رسميًا.. موقع نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 علمي وأدبي (رابط مباشر الآن)    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    احتفالية كبرى بمرور 100سنة على تأسيس مدرسة (سنودس) النيل بأسيوط    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 22 سبتمبر بعد الانخفاض بالبنوك    الدفاعات الإسرائيلية تتصدى ل 15 صاروخا أطلقها حزب الله (فيديو)    الدفاعات الإسرائيلية تحاول التصدي لرشقات صاروخية أطلقها حزب الله (فيديو)    الرجاء يفوز على سمارتكس 0/2 ويصعد لمجموعات دوري أبطال أفريقيا    حسين الشحات: الأهلي في أتم الاستعداد لتحقيق السوبر الأفريقي بعد الدوري ال 44    وسام أبو علي: نسعى للتتويج بكأس السوبر الإفريقي    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري الجديد    تراجع الحرارة وأمطار.. الأرصاد تُعلن تفاصيل طقس أول أيام الخريف    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    تطورات الحالة الصحية للفنانة آثار الحكيم بعد نقلها للمستشفى    إسماعيل الليثى يتلقى عزاء نجله بإمبابة اليوم بعد دفن الجثمان بمقابر العائلة    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    نشأت الديهي: الاقتصاد المصري في المرتبة ال7 عالميًا في 2075    عيار 21 الآن واسعار الذهب اليوم في السعودية الأحد 22 سبتمبر 2024    الموزب 22 جنيهًا.. سعر الفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    عاجل.. بدء حجز وحدات سكنية بمشروع «صبا» للإسكان فوق المتوسط بمدينة 6 أكتوبر    أحمد شكري: كفة الأهلي أرجح من الزمالك في السوبر الإفريقي    خالد جلال: الأهلي يتفوق بدنيًا على الزمالك والقمة لا تحكمها الحسابات    مواجهة محتملة بين الأهلي وبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا    وزير الشباب والرياضة يشيد بحرص القيادة السياسية على تطوير المنظومة الرياضية    صيادلة المنوفية تُكرم أبنائها من حفظة القرآن الكريم    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    وزير الخارجية يلتقي مع كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة    الخارجية الأمريكية تطالب رعاياها بمغادرة لبنان    لقاء مع صديق قديم يوقظ مشاعر رومانسية.. تعرف على حظ برج القوس اليوم 22 سبتمبر 2024    مختارات من أشهر المؤلفات الموسيقى العالمية في حفل لتنمية المواهب بالمسرح الصغير بالأوبرا    بسمة وهبة تكشف عن سرقة "عُقد وساعات ثمينة" من الفنان أحمد سعد بعد حفل زفاف نجلها    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    «موجود في كل بيت».. علاج سحري لعلاج الإمساك في دقائق    شاهد عيان يكشف تفاصيل صادمة عن سقوط ابن المطرب إسماعيل الليثي من الطابق العاشر    أخبار × 24 ساعة.. طرح لحوم مجمدة ب195 جنيها للكيلو بالمجمعات الاستهلاكية    جثة أمام دار أيتام بمنشأة القناطر    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    أحمد موسى يوجه رسالة إلى حزب الله: «يا سيدي اضرب من أي حتة» (فيديو)    حزب الله يعلن استهداف مواقع إسرائيلية بصواريخ الكاتيوشا    "الصحة العالمية": نقص 70% من المستلزمات الطبية للمنشآت الصحية في غزة    الصين وتركيا تبحثان سبل تعزيز العلاقات    محافظ الإسماعيلية يناقش تطوير الطرق بالقنطرة غرب وفايد    رئيس شعبة بيض المائدة: بيان حماية المنافسة متسرع.. ولم يتم إحالة أحد للنيابة    خبير يكشف عن فكرة عمل توربينات سد النهضة وتأثير توقفها على المياه القادمة لمصر    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    د.حماد عبدالله يكتب: "مال اليتامى" فى مصر !!    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    المحطات النووية تدعو أوائل كليات الهندسة لندوة تعريفية عن مشروع الضبعة النووي    مصرع طفل صدمته سيارة نقل في قنا    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    الحكومة تكشف مفاجأة عن قيمة تصدير الأدوية وموعد انتهاء أزمة النقص (فيديو)    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغالطات الحكومة فى الخصخصة الجديدة
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 03 - 2018

أعلنت الحكومة فى مارس الحالى عن خطتها لخصخصة عدد من أكبر الشركات وأكثرها ربحية، وذلك تحت مسمى المرحلة الأولى لبرنامج الطروحات للشركات فى البورصة، حيث تضمنت القائمة ثلاثا وعشرين شركة منها شركات فى خدمات البترول والتكرير مثل شركة (إنبى) كما شمل البرنامج طرح شركة سيدى كرير للبتروكيماويات، وفى قطاع الخدمات المالية: بنك التعمير والإسكان، بنك الإسكندرية، بنك القاهرة، شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية «E finance»، شركة مصر للتأمين، وفى القطاع العقارى سيتم طرح شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وشركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، وفى خدمات المستهلك سيتم طرح شركة الشرقية «إيسترن كومبانى»، كما سيتم طرح شركة مصر للألومنيوم، وقالت وزارة المالية إنه من المتوقع أن تصل القيمة الإجمالية للأسهم المطروحة ضمن برنامج الحكومة نحو 80 مليار جنيه، وتقرر أن تتراوح النسب المطروحة من الشركات ما بين 15 30%، وقال وزير المالية، إن البلاد تستهدف طرح حصص ما بين 4 و6 شركات حكومية بالبورصة خلال 2018 لجمع 12 إلى 15 مليار جنيه.
