كشف د. محمود فؤاد، رئيس قسم الطاقة الميكانيكية بهندسة القاهرة، عن أسلوب جديد قام بتصميمه لتكييف وتنقية الهواء تخطط هيئة مترو الأنفاق لاستخدامه قريبا، بعد مناقصة يتم إجراؤها فى غضون أسابيع. التقنية الجديدة تعمل على دمج أسلوبين من أساليب تنقية الهواء لم يتم استعمالهما فى مصر من قبل، حيث يقول د. محمود: الأسلوب الأول يستهدف تنقية الهواء من خلال أجهزة التكييف المركزى، بتركيب أجهزة لإصدار الأشعة فوق البنفسجية تقوم بقتل الميكروبات والجراثيم فى جهاز ضبط تكييف الهواء، المسئول عن إعادة تدوير الهواء وتبريده. أما الأسلوب الثانى فيقوم بتنقية مجارى الهواء التى تصل بين التكييف المركزى إلى الأماكن المختلفة. ويعتمد هذا الأسلوب على تقنية «تنشيط الأكسجين» أى إيجاد أيونات أكسجين سالبة وأخرى موجبة بحيث تنجذب هذه الأيونات بين بعضها البعض، وينتج عن اتحادها شحنات كهربائية مبيدة للجراثيم والميكروبات.. هذه التقنيات ابتكرها علماء سويسريون، كان دورى هو توظيفها فى نظام هندسى كتطبيق جديد لهذه التكنولوجيا. ويقول د. محمود إن التقنيات السويسرية قد تم استعمالها فى نطاق ضيق فى بعض دول شرق آسيا فى أوائل الألفية عند انتشار فيروس سارس، الذى يصيب الجهاز التنفسى إلا أن استخداماتها مازالت محدودة فى العالم ومعدومة فى مصر، وآمل أن يساهم تصميمى فى إثارة الاهتمام بهذه التكنولوجيات الحديثة. يعمل د. محمود فى مجال بحث تنقية الهواء منذ أكثر من 15 عاما، حين بدأ بحثه بشكل مكثف فى حركة الهواء «إيروداينمكس» كأستاذ زائر بجامعة بيركلى كاليفورنيا، ضمن أحد برامج التبادل الثقافى التى تديرها هيئة فولبريت للتبادل الثقافى. وهو الآن رئيس الهيئة الأمريكية لمهندسى التكييف ASHRAE فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وأشرف على عشرات من الرسائل العلمية المتخصصة فى مجال جودة الهواء الداخلى Indoor air quality. إلا أن الاهتمام بهذا المجال العلمى فى مصر قد ازداد بشدة بعد ظهور مرض إنفلونزا الخنازير. وهيئة مترو الأنفاق تدرس إقامة مناقصة لتطبيق التصميم الذى قمت به خلال الشهرين المقبلين، يقول د. محمود الذى يأمل فى تعميم هذا التطبيق بالمستشفيات والمدارس، لكن الأولوية لمترو الأنفاق، «فمثلا فى اللحظة التى يلتقى فيها 2 مترو فى محطة واحدة، ممكن تلاقى 10 آلاف بنى آدم فى مكان واحد ومغلق، ودى بيئة مثالية لانتقال العدوى». ويتمنى د. محمود نجاح تنفيذ التطبيق قبل أن يشتد برد الشتاء الذى يعد موسم الإنفلونزا. وعلى مدار سنوات من الأبحاث وجدت أغلب الناس فى مصر غير واعية بأهمية تنقية الهواء، ويظنون أن تكييف الهواء يقتصر على الراحة الحرارية، أى تبريد الهواء أو رفع درجة حرارته، ويقول د. محمود «إلا أن العنصر الأكثر أهمية هو تطبيقات التكييف الصحية كتنقية الهواء لمنع انتقال الهواء من مكان لآخر». وقد وجد د.محمود من خلال أبحاثه أن أغلب المكاتب فى مصر تضحى بجودة ونقاء الهواء فى سبيل الراحة وتبريد الهواء من خلال التكييف، وهذا يؤدى إلى أن نسبة الأكسجين النقى فى الجو تقل ونسبة ثانى أكسيد الكربون تزيد، وهذا معناه إصابة الموجودين بالصداع وقلة التركيز. فيما يسمى بمتلازمة مرض المكتب Sick Building Syndrome كما أن الأمر يزداد خطورة فى الفصول المدرسية التى تصل كثافتها أحيانا لأكثر من 60 تلميذا، يتكدسون فى مكان ضيق. «الأبحاث العلمية الحديثة تؤكد أن وجود الأطفال فى بيئة ملوثة يؤدى لتدهور قدراتهم العقلية، والناس هنا متخيلة أن التهوية معناها إن الواحد يفتح الشباك وبس». يؤكد د.محمود أن الأسلوب العلمى للحفاظ على جودة الهواء ومنع انتشار الأمراض هو دراسة نسبة الملوثات فى الهواء مقارنة بنسبة الهواء النقى الداخل للمكان، وتحديد الوسيلة المثلى لتهويته. أما الاكتفاء بوضع نباتات داخل الفصول وقاعات المحاضرات، وفتح الشبابيك فهى مجرد عوامل مساعدة للتهوية وليست كافية بالضرورة.