كسبت حركة حماس نقطة ثمينة في وجه إسرائيل وخصومها في السلطة الفلسطينية بنيلها الإفراج عن عشرين أسيرة فلسطينية مقابل شريط الفيديو المصور الذي تم بثه مؤخرا للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي تحتجزه منذ يونيو 2006 ، كما يرى محللون. ومنذ أسر الجندي الشاب في 25 يونيو 2006 في عملية جنوب إسرائيل عند الحدود مع قطاع غزة ، يعتبر الإفراج عن أسيرات فلسطينيات نجاحا نادرا تفتخر به الحركة الإسلامية التي طردت السلطة الفلسطينية من القطاع في يونيو 2007. ومن المؤكد أن حماس لم تفلح في فك الحصار الإسرائيلي المفروض بعد انقلابها ولا في المقاومة بشدة أمام الهجمات العسكرية الإسرائيلية ولا أن تكتسب شرعية دولية حيث أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ما زالا يعتبرانها منظمة "إرهابية". لكن بإمكانها الافتخار بأنها سمحت للفلسطينيات باستعادة حريتهن دون أي مقابل سياسي وذلك بفضل المقاومة المسلحة. وقال الأستاذ ناجي شراب في جامعة الأزهر بغزة "في نظر الرأي العام الفلسطيني انه نجاح كبير يدل على أن المقاومة تؤتي ثمارها في نهاية المطاف". وأضاف المحلل "أنها أيضا رسالة من حماس إلى أوروبا، وتأمل بذلك التوصل إلى نوع من الاعتراف" ، مشيرا إلى أن الدبلوماسيات الأوروبية مدعوة إلى إقامة اتصالات متحفظة مع حماس باعتبارها سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة. وصحيح أيضا أن إسرائيل أفرجت في الماضي عن أسرى لتبرهن عن حسن نيتها مع السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس شريكها في المفاوضات. "لكن هذه المرة تختلف الأمور تماما"، كما يقول الأستاذ مخيمر أبو سعادة في جامعة الأزهر حيث أن "إسرائيل تفرج عن أسرى تحت الضغط". وبشكل عام تعتبر هذه الصفقة صفقة مهمة لحماس التي قال أن شعبيتها "في تراجع منذ حزب غزة" في نهاية السنة الماضية وبداية السنة الحالية بسبب الخسائر المدنية الفادحة والبؤس اليومي والدمار الكبير الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بالقطاع. واعتبر الأستاذ في العلاقات الدولية سمير عوض من جامعة بيرزيت بالضفة الغربية "الإفراج عن الأسيرات هاما جدا بالنسبة لحماس ، انها خطوة أولى وسيكون الانتصار الكبير عندما يتم التوصل إلى اتفاق شامل حول الأسرى". وفي مقابل جلعاد شاليط ، تدعو حماس إلى الإفراج عن مئات الأسرى الذين ترفض إسرائيل حتى الآن أطلاق سراحهم. واعتبر المحلل أن "إسرائيل حاولت عبثا الإفراج عن جنديها بالقوة ولم يبق أمامها من خيار سوى التفاوض". ورغم أن المسئولين الإسرائيليين يجهرون بان المبادلة لا توحي بشيء بشان اتفاق حول إفراج قريب عن الجندي ، فإن قادة حماس لا يخفون من جهتهم ارتياحهم. وقال رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية في تجمع في غزة "إنه يوم نصر للمقاومة الفلسطينية" ، بينما حذر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل من منفاه في دمشق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو قائلا أن "المقاومة التي استطاعت اسر شاليط والاحتفاظ به وحسن معاملته، قادرة أيضا على احتجاز رهائن آخرين حتى لا يبقى أي أسير فلسطيني في سجون العدو". وفي الشريط الذي تسلمته السلطات الإسرائيلية الجمعة بدا جلعاد شاليط بخير وقال "آمل أن لا تفوت الحكومة التي يقودها بنيامين نيتانياهو فرصة التوصل إلى اتفاق كي أتمكن من تحقيق حلمي ونيل الحرية".