***
ويلاحظ أن هذه عودة قوية لبرنامج الخصخصة الذى كان قد توقف فى أواخر عهد مبارك بعد أن اتضحت خطاياه، ولكن الحكم الحالى الذى ينفذ ما يراه صوابا بغض النظر عن عواقب هذه السياسات كان أكثر جرأة فى التخلى عن الشركات الرابحة للقطاع العام وخاصة مع إدراكه لعدم وجود معارضة تتصدى لهذه السياسة ولسيطرته على الإعلام الذى يعرض رؤية الحكومة دون مناقشة جدية، وهو ما اتضح من تهليل كل البرامج لهذه الطروحات التى يبررونها بأنها توسع نطاق الملكية وتؤدى إلى العدالة الاجتماعية وتحسن الأداء فى الشركات، وفى اعتقادى أن ما سيحدث هو العكس فمشكلتنا الأساسية أن الحكومة لا تتعلم من الأخطاء بل تكرر نفس السياسة وتتوقع نتائج مختلفة، والدليل على ذلك ما يلى:
أولا: البداية فى تحديد الهدف من هذه الطروحات، حيث أعلن رئيس الوزراء أن المستهدف زيادة رأس المال السوقى للبورصة المصرية وزيادة قيمة وكمية التداول اليومى، على الرغم من أن العاملين فى مجال الاقتصاد يعرفون أن هذه المبيعات هى جزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولى وأن الحكومة تريد البدء فى هذا الإجراء قبل المراجعة الدورية لخبراء الصندوق فى يونيو القادم، كما أن قوة البورصة تكون نتيجة لقوة الاقتصاد وليست سببا لقوة الاقتصاد، وبالتالى فالأكثر أهمية هو زيادة الاستثمارات وليس مجرد نقل الملكية من الحكومة لبعض المستثمرين.
ثانيا: وللدلالة على ضخامة الشركات المطروحة وكثرة عددها وأن الأمر هو مجرد محاولة بيع ما يمكن بيعه للحصول على المزيد من الأموال، وليس نتيجة تخطيط واضح للاقتصاد، فقد صرح وزير المالية قبل شهر فقط وفى فبراير 2018 بأن الطروحات ستشهد ما بين 8 و10 شركات وإذا بالإعلان بعد أسابيع عن طرح 23 شركة من كبرى الشركات.
ثالثا: يلاحظ أن هيئة سوق المال أطلقت عددا من القواعد المالية الجديدة حيث يتم السماح بشراء وبيع الأوراق المالية النشطة بالبورصة وإجراء التسويات المالية عليها فى اليوم نفسه، بهدف اختصار زمن التسوية، وهو ما يسهم فى جذب المستثمرين والمضاربين وزيادة حجم التداول والسيولة فى السوق، وهو ما يؤدى إلى المزيد من المضاربة على الأسهم وارتفاع أسعارها وهو ما يفيد المضاربين وخاصة الأجانب الذين يسعون إلى ما يسمى (تسخين السوق) لكى يبيعوا ما اشتروه بسعر أعلى ثم يغادروا مع أرباحهم الكبيرة، وهذا بالطبع لصالح المضاربين ولكنه ليس فى صالح الاقتصاد أن تتحول البورصة إلى ما يشبه ساحة للمقامرة.
رابعا: ومما يدخل فى نطاق الدعاية ما صرح به وزير المالية: «إننا لا نخصص الشركات وإنما نعمل على إيجاد موارد مالية لإعادة هيكلة الشركات» فإذا كانت هذه الشركات كما يصرحون من الشركات الرابحة فهى لا تحتاج إلى إعادة هيكلة، وبالطبع فإن الحكومة بعد أن قامت بالبيع فإنها لن تضخ ما حصلت عليه لتطوير الشركة أو الإضافة إليها. وللتوضيح فلنفترض أن شخصا يملك منزلا يحتاج إلى ترميم ولكنه مَدِين وغير قادر على ذلك فيقوم ببيع هذا المنزل، فهل يعقل أن يستخدم ثمن البيع فى ترميم المنزل الذى باعه؟ ما سيحدث أن الحكومة ستستخدم حصيلة ما باعته فى سداد جزء من العجز فى الموازنة حتى تنخفض نسبة العجز إلى الحد الذى يطلبه صندوق النقد الدولى وفقا لقرض ال12 مليار دولار، وبالتالى فلا داعى لهذه التصريحات التى تهدف إلى طمأنة المواطنين بما لن يحدث، لأنه إذا كانت الحكومة ترغب فى زيادة قدرات هذه الشركات فكان عليها أن تزيد رأس المال من خلال طرح الزيادة للاكتتاب وبالتالى تتوسع قاعدة الملكية وتحصل على أموال جديدة تستخدمها فى زيادة الاستثمار، أما وإنها باعت جزءا من حصتها فلن تستخدم ما حصلت عليه فى إعادة الاستثمار.
