندي" لصاروخان او "عزيز بك الأليت" لمصطفى حسين، ناهيك عن شخصيات مثل "السبع افندي وميمي بيه وبنت البلد ورفيعة هانم" التي ابدعها الرائد المؤسس محمد عبد المنعم رخا.
وفيما وصف بريخت ايفينز برسومه الكاريكاتورية المبهرة "بسفير بلجيكا الساخرة فى العالم" وكأحد أمراء السخرية المعاصرين في الثقافة الأوروبية، فلا جدال أن رخا الذي يكرمه ملتقى القاهرة الدولي الحالي للكاريكاتير كان أحد سفراء مصر الضاحكة الساخرة في العالم أحد أعظم أمراء السخرية المعاصرين في الثقافة العربية، وهى سخرية ذات طابع إنساني عميق.
وفي فن الكاريكاتير المصري لكل فنان لونه ولكل عبقريته..فصاروخان ورخا من الرواد المؤسسين، أما الراحل العظيم مصطفى حسين بدا مع قرين الروح أحمد رجب أقرب لرجل الشارع وأكثر تماسا مع الأزقة والحواري والنجوع والكفور، فيما كان العظيم المتعدد المواهب صلاح جاهين يراوح فى كيمياء العبقرية بين المرح والانقباض وبين انفعالات البهجة وانفعالات الغضب.
وإن مضى صلاح جاهين يتأرجح كالبندول بين حالة المرح اللازمة لابداع النكتة والكاريكاتير وبين حالة الحزن التي تتجلى في شعره ورباعياته الفاتنة، فقد حلق مصطفى حسين ببصيرة المعنى والإبداع على إيقاع اللحظة المصرية، لتتوالى مع إشراقة كل شمس رسومه الصريحة بنزعتها الواقعية، وابتعادها الشجاع عن الأقنعة التي قد تخاصم قابليات التأويل لكنها تتجه بالبساطة والعمق معا لسويداء القلب، وتصنع بابتسامة عريضة او قهقهة صاخبة نوعا من التوازن النفسى للمتلقى.
وفن الكاريكاتير- كما توضح كتابات ثقافية متعددة-يسخر من كل مايعادى الروح الإنسانية الأصيلة في جوهرها الطيب وفطرتها النقية، بقدر مايربت بيد حانية على كل من جرحته الأيام وأفعال الشر والحمق.
وهذا كله يتجلى في إبداعات فناني الكاريكاتير المصريين أو "سفراء مصر الضاحكة في العالم" مثل الفنان الراحل مصطفى حسين الذي قضى في السادس عشر من أغسطس عام 2014 و"صاحب الشراكة الثقافيةالابداعية الفريدة" مع الكاتب العظيم أحمد رجب الذي قضى بعده بنحو شهر واحد.
إنها الشراكة الثقافية-الابداعية التي شكلت جامعة في السخرية الهادفة نبتت من تراب مصر وتوالت تجلياتها مابين "فلاح كفر الهنادوة" و"كمبورة" و"عبده مشتاق" و"عزيز بيه الأليت" و"الكحيت"و"علي الكومندا" و"عباس العرسة" و"قاسم السماوي" و"عبد الروتين" و"عبده العايق" و"مطرب الاخبار"."
وهى أسماء من خميرة سخرية معتقة عرفت طريقها لوكالات أنباء عالمية ووسائل إعلام دولية تناولت ظاهرة أحمد رجب-مصطفى حسين التي يمكن القول دون أي تزيد أنها ظاهرة مصرية حلقت بأجنحة الاخلاص والابداع عاليا عاليا في سماء العالمية.
و"ابن البلد" مصطفى حسين الذى ولد فى السابع من مارس عام 1935 وتفرد فى التعبير بريشة الفنان عما يعتمل في صدور الناس من عجب أو غضب واستنكار ينتمى لمدرسة السهل الممتنع والقدرة على تطويع المعانى في قوالب مشحونة بالحيوية والطاقة الضاحكة، فيما يمد يده بحب لينقذ ابناء البلد من قاع الاكتئاب السحيق ويقدم لهم ترياق البهجة .
وهو في ذلك يعبر بسلاسة المبدع عن حقيقة الشخصية المصرية التي تحتفل بالحياة حتى في أكثر اللحظات دقة وخطورة، ليكون بحق أحد عباقرة فن الإمساك باللحظة المصرية والتقاط واقتناص مايهم رجل الشارع، وهو مايدخل بالفعل فى خبايا الإبداع التي لايمكن تفسيرها بالعقل أو الحديث عنها بالمنطق والاتكاء على مرجعية أو مراجع.
وسواء في حالة رخا او مصطفى حسبن وصلاح جاهين والليثي وحجازي والبهجوري وعبد السميع وطوغان وغيرهم من الفنانين المصريين الكبار في عالم الكاريكاتير، كان الولاء للوطن وللشعب عنوان وجوهر رحلتهم الإبداعية الخالدة والتي شكل جزءا عزيزا من الذاكرة الثقافية المصرية.
