بات السؤال الذى يشغل المتعاملين فى القطن المصرى هو: «كعكة ال100 مليون جنيه دعما للقطن ستصبح فى يد من؟» خاصة أن الجميع خسروا فى حلقة القطن الموسم الماضى: الفلاح الذى تراجع عن زراعته بسبب خوفه من عدم توريده لمصانع القطاع العام والخاص فتقلصت المساحة إلى 140 ألف فدان فقط، والتاجر الذى اشترى قنطار القطن من الفلاح بأسعار تراوحت من 800 إلى 1200 جنيه للقنطار، ثم انخفضت الأسعار عالميا فعجز عن بيعه بالسعر الذى يرضيه، والمصدرون بدورهم فشلوا فى تصديره بسبب الأزمة العالمية. السؤال ذاته حول الدعم سيشغل بال المجتمعين مساء اليوم «الثلاثاء» بوزارة الزراعة، ويحضره وزيرا الزراعة والتجارة والصناعة وممثلو المصنعين والتجار والمزارعين والمصدرون؛ بعد أن دعم مجلس الوزراء «القطن المصرى» بمبلغ 100 مليون جنيه إثر مذكرة المهندس عادل عزى، رئيس اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن فى الداخل، التى طالب فيها د. نظيف بتفعيل قراره الصادر فى 6/8/2007 بدعم القطن بواقع 150 جنيها لكل قنطار تتسلمه المغازل المحلية من محصول السنة الحالية والماضية، بمبلغ 300 مليون جنيه. وحسب مصدر مطلع فى وزارة الزراعة فإن الاجتماع سيقر أوجه صرف الدعم الذى حصلت وزارة الزراعة عليه، ولكن د. محمد عبدالحميد مدير معهد بحوث القطن بالمركز البحوث الزراعية أكد أن الدعم كان يجب أن يذهب من البداية إلى المزارع، لتشجيعه على زراعة الأصناف العالية من القطن، ولكن الآن أصبح من مصلحتنا أن تأخذ شركات الغزل القطاع العام نصيبا من الدعم حتى لا يلجأ إلى استيراد القطن من الخارج، والذى يأتى مدعوما بنسب تتراوح بين 30 % و40%. وكان الأجدى من كل هذا يضيف د. عبدالحميد أن تتفق الحكومة مع المزارع على سعر تعاقدى من البداية، وليس سعرا استرشاديا، لأنه غير ملزم للشركات. وبعد أن نفضت وزارة الزراعة يدها عن تسويق القطن وتركت هذا الدور لوزارة التجارة أصبح المزارع رهينا لقرارات التاجر، فضاعت صناعة القطن بسبب القرارات العشوائية. وأوضح مدير معهد بحوث القطن أن خامة القطن المصرى لا تزال ممتازة، ولكنها تستخدم فى صناعة متخلفة جدا، لأنها تذهب لمغازل القطاع العام الذى أرهقته المديونيات وتحتاج آلاته للإحلال والتجديد، فى حين أن هذه الشركات تحتاج لخامات رخيصة تستوردها من الخارج لتحقيق هامش ربح كافٍ، أما القطن المصرى فيجب أن يعاد النظر فى آليات تسويقه وتصديره للخارج كأغزال بأسعار جيدة، بحيث لا نظلم الفلاح ولا شركات القطاع العام أو الشركة القابضة للقطن، وهذا لن يتحقق بدون عودة دور تسويق القطن إلى وزارة الزراعة. على كل حال فدعم مجلس الوزراء القطن ب100 مليون جنيه ينطبق عليه المثل الشعبى «الكحكة فى إيد اليتيم عجبة»، بعد أن انكمشت من 300 مليون إلى 150 مليونا ثم مائة مليون فقط، ورغم هذا يقول د. محمد عبدالسلام رئيس جمعية القطن المصرى: إن المبلغ المقرر صرفه «أحسن من مفيش»، خاصة فى ظل الإقبال الضعيف من جانب المنتجين وتدهور حالة القطن المصرى، لكن الأجدى الآن إعلان وزارة الزراعة خلال الأيام الحالية سعر توريد القطن للمحالج، باعتبار أن موسم زراعته سيبدأ منتصف الشهر الحالى فى الوجه البحرى، والحكومة لم تحدد سياستها بعد، «ولا أعرف إن كانت مترددة أم ليست مدركة لأهمية الوقت، أم أنها تتعمد إهدار ثروتها من القطن على هذا النحو».