خامسا: كانت الحكومة المصرية قد تعاقدت العام الماضى 2017 مع شركة «إن آى كابيتال» التابعة لبنك الاستثمار القومى لإعداد برنامج الطروحات العامة للشركات الحكومية فى البورصة المصرية، وتأخرت عمليات الطرح بسبب أن هناك بعض الشركات التى لها مديونيات لبنك الاستثمار القومى، وبعض التشابكات المالية الأخرى، ولم يتضح ماذا ستفعل الحكومة فى ذلك، وخاصة فى المديونيات لبنك الاستثمار القومى.
سادسا: القول بأن قيمة الأسهم المطروحة 80 مليار جنيه يرتبط بكيفية تقدير قيمة الأسهم لكل شركة وهو ما يسمى القيمة العادلة للأسهم، وتواجه الحكومة فى ذلك مشكلة فى كل عمليات تقدير قيمة الأسهم، وكل الطرق التى اتبعتها الحكومة سابقا شابها القصور أو الفساد، فما هى الطريقة التى سيتم بها تقدير قيمة أسهم هذه الشركات الرابحة، وخاصة أن الحكومة متلهفة على البيع فهل ستعرض هذه الأسهم بقيمة تقل عن القيمة العادلة لضمان سرعة البيع وهى بذلك تُفرط فى أصول لن تتكرر بثمن بخس.
سابعا: أما القول بأن هذه المبيعات ستؤدى إلى توسيع نطاق الملكية والثروة فهو قول خاطئ حيث ستؤدى هذه المبيعات إلى زيادة تركز الثروة فى أيدى الأقلية، فمن سيشترى هو إما كبار رجال الأعمال وإما صناديق الاستثمار الخارجية التى ستعيد بيع ما اشترته بثمن أعلى، وهوما يؤدى فى النهاية إلى سيطرة الأقلية على الحد المسموح به نظريا فى كل الشركات.
ثامنا: كيف يأتى التطوير وإدارة الشركات ستظل فى أيدى من اختارتهم الحكومة ولن تحدث زيادة فى رءوس الأموال، أم هل تتخلى الدولة عن الإدارة لمستثمر رئيسى، وهل سيتراجع دور الدولة فى إدارة هذه القطاعات المهمة والتى يقوم عليها الاقتصاد، ومن يضمن أن القطاع الخاص لن يمارس أدوارا احتكارية ولنا أمثلة عديدة من تجارب الخصخصة السابقة، كما أن شراء الأجانب لهذه الأصول من خلال البورصة لن يؤدى إلى تغيير طرق الإنتاج أو الحصول على التكنولوجيا الحديثة بل مجرد المضاربة على أسعار الأسهم.
تاسعا: عندما سئل وزير المالية عن أن الحكومة ستفقد الأرباح والإيرادات التى كانت تحصل عليها بعد بيع هذه الحصص، كانت إجابته أن هذه الموارد قليلة، وهذا أمر غريب من حكومة تعانى ميزانيتها من عجز مزمن ومتزايد وبالتالى تبحث عن كل مورد يضيف لإيراداتها، بل إن الحكومة قد فرضت رسوما على مكررى العمرة لتضيف عدة ملايين لميزانيتها فكيف تتخلى عن مليارات تحصل عليها من هذه الشركات، فلقد حققت شركات قطاع الأعمال العام نحو 8 مليارات جنيه أرباحا عام 2017 ونحو 100 مليار جنيه إيرادات، هذا بخلاف الكيانات التى لا تدرج ضمن الشركات القابضة مثل البنوك وشركات البترول وهى ذات أرباح مرتفعة.
عاشرا: إذا كانت حصيلة هذه المبيعات ستستخدمها الحكومة فى سداد جزء من عجز موازنتها، فماذا ستفعل فى الأعوام القادمة حيث تتزايد الديون وتبلغ قيمة الفوائد نحو نصف إيرادات الموازنة.
أكرر ما كتبته سابقا أن الخصخصة على الطريقة المصرية لن تحل المشكلات بل ستؤدى إلى المزيد من المشكلات، ولكن لا أحد يتعلم من التجارب السابقة بل قدرنا أن الحكومات المتعاقبة تكرر نفس الخطايا وتوهمنا بأن هذا لصالحنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.