واللافت أن بعض أهم رسامي الكاريكاتير في مصر مثل الراحل العظيم مصطفى حسين والفنان الكبير الراحل أحمد طوغان الذي قضى في الثاني عشر من نوفمبر عام 2014 هم أصحاب إسهامات إبداعية مهمة في الفن التشكيلي.
أحمد طوغان الذي كان رئيس "الجمعية المصرية للكاريكاتير" كان فنانا تشكيليا كبيرا شأنه في ذلك شأن بعض مشاهير فن الكاريكاتير في مصر مثل الراحل مصطفى حسين الذي كن رئيسا للجمعية من قبل فيما تكشف لوحاته التشكيلية، وإن كانت قليلة عن اهتمام اصيل بالعادات والتقاليد الشعبية المصرية مثل "السبوع" و"دقة الزار" و"المحمل".
ورغم الشعور بفداحة الفقد لأسماء مصرية خالدة في فن الكاريكاتير فمصر بمقدورها دوما انجاب المبدعين وللفكاهة في مصر تاريخها العريق وروح الفكاهة عنصر متأصل في المصريين منذ القدم، "فمنذ برزوا على صفحة الزمن وهم يضحكون ويسخرون ويتهكمون" على حد تعبير أحد كبار المثقفين المصريين والرئيس السابق لمجمع اللغة العربية بالقاهرة وهو الراحل الدكتور شوقي ضيف في كتابه "الفكاهة في مصر".
ولئن وصف الدكتور شوقي ضيف، حقبة الاحتلال التركي لمصر "بعصر الظلام"، معتبرا أن الظلام خيم على مصر حينئذ في كل شيء، فإنه يوضح في كتابه أن المصريين لم يكن امامهم سوى السخرية من هذا الاحتلال الظلامي الغاشم.
والآن تشير الكاتبة والمبدعة التركية اليف شفق إلى ظاهرة استخدام نظام أردوغان "لسلاح الملاحقات القضائية ضد المفكرين والمبدعين والكتاب والصحفيين والأكاديميين"، معيدة للأذهان أن أحد أشهر رسامي الكاريكاتير في تركيا وهو موسى كارت قضى 5 أشهر في السجن ثم نال إفراجا مشروطا، ويمكن أن يدخل السجن مجددا ولكن هذه المرة لمدة تصل إلى 29 عاما.
وبقدر ما ينعش "الضحك" القلوب والنفوس فإنه يشكل اهتماما للمثقفين في كل مكان وزمان، ويثير انحساره أو تراجعه في الحياة اليومية قلق مثقفين سواء في الشرق أو الغرب والفن في صوره المتعددة، ومن بينها الكاريكاتير هو القادر فى نهاية المطاف على لم شمل البشر.
كما تقول راشيل كوك فى تناولها لكتاب لرسام الكاريكاتير البلجيكى بريخت ايفينز والذى تصفه بأنه أعظم من انجبته بلاده فى هذا الفن منذ الفنان البلجيكى الراحل هيرجيه صاحب مغامرات "تان تان" الشهيرة وصاحب البصمة الباقية على فن الكاريكاتير فى الغرب بأكمله.
وقضية تراجع الضحك والفكاهة والكتابات الساخرة تشكل هما لبعض المثقفين البارزين في الغرب مثل الكاتبة البريطانية زوي ويليامز، وهاهو الكاتب والمؤلف التلفزيوني ارماندو لانوتشي يشعر بالقلق حيال هذه الظاهرة.
وهذا الكاتب لاسكتلندي الذي ولد في الثامن والعشرين من نوفمبر عام 1963 في جلاسجو ، وينحدر والده من أصل إيطالي هو من كبار الكتاب الساخرين في الغرب اليوم، غير أنه يرى ان هناك شيئا ما قد تغير الآن في الكتابات الساخرة.
ومسألة الضحك تشكل اهتماما لمثقفين وفلاسفة كبار في العالم مثل الفيلسوف الفرنسي الراحل هنري برجسون الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1927 وصاحب الكتاب الشهير في "الضحك"، فيما قال هذا الفيلسوف الذي قضي في الرابع من يناير عام 1941 :"يضحكنا ان نجد انفسنا داخل نسق جاهز ويضحكنا قبل كل شيء ان يكون المرء نسقا يمكن لآخرين ان يدخلوا فيه بسهولة أي أن يتجمد الإنسان في نسق".
ولئن كانت الكتابات الضاحكة والرسوم الساخرة في اعتقاد المتحمسين لها في الغرب "تجعل الحياة تستحق الحياة" فمن نافلة القول ان الأدب الساخر والكتابات والرسوم الكاريكاتورية الضاحكة على وجه العموم تقوم على التقاط المفارقات، وتعمد للمبالغات وطرح مالا يتوقعه المتلقي، وهو ما يتجلى الآن في ملتقى القاهرة الدولي للكاريكاتير..إنه حقا عنوان للبهجة الكونية وابتسامة مصرية على وجه العالم!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.